التشاؤم والتفاؤل... ووحدة البلاد!

التشاؤم والتفاؤل... ووحدة البلاد!

ينبغي عدم الاستهانة نهائياً بشعور الإحباط الذي بدأ بالتفشي بين قسم مهم من السوريين، بمختلف انتماءاتهم؛ فالفرح بالخلاص من الأسد وسلطته، تبخر إلى حد بعيد تحت ضغط الوضع المعيشي الكارثي والتخبط الإداري الهائل من جهة أولى، وتحت ضغط الاعتداءات الصهيونية شبه اليومية التي تقتل السوريين وتهين كرامتهم الوطنية وتهدد مستقبل بلادهم من جهة ثانية، ونتيجة لمحاولة إحياء أشباح الماضي القريب، أشباح الدم والاقتتال الأهلي الداخلي عبر الأحداث المؤلمة التي جرت في الساحل السوري من جهة ثالثة. وأخيراً بسبب ما يظهر من ميول ومحاولات لاتجاه الاستئثار وتسيير المجتمع بأسره، بكل انتماءاته، وفق منطق الغلبة، وليس وفق منطق الدولة الجامعة لكل أبنائها، والواقفة على مسافة واحدة في إحقاق حقوقهم وواجباتهم.

إن نشر الإحباط واليأس بين السوريين هو الأرضية الأوسع للتدخلات الخارجية، وللعنف، وللدفع باتجاه تخريب البلاد وتقسيمها، ولذا ليس مستغرباً العمل المتواصل الذي تقوم به «إسرائيل» على وجه الخصوص بهذا الاتجاه؛ ليس فقط عبر الضربات العسكرية، بل وأيضاً عبر بث الفتن في كل مكان، وعبر ذبابها الإلكتروني، وعبر مؤثرين «سوريين» يعملون لصالحها.

بالمقابل، فإن الأمل والتفاؤل اليوم، ليسا مسألة نظرية بحتة، بل أداة عملية بيد السوريين للوصول بالبلاد إلى بر الأمان. قراءة الوضع الدولي والإقليمي تسمح بالتفاؤل، لأن العدو الأول لسورية والسوريين، وصاحب مشاريع التقسيم والتفتيت في كل المنطقة، أي الغرب بزعامة الولايات المتحدة وعبر «إسرائيل»، يعيش حالة تراجع شاملة بكل الأبعاد، الاقتصادية والسياسية والعسكرية، رغم ما يحاول إظهاره من عنجهية وتعنت... ومصداق ذلك الأول هو الأرقام الاقتصادية التي تحدد كل شيء في نهاية المطاف.

بالمعنى العملي، فإن شعباً يحمل أملاً بالنهوض، هو شعب لن يلجأ للعنف ولن يحاول الهروب من بلاده، بل سيلجأ لتنظيم صفوفه في عمل سياسي وطني سلمي، يكون أداة بيده في تغيير الواقع البائس نحو الأفضل. ولذا فإن سورية تحتاج إلى رؤية مشتركة، إلى حلم مشترك يعمل السوريون معاً لتحقيقه، وهذا يتطلب توسيع المشاركة السياسية والذهاب بسرعة نحو مؤتمر وطني عام يضع الأساس القانوني لانتقال سلس وسلمي نحو بر الأمان.

السوريون محكومون بالأمل وفقاً للراحل سعد الله ونوس، ومحكومون بالانتصار أيضاً، بانتصارهم جميعاً، على المجرمين والفاسدين الكبار في الداخل، وعلى تدخلات الخارج، والطريق واضح وبين: الوحدة الوطنية والمواطنة المتساوية التي يكون فيها السوري مساوياً للسوري، ويكون فيها دم السوري على السوري حراماً...

معلومات إضافية

العدد رقم:
الإصدار الخاص 19-آذار-2025
آخر تعديل على الخميس, 20 آذار/مارس 2025 09:24