الرد على «إسرائيل» يكون أولاً بضرب مشاريعها في الداخل

الرد على «إسرائيل» يكون أولاً بضرب مشاريعها في الداخل

للأسف، لم تعد أخبار الاعتداءات «الإسرائيلية» مفاجئة بل هي اليوم وأكثر من أيّ وقتٍ مضى جزءٌ من الأخبار اليومية، ويمكن إذا ما رصدنا طبيعة هذه الضربات وتوقيتها أن ندرك أنّها ركنٌ ثابتٌ من الاستراتيجية «الإسرائيلية» للتعامل مع التطورات الأخيرة في سورية منذ سقوط النظام.

الجديد في المسألة هو أن قوات الاحتلال نفّذت يوم الإثنين 17 آذار الجاري ضربة موسعة في الجنوب السوري وتحديداً في درعا، وقالت مصادر «إسرائيلية» إن الضربة استهدفت مواقع عسكرية واقعة تحت سلطة الجيش السوري الجديد، لكن الأنباء أكدت مقتل عدد من المواطنين المدنيين السوريين وجرح عشرات آخرين بينهم نساء وأطفال، ما أدى إلى موجة استياء عارمة في المناطق السورية كافةً.

لكن الاعتداءات المتكررة هذه والتي باتت تستهدف المدنيين بشكلٍ مباشر، لا يمكن النظر إليها بمعزل عن السياسة «الإسرائيلية» تجاه سورية، فالكيان يحاول تأكيد فرض سيطرته على مناطق الجنوب السوري ويوسّع من تواجده المباشر بشكل دوري، ليستهدف بذلك لا مناطق الجنوب فحسب بل وحدة سورية وبقاءها، وعلى هذا الأساس بات من اليقين القول إن السلوك الصهيوني العدواني سيكون واحداً من أبرز العقبات التي ستواجهنا في بناء سورية الجديدة وتحديداً بناء الجيش الوطني بعد أن خسرنا خلال الأشهر القليلة الماضية الجزء الأهم والأكبر من العتاد والسلاح، ما يفرض علينا التفكير بكيفية الخروج من هذا المأزق الخطير.

تسود قناعة اليوم أن إمكانيات الدولة لن تسمح لها بمجابهة قوى متطورة بحجم «إسرائيل»، وتحديداً أنّها مدعومة من الولايات المتحدة، لكن التصدي لمحاولة تفتيت البلاد لا ينحصر بالمواجهة والردع العسكري رغم أهميتهما، فتحصين الداخل وتوحيد البلاد هو في هذه اللحظة المخرج الوحيد؛ أي أن السبيل الأمثل لردع التدخلات الخارجية يمكن أن يكون في توجيه ضربات لمشاريعهم في الداخل، فإن كان التقسيم هو الهدف «الإسرائيلي» المعلن، فيكون لزاماً علينا أن نضرب هذا المشروع، عبر بناء توافق حقيقي بين كل المناطق السورية، وزج الجميع بمشروع بناء وطني حقيقي بعيد عن التفرّد بالسلطة، فأحداث درعا الأخيرة ورغم قسوتها إلا أنّها دليل جديد على أن الألم السوري واحد، والرد الأمثل يجب أن يكون عبر توسيع التفاهمات وتجاوز الحالة الضبابية التي تسود العلاقة بين الجنوب والمركز في دمشق.

معلومات إضافية

العدد رقم:
الإصدار الخاص 19-آذار-2025