الطائفية سمٌّ قاتل!

الطائفية سمٌّ قاتل!

تعيش سورية لحظات حساسة وخطيرة... هذا ما يتفق عليه الجميع، ولا يغيب عن السوريين أن خطر انجرار البلاد إلى مواجهات طائفية لا يزال حاضراً ولا يمكن الاستخفاف به أو حتى تجاهله، وعند نقاش هذه المسألة يبدو الجميع متفقين على «نبذ الطائفية» لكن تأكيد ذلك لا يعني أن المهمة قد أنجزت، فعلينا أن نفهم أولاً أن الخطاب الطائفي الذي يُسمع هنا وهناك هو جزئياً نتيجة للجروح التي لم تندمل بعد، وأن انتشار هذه المواقف ناتج أولاً عن الغربة التي عاشها السوريون عن بعضهم البعض؛ فسنوات طويلة من القتال وما نتج عنها من عداوات لن تزول بين يوم وليلة ولا يمكن علاجها ببعض المواعظ بل يجب التعاطي معها بحزم شديد لكونها دعوة ضمنية لتجدد القتال ودفع السوريين للتحارب فيما بينهم بدلاً من الانخراط في بناء وطن لكل السوريين.

في ظل الاحتقان الشديد في المجتمع قد يبدو الخطاب الطائفي شكلاً من أشكال التنفيس، تماماً مثلما جرى في منطقة الشيخ سعد في دمشق، فبعد أن ألقي القبض على أحد المتورطين نادى بعض المحتشدين بشعارات طائفية وهذه ليست المرة الأولى التي نشهد حوادث مشابهة، ولن تكون الأخيرة، لكن وإذا عدنا قليلاً إلى التاريخ لعرفنا أن تأجيج المشاعر الطائفية كان سلاحاً استخدم ضد السوريين أنفسهم؛ فعندما لجأ الاستعمار الفرنسي لهذه السياسة كان يبغي في حينه قسم السوريين لأن وحدتهم كانت العقبة الأساسية بوجه المشروع الاستعماري، وعلى الرغم من أن الاختلافات الدينية والمذهبية كانت ولا تزال موجودة في المجتمع، إلا أن السوريين كانوا يعرفون أن مصلحتهم تقتضي التعاون فيما بينهم لقطع يد ناهبيهم الفرنسيين، وعلى هذا الأساس تحوّل كلُّ خطاب طائفي بنظر عموم  الناس إلى خطرٍ ينبغي الترفّعُ عنه وتجنب الانزلاق إليه، لأنه يتعارض ببساطة مع مصالح الشعب السوري، ولذلك كانت اللحمة الوطنية بمثابة طوق نجاة وليست مجرّد «مواعظ أخلاقية»... النظام السابق فرّغ المسألة من مضمونها حتى نسي الملايين أن بقاءهم في وحدتهم مرهون بالحفاظ على هذه اللحمة، لذلك فإن خروج هذه الشعارات، حتى وإن كانت محدودة، تفرض على الجميع رفضها وعزل أصحابها أياً كان موقعهم، فهؤلاء يقامرون بسورية الموحدة وبالتالي يقامرون بمصالح  الشعب السوري.

معلومات إضافية

العدد رقم:
000