ماذا وراء عودة نشاط «داعش»
عماد طحان عماد طحان

ماذا وراء عودة نشاط «داعش»

ظهرت خلال الشهرين الماضين مؤشرات واضحة على عودة النشاط العلني لتنظيم داعش في مناطق متعددة من سورية، بما في ذلك هجومان ضد القوات الحكومية الجديدة في 22 و28 من الشهر الماضي في منطقة تلول الصفا في محافظة السويداء، وثلاث عمليات أيام 5 و15 و25 من الشهر الماضي ضد قوات قسد والقوات الحكومية في الشمال الشرقي وفي دير الزور والرقة، إضافة إلى تصريحات لوزارة الداخلية عن ارتفاع ملحوظ لنشاط داعش وسيطرتها على مخازن أسلحة، وعن تنفيذ الوزارة لثلاث عمليات ضد خلايا لداعش في حلب وريف دمشق ودير الزور خلال الأسبوعين الأخيرين.

محاولة فهم السياق الذي تتصاعد ضمنه عمليات داعش، يمكن أن تقودنا للنظر بمجموعة من العوامل والأسباب ربما يكون بين أهمها ما يلي:

أولاً: النشاط «الإسرائيلي»

ليس خافياً على أحد أن «الإسرائيلي» يبذل قصارى جهده، وعبر مختلف الأدوات والوسائل، لمنع الوصول إلى استقرار في سورية؛ هذا الأمر واضح في تصريحاته وفي سلوكه العملي.
ولذا ليس من المستبعد أن يكون «الإسرائيلي» نفسه، مسؤولاً- على الأقل جزئياً- عن تنشيط خلايا نائمة لداعش في مناطق مختلفة من البلاد، لتفعيل ديناميات الفوضى الداخلية من جهة، ولمحاولة قطع الطريق على احتمال الانسحاب العسكري الأمريكي من سورية، والذي يرى «الإسرائيلي» أنه تهديد لنفوذه ووزنه ليس ضمن سورية فحسب، بل وضمن المنطقة ككل.

ثانياً: احتمال التوافق بين السلطة القائمة وقسد

بعد توقيع اتفاق 10 آذار بين الشرع وعبدي، والذي وضع الخطوط العامة الأساسية لاتفاق يمتد تنفيذه حتى نهاية العام الجاري، بات وضع ما تبقى من داعش سواء في السجون أو كخلايا نائمة في المدن أو كتجمعات متحصنة في البادية، وضعاً حرجاً ومهدداً.
تعزز الوضع القلق لداعش مع تقدم التسوية التاريخية الخاصة بالقضية الكردية في تركيا، والتي من شأن اكتمالها أن ينعكس إيجاباً على كل المنطقة، وأن يغلق ثغرات كبرى كان يستفيد منها تنظيم داعش.
هذان العاملان المتداخلان، يستدعيان استنفاراً ضمن صفوف داعش، ويستدعيان التحول من الكمون والترقب إلى حالة العمل النشط، لأن البقاء في حالة الكمون مع تطور الظروف المحيطة بالتنظيم يمكنها أن تقوض احتمالات بقائه بشكل كبير وسريع.

ثالثاً: التناقضات الداخلية

مع رفع العقوبات الأمريكية عن سورية، واتجاه السلطات القائمة نحو نمط محدد من العلاقات الدولية، ومن طرق الإدارة الحكومية، بدأت التناقضات الداخلية بين «رفاق السلاح» بالارتفاع بشكل موضوعي؛ فالجماعات والتنظيمات ذات التوجه المتطرف، وخاصة ضمن الأجانب، لا ترى في سورية مشروع وطن، بل مجرد محطة باتجاه «جهاد عالمي». ولذا، فإنه من غير المستغرب أن تستقطب داعش أفراداً ومجموعات محسوبة حالياً ضمن القوات والفصائل التابعة للسلطات القائمة في دمشق؛ وبالفعل فقد وصفت داعش في فيديوهات تحريضية خلال الشهر الماضي الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع بأنه «مرتد»، ودعت إلى «الخروج عليه».

ما العمل؟

لا شك أن الجانب الأمني في التعامل مع محاولات داعش العودة إلى نشاط تخريبي واسع، هو جانب مهم، ولا يمكن المضي قدماً دون قدر من التعويل عليه. ولكن في الوقت نفسه، فإن تقويض وإنهاء داعش لا يمكن بحال من الأحوال أن يتم بالوسائل الأمنية وبالحلول الأمنية وحدها؛ فالجزء الأهم والأصعب من التعامل معها هو الجانب السياسي والاجتماعي، خاصة وأن أفراداً وجماعات متعاطفة مع داعش أو على الأقل قريبة منها، موجودة الآن في مواقع متعددة وحساسة ضمن البلاد. لذلك كله، فإن المطلوب هو كسر التوازن بشكل حاسم ليكون ضد داعش، وهذا يتطلب مد اليد للمجتمع السوري والتعاون معه والاستناد إليه، بكل أديانه وطوائفه وقومياته واتجاهاته السياسية... بهذه الطريقة فقط يمكن ضمان إنهاء ظاهرة داعش بشكل كامل، ويمكن ضمان ألا تتحول إلى لغم كبير تحت الدولة بأسرها يمكن أن ينفجر في أي وقت...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1229