كيف نحدد المنتصر والمهزوم؟
انتهت حرب الـ12 يوماً بين «إسرائيل» مدعومةً من أمريكا، وبين إيران. والآن يعلن كل طرف من أطراف هذه الحرب انتصاره وهزيمة الطرف الآخر؛ فمن علينا أن نصدق وكيف يمكننا تحديد النتيجة الحقيقية؟
قبل كل شيء، فإن النتيجة تهمنا فعلاً في سورية، لأنها ستؤثر علينا بشكل مباشر؛ إيران لم يعد لها وزن فعلي في سورية أو تأثير حقيقي مباشر فيها، ولكن بالمقابل فإن «إسرائيل» تغولت وتمددت على أجزاء إضافية من أراضينا، وهي لا تتوقف عن قصف أراضينا، ولا تتوقف عن العمل العلني والسري من أجل الدفع نحو تقسيم سورية على أسس طائفية وقومية ودينية، ويقول ذلك مسؤولوها بشكل علني صباح مساء... وأكثر من ذلك كله، فإنها تحاول وضع كل الأطراف السورية، بما فيها السلطات الجديدة في دمشق، تحت ابتزاز مباشر وبتهديد السلاح، ولعل الضربات الجوية التي وجهتها إلى محيط القصر الجمهوري مثال مباشر على عملية الابتزاز هذه... بهذا المعنى فإن خسارة «إسرائيل» وتراجعها، حتى وإنْ جزئياً، هي بالتأكيد في مصلحتنا كسوريين، لأن ضعفها وتراجعها يجعلها أقل قدرة على ممارسة التخريب الذي تمارسه فعلاً داخل أراضينا...
بالعودة إلى السؤال، فإن ما يحدد المنتصر والمهزوم هو تحقيق أو عدم تحقيق الأهداف السياسية، ليس فقط المعلنة ولكن غير المعلنة أيضاً. المهاجم، «الإسرائيلي» والأمريكي، ذهب بعيداً في الأهداف التي وضعها، فلم يكتف بالحديث عن المشروع النووي بل وأيضاً عن تغيير النظام الإيراني وعن تغيير المنطقة ككل وعن «استسلام غير مشروط»... والواقع يقول، والتقارير الأمريكية ضمناً، أنه لم يحقق أياً من هذه الأهداف. بالتوازي فإن حجم الخسائر التي تلقاها الكيان، ورغم أنها أقل من تلك التي تلقتها إيران، إلا أنها غير مسبوقة عبر تاريخه كاملاً... وينبغي الانتباه إلى الفارق النوعي في درجات التحمل؛ فشعوب منطقتنا قادرة على احتمال خسائر أكبر بكثير مما يستطيع الكيان احتماله، بالضبط لأنه كيان استيطاني غريب عن هذه الأرض وحياته قائمة على الرفاهية والأمان، وأي اختلال في أي من هذين العنصرين يمكنه أن يشكل تهديداً كبيراً له.
بالمحصلة، يمكن القول إن هذه الحرب هي جولة ضمن حرب مستمرة، وأن الفائز بالنقاط في هذه الجولة هو إيران... بانتظار الجولة القادمة!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 000