افتتاحية قاسيون 1195: 7 أكتوبر محكومون بالانتصار!

افتتاحية قاسيون 1195: 7 أكتوبر محكومون بالانتصار!

بعد عامٍ كامل على طوفان الأقصى، وما تلاه من أحداثٍ جسام في منطقتنا، وفي العالم بأسره، ما هي الاستنتاجات والخلاصات الأساسية؟

أولاً: محاولات الفصل والتمييز بين ما تقوم به «إسرائيل»، وبين سياسات واشنطن، هي عمليات تضليل مقصودة، أو ناتجة عن قصر النظر؛ فنتنياهو ومعه بايدن وهاريس وغيرهم، ليسوا أكثر من موظفين كبار ضمن شركة واحدة، هي شركة أصحاب رأس المال المالي العالمي، المتمثل أولاً بالبنك الفيدرالي الأمريكي، وبأصحاب الشركات الكبرى والمافيات المركزية للمخدرات والإتجار بالبشر، وأصحاب المجمع الصناعي العسكري الأمريكي؛ الشركة التي تمثل مركز السلطة المشترك الأنغلوساكسوني الصهيوني.

ثانياً: النار المشتعلة في فلسطين، والآن في لبنان، لا تستهدفهما وحدهما، بل هي جزء عضوي من فوضى هجينة شاملة تستهدف منطقتنا كلها، منطقة غرب آسيا، أو وفقاً للتسميات الاستعمارية «الشرق الأوسط» أو «قوس التوتر». وظيفة هذه النار هي رفع سخونة هذه المنطقة، لتأمين الشرط اللازم لتفعيل التناقضات والمشكلات الداخلية باتجاه تفجيرها... وهذا كله ضمن صراع دولي، يحاول فيه المركز الغربي الدفاع عن هيمنته الدولية الدولارية المتراجعة، عبر إحراق منطقتنا بأسرها، لإيقاف التدحرج نحو العالم الجديد، بتحالفاته وبعلاقاته ومنظوماته الجديدة على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والمالي والثقافي.

ثالثاً: سواء جرت عملية طوفان الأقصى أم لم تجر، فإن المعركة كانت قادمة بكل الأحوال، بل وجارية في حقيقة الأمر؛ فـ «اتفاقات أبراهام» و«صفقة القرن» و«الناتو العربي» و «خط الغاز العربي» و«خطوة مقابل خطوة»، كانت توطئة لتفجير الفوضى الشاملة، ولم تكن بأي حالٍ من الأحوال «مسار سلام» كما يدّعي المطبّعون من أنصارها. الفارق الأساسي، هو أن فضيلة طوفان الأقصى، وبعده جبهات الإسناد، هو أنه وضع المعركة على سكتها الصحيحة؛ أي كمعركة بين شعوب المنطقة ككل من جانب، وبين الأمريكي والصهيوني ومشاريعهما التخريبية من الجانب المقابل.

رابعاً: التدحرج في عملية التصعيد من غزة إلى الضفة فلبنان، ليس تعبيراً عن «أزمة نتنياهو السياسية الشخصية»؛ تحليلات من هذا النوع هي مسخ للحقائق واستغباءٌ للشعوب وتضليل لها. بل وأكثر من ذلك، فإن هذا التدحرج ليس مجرد تعبيرٍ عن الأزمة العضوية البنيوية التي يعيشها الكيان بأبعادها المختلفة، بل وهو أيضاً تعبير عن أزمة الهيمنة التي يعيشها المركز الغربي بأسره، والذي لا يمكنه احتمال هزيمة الكيان، ولا يمكنه في الوقت عينه احتمال حربٍ مباشرة واسعة؛ ولذا نراه ينزلق شيئاً فشيئاً نحو التصعيد، على أمل تحقيق تزامنٍ مناسبٍ يجري وفقه تفجير المنطقة من الداخل، وبأيدي أهلها، ليشكل ذلك مخرجاً لوظيفة الكيان (وربما ليس للكيان نفسه)، ومخرجاً للتراجع الغربي في عموم منطقتنا.

خامساً: بالتوازي مع العمل الغربي نحو الفوضى الهجينة الشاملة، نرى سعياً معاكساً على المستوى الدولي والإقليمي، يتمحور حول إعادة ترتيب التحالفات وتركيزها ضد الهيمنة الغربية، ابتداءً من بريكس وشنغهاي، ومروراً بأستانا والتسوية السعودية الإيرانية والتسويات بين تركيا وعدد من الدول العربية، ووصولاً إلى الترابط بين العمل العسكري الاستنزافي الموجه ضد الكيان.

سادساً: إن الحديث عن تغيّر جغرافي سياسي كبير في منطقتنا، هو حديث مُحقّ؛ فنحن على مفترق طرق، بين التفتيت والتجميع، بين سايكس بيكو والشرق الأوسط الجديد، وبين شرقٍ عظيم بدأت ملامحه الأولى بالظهور، وأهمها: تصفية الوظيفة الصهيونية في منطقتنا...

سابعاً: على المستوى السوري، فإن كل نضال ضد الصهيوني هو ضمناً نضال للدفاع عن وحدة سورية، وضد الفوضى الهجينة الشاملة، ولكن المدخل الأكثر أهمية لذلك، هو استعادة وحدة الشعب والدولة، وإخراج القوى الأجنبية منها عبر حل سياسي شامل على أساس القرار 2254، بالضد من المصالح الغربية، وبالضد من مصالح تجار الحرب من كل الأطراف...

عملية «سلق الضفدع الغربية» جارية على قدمٍ وساق، وهي تتقدم مع كل يومٍ إضافي، وتحقق نجاحات نقطية تراكمية في كل الساحات، وهي محكومة بالوصول إلى نهاياتها، ونحن محكومون معها... بالانتصار!

(English Verison)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1195
آخر تعديل على الأحد, 06 تشرين1/أكتوير 2024 21:36