لماذا تذكر الإعلام الغربي مجازر الساحل فجأة؟

لماذا تذكر الإعلام الغربي مجازر الساحل فجأة؟

خلال الأيام القليلة الماضية، وكأنما بكبسة زر، بدأت وسائل إعلام غربية كبرى، وبشكل متزامن، بنشر تقارير عن المجازر التي ارتكبت في الساحل السوري مطلع شهر آذار، أي قبل أربعة أشهر، بينها رويترز وفرانس 24 وDW الألمانية وغيرها. وذلك بالتوازي مع اقتراب الموعد النهائي لإعلان «اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق في أحداث الساحل السوري» عن نتائج عملها، والذي من المفترض أن يجري في الأيام القليلة القادمة.

إنصاف الشهداء السوريين ومحاسبة المجرمين هو حق وواجب، وهو ضرورة من ضرورات السلم الأهلي والحفاظ على وحدة البلاد وأهلها، وهو أمر ينبغي للسوريين العمل من أجله ومن أجل تحييد كل أنواع التحريض الطائفي وكل الممارسات الثأرية... وهي كلمة حق، ولكن مع ذلك ينبغي أن نفهم توقيتها والغاية منها؛ فوسائل الإعلام الغربية قد تنطق بالحق أحياناً، ولكنها غالباً ما تريد به باطلاً؛ فوسائل الإعلام هذه نفسها، تغمض عينيها بشكل كامل تقريباً عن المجازر اليومية التي يرتكبها «الإسرائيلي» في غزة وفي الضفة الغربية طوال السنة والنصف الماضية... ولذا، ومع الضرورة المطلقة لإنصاف الشهداء وتحقيق المحاسبة والعدالة، علينا أن نسأل لماذا يقول الإعلام الغربي الآن بالضبط ما يقوله؟

إذا حاولنا وضع الأمور في سياقها، فإن ما يدفع نحوه الإعلام الغربي، ومن خلفه الأمريكي و«الإسرائيلي»، ليس تحقيق العدالة، بل العكس تماماً؛ أي محاولة الدفع نحو التفجير الداخلي في سورية مجدداً، وبنطاقات أوسع وأكثر خطورة، وباستخدام كل التناقضات الثانوية القومية والدينية والطائفية، وبالضد من مصالح كل السوريين بمختلف انتماءاتهم... أي أنه وباسم الدم المهدور، يحاول الدفع باتجاه هدر مزيد ومزيد من دماء السوريين...

وإذا كان الأمر كذلك، فما العمل؟ هل الحل هو أن نضع رؤوسنا في الرمل ونتحدث عن «مؤامرة كونية» على طريقة النظام الساقط؟ قطعاً لا... الحل هو بمصارحة السوريين بالحقائق وطلب مساندتهم، بالضبط عبر توحيدهم وعبر إشراكهم بشكل حقيقي في تقرير مصيرهم بأنفسهم، وبأسرع وقت. المخرج الفعلي يتضمن خروج نتائج تحقيق شفافة ونزيهة وحقيقية، ومحاسبة المسؤولين، وبالتوازي الذهاب سريعاً نحو مؤتمر وطني عام بصلاحيات تأسيسية متكاملة، وبتمثيل حقيقي للشعب السوري، بحيث يتمكن من طرح مشاكله على الطاولة والبحث بشكل مشترك عن حلول لها على أساس المواطنة السورية المتساوية بغض النظر عن القومية أو الدين أو الطائفة.

عبر المؤتمر الوطني العام، يمكن للسوريين الوصول إلى تصور مشترك حول مستقبل بلادهم ونظام الحكم فيها، ووضع أسس الدستور الدائم، وإنتاج حكومة وحدة وطنية شاملة وواسعة التمثيل، تقود البلاد ضمن المرحلة الانتقالية وباتجاه انتخابات حرة ونزيهة تكون نقطة البدء في مرحلة جديدة عنوانها هي حكم الشعب بالشعب ومن أجل الشعب...

معلومات إضافية

العدد رقم:
0000