إعادة الإعمار و«سورية بخير»!

إعادة الإعمار و«سورية بخير»!

يتذكر السوريون جيداً، وبسخرية مرّة، ذلك الوقت الذي رفع فيه بشار الأسد شعار «سورية بخير»، وبدأ الإعلام الرسمي يقيم الاحتفالات والدبكات الشعبية وإلخ، بينما الناس ترى بأم عينها أن سورية ليست بخير إطلاقاً، وأن دماء السوريين تُسفك على الطرقات، وأن الاقتصاد يتعرض للدمار، والناس تهاجر وتهرب من الموت... جوهر ما كان يقصده النظام بشعاره «سورية بخير»، هو: «فلتصمتوا، ولا تتدخلوا، وانتظروا ما ستقوم به القيادة الحكيمة، لأن كل شيء تحت السيطرة».

يحاول البعض اليوم، عن سوء نية أو عن حسن نية، عن معرفة ودراية أو عن بساطة وقصر نظر، أن يقول لنا مرة أخرى «سورية بخير»، و«الأمور تحت السيطرة»، و«انظروا كيف بدأت عملية إعادة الإعمار، والدليل هو عمليات التنظيف التي تجري لجسر الحرية» (جسر الرئيس سابقاً)! بل وانظروا كيف يعرض صندوق النقد والبنك الدوليان أن يقدموا لسورية 300 مليون دولار على مرحلتين، بل وحتى أن السيد عبدالله الدردري، (الذي سبق أن ساهم برفع نسبة الفقر في سورية خلال 5 أعوام من 30% إلى 44%) يعدنا بالعمل لتحرير 500 مليون دولار من أموال الحكومة السورية المجمدة في أوروبا... أنهار الحليب والعسل في طريقها إلينا، فقط انتظروا، لأن «سورية بخير»... و«الأمور تحت السيطرة»!
الحقيقة في مكان آخر كلياً، يمكن تكثيفه بالنقاط التالية:
أولاً: أيها السوري، حين تسمع بقروض من صندوق النقد أو البنك الدولي، فاعلم أن الخراب قادم، وأنه لن يكون هنالك أي إعمار من أي نوع كان، انظر إلى لبنان والعراق وكوسوفو وأفغانستان والسودان وإلخ وإلخ... كل تجارب «الإعمار» هذه، والتي لم تعمر شيئاً، جرت بقروض صندوق النقد والبنك الدوليين.
ثانياً: أيها السوري، لا تتأمل بأي رفع قريب للعقوبات الغربية، وخاصة الأمريكية؛ الأمريكي لديه شروط بعضها معلن وبعضها غير معلن، وهي شروط تعجيزية، ولا تتعلق لا بالتعددية السياسية ولا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان، وهي أداة ابتزاز مستمرة بيد الأمريكي... في العراق عين بول بريمر الحكومة ووضع الدستور بنفسه وعلى هواه، وبقيت العقوبات، وما تزال حتى الآن!
ثالثاً: أيها السوري، لن تهطل الاستثمارات الخارجية على رؤوسنا لا من الدول ولا من رجال الأعمال، ما دام الوضع السياسي والأمني متوتراً، وما دامت العقوبات الغربية قائمة...
رابعاً: أيها السوري، لا حل اقتصادياً لأزماتنا الاقتصادية، الحل سياسي بالدرجة الأولى، ومدخله هو توحيد السوق السورية من جديد عبر توحيد الشعب السوري. وتوحيد الشعب السوري يتطلب مؤتمراً وطنياً عاماً ومشاركة سياسية حقيقية وحكومة وحدة وطنية شاملة.
خامساً: يمكننا النهوض باقتصادنا عبر نموذج اقتصادي نصممه بأنفسنا، وبالرغم من العقوبات الأمريكية والغربية، عبر الاستناد إلى إمكاناتنا المحلية، وإلى الدول ذات المصلحة باستقرار سورية والتي لا تخشى العقوبات الأمريكية، وعلى رأسها الصين...

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
000