جينات الموقف الوطني أكثر أصالة مما يعتقدون!
ليس صعباً أن ندرك أن مزاج السوريين تجاه «إسرائيل» تأثر بجملة من العوامل، كان أبرزها استخدامها من قبل النظام السوري بوصفها «شماعة» يبرر من خلالها كل الظلم والتجويع الذي مارسه. ومع اشتداد العقوبات كان من السهل عرض المسألة أمام الناس كما لو أن ما تعرضوا له كان نتيجةً لموقفهم المعادي لـ «إسرائيل»، وإذا ما أرادوا أن يعيشوا حياة كريمة فهم مجبرون على تعديل هذا الموقف.
المثير للاهتمام أنه في السنوات الأخيرة من حكم بشار الأسد سرّبت أفرع الأمن هذا النمط من الأفكار، وبثت أفكاراً تحضر السوريين إلى موقفٍ جديد من «إسرائيل» والغرب ووضع السوريين أمام خيارين: إما أن تجوعوا وتقاوموا «إسرائيل» أو أن تقبلوا باتفاق وتعيشوا بالنعيم! وكان من الواضح حجم الكذب والتضليل في هذه الثنائية حتى أنّها لا تصمد أمام محاججات بسيطة يستطيع القيام بها طالبٌ في المدرسة الابتدائية!
فمصر مثلاً وبعد كامب ديفيد تحوّلت من بلد مستقر اقتصادياً واجتماعياً ووزن أساسي في الإقليم والعالم العربي، إلى بلدٍ ضعيف باقتصاد تابع لا يملك أدنى مقومات الاستقلالية، والأهم في المثال المصري هو أن الكيان الصهيوني اليوم يمثل الخطر الأكبر على مصر، فرغم اتفاقية كامب دايفيد والتنسيق الأمني القائم والعلاقات الطيبة مع الغرب، لم تستطع مصر حماية نفسها من الغدر وتجد نفسها اليوم مستهدفة، ولكن بفارق وحيد وهو أنّها أضعف مما كانت عليه قبل الاتفاق!
بالعودة إلى سورية نقول إن الموقع المعادي «لإسرائيل» هو أقدم من النظام السوري البائد، ولم يكن يوماً إملاءً على الشعب السوري من أي نظامٍ سابق أو حالي، بل كان نتيجة موروث جيني عريق، استطاع أبناء هذا البلد من خلاله تمييز أعدائهم ومصادر الخطر الكبرى، وعندما يظهر أي اهتزاز في مزاج الناس حيال قضية ما، فهذا لا يكفي للقول بأن الموقف قد تغير، بل هو موجود لكن الأنظمة رمت فوقه بؤسها أملاً في طمسه إلى الأبد، فعند أول احتكاك بين أبناء درعا مع العدو منذ عقود، شعروا كما لو أن جيناتهم عرفت العدو جيداً وعرفت الطريقة الوحيدة المناسبة للتعامل معه!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0000