تشهد العلاقات المصرية مع إيران تحولات جديدة ومثيرة للاهتمام في ضوء الواقع الإقليمي والدولي الراهن وتسلم تنظيم الإخوان المسلمين السلطة في مصر. فبعد قطيعة دامت نحو 30 عاما ً تعود الزيارات الدبلوماسية لتشغل حيزاً واسعاً من الأحاديث حول مستقبل العلاقات بين مصر وإيران
• يزور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القاهرة الأسبوع القادم ليكون أول رئيس إيراني يزور مصر منذ انتصار الثورة الإيرانية.
أثار انتهاء الجولة الأخيرة من المحادثات بين إيران ومجموعة دول (5+1)، التي عقدت في كازاخستان، حول برنامجها النووي، دون التوصل إلى نتائج، الكثير من التساؤلات حول مستقبل المحادثات بهذا الشأن، وجدوى الضغوطات التي يمارسها الغرب على إيران، للتخلّي عن برنامجها النووي، وبخاصّة بعد تدشين طهران معامل جديدة لتصنيع اليورانيوم والتلويح بإمكانية رفع مستوى التخصيب إلى 50%
قالت مصادر دبلوماسية إن روسيا والصين تضغطان على الوكالة الدولية للطاقة الذرية كي لا تصدر تقريراً ربما يشير إلى أبعاد عسكرية لبرنامج إيران النووي, وقالت موسكو إن التقرير قد يضر بالجهود الرامية لتسوية هذه القضية.
ونقلت وكالة فرانس برس عن دبلوماسي غربي قوله إن الروس والصينيين يضغطون حتى لا يتضمن التقرير المنتظر صدوره الشهر المقبل استنتاجات قوية بأن للبرنامج النووي الإيراني أغراضاً عسكرية تصب في إنتاج سلاح نووي.
غير أن دبلوماسيا آخر لدى الوكالة الذرية قال إنه يتوقع أن يستبق رئيس الوكالة, الياباني يوكيا أمانو, على المساعي الروسية والصينية, وأن ينشر التقرير في الأسبوع الذي يسبق اجتماعاً مقرراً لمجلس محافظي الوكالة الذرية يومي 17 و18 تشرين الثاني المقبل.
وقال مبعوث في فيينا إن سفيري روسيا والصين لدى الوكالة تقدما بطلب مشترك لأمانو مؤخراً، قالا فيه إنه يتعين اطلاع إيران على المعلومات والتعليق عليها قبل نشرها.
وكان أمانو قد قال الشهر الماضي إنه يشعر بقلق متزايد من توسع الأنشطة النووية الإيرانية بما في ذلك عمليات تخصيب اليورانيوم, مضيفاً أن الوكالة جمعت معلومات بهذا الشأن بوسائلها الخاصة ومن دول أعضاء.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين غربيين اعتقادهم أن التقرير سيزيد من الشكوك في أن إيران ربما تعمل على تطوير صاروخ نووي، مما سيعزز موقفهم بفرض عقوبات إضافية عليها.
بدورها قالت الخارجية الروسية إن توقيت صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يسد الطريق أمام أي فرصة لإجراء محادثات جادة بخصوص الملف النووي الإيراني في وقت سبق لواشنطن أن لوحت مؤخراً بملف تصعيدي آخر بوجه إيران يتعلق باتهامها بمؤامرة مزعومة لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير.
كما دعت الخارجية الروسية الوكالة إلى التحلي بمزيد من الكياسة فيما يتعلق بنشر التقرير ربع السنوي عن القضية الإيرانية, ووبّخت الوكالة لتسريب معلومات عن هذا الموضوع. وتابعت في بيان ما من شك في أنه (التقرير) سيوتر المناخ, وقد يعوق البدء في إجراء مفاوضات جادة».
وقالت أيضاً إن هذا الموضوع الحساس «يتطلب تعاملاً محايداً ومسؤولاً, وهو ما يصعب توفره في ظل هذا الضجيج الدعائي الذي بدأ حتى قبل نشر تقرير المدير العام لوكالة الطاقة الذرية»، على حد تعبيرها.
