أي نظام نريد؟!

أي نظام نريد؟!

بعد سقوط النظام السوري غير المأسوف عليه، لم يحصل السوريون على فرصة لتحديد شكل وطبيعة النظام السياسي الجديد، وفي الحقيقة وجود أي نظام سياسي يرتبط بالدرجة الأولى بوجود توافق واسع داخل شرائح المجتمع؛ فحتى في حالات الانقلاب على سلطة قائمة، فإن السلطات الجديدة كانت تضطر دائماً للبحث عن هذا التوافق وتعبر عنه، وعند ذلك فقط يمكن أن تبدأ عملية بناء نظامٍ سياسي جديد. ولا شك أن أي نظام سياسي كان، يحاول أن يستند في شرعيته إلى أوسع تمثيل ممكن في المجتمع، ويمارس عبره قمع من هم خارج التوافق الوطني الواسع، والقمع المقصود هنا ليس سياسة تكميم الأفواه أو الاستئثار بالسلطة، بل يعني فعلياً تعطيل قدرة من يعيقون بناء المشروع الوطني الجديد.

في سورية مثلاً، كان الحديث عن الإصلاح الزراعي في زمن الوحدة يعبّر عن مصالح فئات واسعة من الفلاحين ولكنّه في الوقت نفسه كان يتعارض مع مصالح أصحاب الملكيات الزراعية الكبيرة، وعندما انتزعت ملكيات الإقطاعيين كان ذلك يتماشى مع مصالح ملايين الفلاحين الفقراء الذين عملوا في أرض تذهب غالبية خيراتها إلى الآغوات!
المثال السابق يسمح لنا بمقاربة واقعنا اليوم؛ فبناء النظام السياسي الجديد حقاً ينبغي أن ينهي النظام السابق لا عبر إبعاد رموزه فحسب، بل وعبر تغيير سياسته التي أضرّت بالشعب السوري وجوّعته، وعبر تغيير الشكل المجحف لتوزيع الثروة التي كانت الغالبية العظمى منها تذهب لجيوب الفاسدين الكبار بينما يترك للسوريين البقايا والفتات.
على هذا الأساس يمكننا القول إن المهمة الأساسية الموضوعة أمامنا اليوم هي الوصول إلى هذا التوافق، أي أن يدرك الشعب السوري مصالحه ويعبر عنها بشكل ملموس، هذا التوافق لا يمكن إملاؤه من «فوق» بل ينبغي أن يخرج من الناس فعلاً وعند ذلك يمكننا القول إن عملية بناء النظام السياسي الجديد قد بدأت فعلاً، ويمكن على هذا الأساس أن يتحوّل القمع من سلاحٍ بيد السلطة إلى سلاح بيد الشعب، يُرفع فقط بوجه من يُضر بمصالح غالبية الناس…

معلومات إضافية

العدد رقم:
000
آخر تعديل على الخميس, 24 نيسان/أبريل 2025 11:41