افتتاحية قاسيون 1244: من يصمد ينتصر... من يُفرّط يُهزم!

افتتاحية قاسيون 1244: من يصمد ينتصر... من يُفرّط يُهزم!

تتحدث مصادر رسمية وصحافية، سورية وغير سورية، عن احتمال توقيع قريب لـ«اتفاق أمني» مع الكيان «الإسرائيلي» برعاية أمريكية، وتتضمن الأحاديث تفاصيل متعددة حول ماهية الاتفاق المفترض. وبغض النظر عن صحة ما يشاع أو عدم صحته، فإن المشترك بين هذه الأحاديث جميعها، هو أنها تتضمن تفريطاً سورياً وتنازلاً للمحتل، مقابل «ضماناتٍ ما» أمنية أو غير أمنية، وحديثٍ عن رفع العقوبات الأمريكية التي لم تُرفع بعد، رغم كل الهرج والمرج حول رفعها.

نقطة الانطلاق الأولى في النظر في هذه المسألة، هي حقيقة أن «إسرائيل» لا يمكن الثقة بها بأي حالٍ من الأحوال، وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، ومن يثق بهما ينصب لنفسه فخاً قاتلاً سيقع فيه عاجلاً أو آجلاً، وعاجلاً جداً في ظل التغيّر العاصف والمتسارع في ميزان القوى الدولي والإقليمي.

نقطة الانطلاق الثانية، هي تشخيص الوضع الحقيقي للتوازنات الدولية والإقليمية ولوضع «إسرائيل» نفسها؛ ففي الوقت الذي تُظهر فيه عنجهية وغروراً واستهتاراً وإجراماً غير مسبوق على مختلف الجبهات، فإنها في الحقيقة تعيش حالة تراجع حادٍ وسريع، وأزمة وجودية كبرى.

يكفي النظر إلى شنغهاي وبريكس والتوازنات الاقتصادية والعسكرية والسياسية الجديدة، والنظر في ترجماتها الإقليمية، من التحالف السعودي الباكستاني، إلى التفاهمات بين السعودية وإيران، إلى ضربة قطر، والمناورات المشتركة المصرية التركية، وغيرها الكثير مما يجري على السطح وتحته في منطقتنا والعالم، لفهم أن عصر «الناتو العربي» و«الاعتدال العربي» و«اتفاقات أبراهام» و«الشرق الأوسط الإسرائيلي» قد دُفن وانتهى إلى غير رجعة، وأننا في ربع الساعة الأخير من عمر الهيمنة الأمريكية و«الإسرائيلية» في منطقتنا.

وعليه، فإن النصر اليوم هو فعلاً وقولاً، صبر ساعة؛ فمن يصمد ينتصر، ومن يُفرّط يُهزم. والقول: إننا في حال ضعف كلام حقّ لا ينبغي أن يتم بناء باطل عليه، فضعفنا مؤقت وقابل للمعالجة، أما ضعف عدونا فاستراتيجي ووجودي ولا حل له... وإذاً، من يصمد ينتصر ومن يُفرّط يُهزم، وأي اتفاق يُعقد مع الكيان، إنْ تضمن تفريطاً بأي حق من الحقوق السورية في وحدة سورية وسيادتها على كامل أرضها، وفي وحدة شعبها، سيطيح بمن يوقعه، أيّاً يكنْ.

إن أي أوهام حول تأمين الاستقرار من خلال اتفاقات مع الخارج، أو تقديم تنازلات له من أي نوع، هي أوهام شديدة الضرر بسورية وبالسوريين وبمن يحملها، وهي أوهام قاتلة إذا كانت موجهة نحو الأمريكان و«الإسرائيليين».

 

تأمين البلاد ووحدتها وحقوقها يبدأ بتحقيق الأولوية التي لا تعلو عليها أولوية، وهي توحيد السوريين وإغلاق ثغرات التدخل الخارجي، وهذا طريقه واحد لا بديل عنه، وهو الحل السياسي الشامل على أساس جوهر القرار 2254، وعبر مؤتمر وطني عام يحقق مشاركة سياسية فعلية للشعب السوري في تقرير مصيره، وصولاً لدستور دائم وانتخابات حرة ونزيهة...

(English Version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1244
آخر تعديل على الأحد, 21 أيلول/سبتمبر 2025 19:20