وكانت روسيا- التي تربطها بإيران صلات قوية- قد عرضت التوسط في البحث عن حل بشأن الملف النووي للنزاع بين طهران والغرب.
ومنذ انهيار المفاوضات بين القوى الكبرى وإيران في كانون الثاني الماضي، تتبنى روسيا خطة مرحلية تعالج إيران بمقتضاها بواعث القلق من أنها ربما تسعى للحصول على أسلحة نووية مقابل تخفيف العقوبات عنها.
وفي الأثناء, قال أحمد أحاني نائب وزير الخارجية الإيراني إن بلاده بصدد صياغة رد على رسالة للممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون بشأن استئناف المفاوضات بين إيران والقوى الست الكبرى (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا).
وأضاف المسؤول المكلف بالشؤون الأوروبية والأميركية أن كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي سيرسل الرد المطلوب في الوقت المناسب, ملاحظا أن رسالة أشتون صيغت بلهجة أخف مما كان في السابق.
ولكن الاتحاد الأوروبي كان قد لوح في ختام قمة بروكسل بفرض مزيد من العقوبات على إيران في حال ظلت تمتنع عن استئناف المفاوضات المتعددة الأطراف حول ملفها النووي.
ورد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بانتقادات حادة للأوروبيين الذين طالبوا طهران بالتخلي عن شروطها للتفاوض.
وقال صالحي- في رسالة إلى مؤتمر إيراني حول العلاقات مع الاتحاد الأوروبي- «من الأفضل للاتحاد الأوروبي بدلاً من خلق صورة غير حقيقية ومضللة لبرنامج إيران النووي، أن يفكر بشأن الخطر الحقيقي الذي يمثله مخزون الأسلحة النووية في أوروبا».
تشهد المنطقة العربية وجوارها الإقليمي تأزّماً شديداً نتيجة تراكم القضايا العالقة من الماضي القريب، وتفاعلات ممّا حدث ويحدث في الحاضر من انتفاضاتٍ شعبية عربية.
يتحاشى المحلّلون العسكريون للناتو والولايات المتحدة عرضاً، مسألة تساقط الغبار المشع والتلوث الإشعاعي نتيجة استخدام «أسلحةً نوويةً تكتيكية» في العدوان المخطط على إيران، في حين أنها ستكون كارثيةً، وستؤثّر على مساحاتٍ شاسعة من منطقة الشرق الأوسط (ومن ضمنها «إسرائيل») وآسيا الوسطى.
في منطقٍ ملتوٍ، تقدّم الأسلحة النووية بوصفها أداةً لبناء السلام ومنع «الأضرار الجانبية»: تشكّل إيران الخالية من الأسلحة النووية تهديداً للأمن العالمي، في حين أنّ الأسلحة النووية الإسرائيلية والأمريكية مجرد أدواتٌ للسلام «لا تتسبب بأي أذى للسكّان المدنيين».
في أعقاب قصف العراق وغزوه في العام 2003، ابتدأ مباشرةً تخزين ونشر أنظمة تسلّحٍ متطوّرة موجّهة نحو إيران. منذ البداية، قادت الولايات المتحدة خطط الحرب تلك بالارتباط مع الناتو و«إسرائيل».
بعد غزو العراق، نظرت إدارة بوش إلى إيران وسورية بوصفهما المرحلة التالية من «خارطة طريق الحرب»، وقد صرّحت مصادر عسكرية أمريكية أنّ هجوماً جوياً على إيران قد يتضمّن حشداً واسع المدى مقارنةً بغارات القصف على العراق في آذار 2003: «ستفوق الضربات الجوية الأمريكية على إيران مدى الهجوم الإسرائيلي في العام 1981 على مفاعل تموز النووي العراقي وستكون أشبه بالأيام الافتتاحية للحملة الجوية على العراق في العام 2003».