ماذا بعد الساحل، جرمانا، صحنايا، والسويداء؟

ماذا بعد الساحل، جرمانا، صحنايا، والسويداء؟

هدأت الأمور قليلاً في جرمانا وصحنايا والسويداء. ويمكن القول إن موجة جديدة من العنف والقتل والاقتتال والفوضى، قد مرّت، رغم أنها تركت وراءها الكثير من الضحايا والخسائر والآلام في جسد شعبٍ لم تشفَ جراحه القديمة بعد.

قبل هذه الموجة، كانت الموجة المرعبة للجرائم والانتهاكات التي جرت في الساحل السوري، والتي تحولت إلى جرح مفتوح ووصمة عار وندبة لن تزول ببساطة من الجسد السوري المنهك.
في كلتا الموجتين، كان المشترك أموراً أربعة:
أولاً: الخطاب والسلوك الطائفي والتحريضي بوصفه مشعلاً للفتنة ومغذياً لها.
ثانياً: لعب السلوك الرسمي المحابي للنزعات التحريضية، والمتباطئ في ضبط الأمور على الأرض، دوراً سلبياً في تعميق الأزمات.
ثالثاً: لعب سلوك بعض «النخب» الطائفية، وخاصة منها من طالب بالحماية الدولية والتدخل الخارجي، دوراً مكملاً ومساعداً في عملية التحريض والاقتتال ذي الطبيعة الطائفية.
رابعاً: التدخل «الإسرائيلي» المعلن وغير المعلن، كان عاملاً مشتركاً وثابتاً ضمن كل الأحداث التخريبية التي جرت. وتجلى هذا التدخل عبر أشكال معقدة وعديدة، ابتداءً من وسائل التواصل الاجتماعي، ومروراً بالاختراقات التي راكمها الصهيوني ضمن كل الأطراف، ووصولاً إلى التدخل العسكري والسياسي المباشر عبر الدعوة لتقسيم سورية، بل وحتى إنهائها كوحدة جغرافية سياسية.
خامساً: لعب السوريون العاديون، من كل الأديان والطوائف، الدور الأهم في إطفاء نار الفتنة، وفي تحكيم العقل والخطاب الوطني الجامع، وأظهروا درجات متقدمة من الوعي تصلح مرجعاً ومعلماً لمن يرغب في الحفاظ على البلاد ووحدتها وسيادتها.
والآن، وقد جرى ما جرى، يبقى السؤال هو ما التالي؟ وما الذي يمكن أن يجري؟ وهنا يمكن تسجيل النقاط التالية:
أولاً: واهمٌ من يظن أن محصلة الأحداث التي جرت خلال الشهرين الماضيين، هي تمكينٌ إضافي لأي قوة من القوى على الساحة السورية، بما فيها السلطة القائمة. الحقيقة هي أن ما جرى أضعف كل الأطراف السورية على الإطلاق، وزاد من قوة وتأثير التدخلات الخارجية.
ثانياً: هذه الأحداث ستتكرر بالضرورة، في المناطق نفسها أو في مناطق أخرى، وبصورة أشد خطورةً، ما لم يتم الانخراط سريعاً في حلول جذرية تمنع تكرارها؛ أي أن الفوضى ستبقى سيدة الموقف ما لم يتم الاتجاه سريعاً نحو عمل حقيقي لتوحيد الشعب السوري على أساس مصالحه المشتركة، وبعيداً عن تقسيمه على أسس طائفية وقومية ودينية.
ثالثاً: النافذة الزمنية أمام الإجراءات اللازمة لتوحيد السوريين ومنع الاحتمالات الخطرة بما فيها التقسيم، ليست مفتوحة وليست كبيرة. وينبغي استثمارها سريعاً عبر العمل من أجل مؤتمر وطني عام يحقق تمثيلاً فعلياً للسوريين، كل السوريين، وتنتج عنه حكومة وحدة وطنية شاملة ووازنة تقود البلاد موحدة أرضاً وشعباً إلى بر الأمان.

معلومات إضافية

العدد رقم:
000