افتتاحية قاسيون 1107: حضور فلسطين مستمرٌ ومتصاعد
تمر القضية الفلسطينية هذه الأيام، بأهم وأخطر مراحلها منذ النكبة؛ ولعل بين أهم مميزات هذه المرحلة، الأمور التالية:
أولاً: تعيش القوى الغربية الداعمة تاريخياً للكيان الصهيوني، حالة تراجع عامة على مختلف المستويات، وضمناً، فإنّ أقساماً واسعة من البشرية بأسرها، تصطف بشكل أكبر فأكبر ضد هذه القوى، التي مارست النهب والتسلط والإجرام عبر الاستعمارين القديم والجديد، والتي تمثل «إسرائيل» نفسها أحد أكثر أمثلة ذلك الاستعمار بشاعةً وهمجية. وفي إطار هذا التراجع العام، فإنّ استمرار الدعم والمساعدات التي يعيش الكيان على تدفقها، بات أمراً مشكوكاً به من حيث المبدأ، وعلى الأقل مشكوك باستمراره بالحجم الذي كان عليه سابقاً. وهذا لن يقف عند حدود اتساع إمكانيات تأييد القضية الفلسطينية على المستوى العالمي، وتراجع إمكانيات الغرب في مساعدة ودعم قاعدتهم الأساسية في منطقتنا، بل سيمتد نحو فتح الباب عملياً، لتطبيق القرارات الدولية المعلقة منذ عقود، وصولاً إلى حل عادلٍ وشامل للقضية الفلسطينية.
ثانياً: لأنّ «إسرائيل» كانت تمتلك تقديراً لتطور التوازنات الدولية الذي نراه اليوم بشكل مبكر نسبياً، فإنها سارعت للحصول على اتفاقات التطبيع لتستخدمها في تأخير وعرقلة آثار التغيرات عليها. ولن يطول الوقت حتى تدرك الأنظمة العربية التي انحدرت نحو وحل التطبيع، أنّ من حسن حظها أنها لم تغرق تماماً في التطبيع مع الكيان، وأنّ واقع الأمور لا يقول فقط بالتغيرات بالتوازنات إقليمياً ودولياً، بل ويقول أيضاً إنّ موقف الشعوب العربية من «إسرائيل» لم تؤثر فيه عمليات التطبيع، بل يزداد يوماً وراء الآخر عداءً للصهيونية ولجرائمها بحق الفلسطينيين، وتأييداً لمقاومة الفلسطينيين وبطولاتهم.
ثالثاً: لأول مرة في تاريخه، يشهد المجتمع «الإسرائيلي» انقساماً حاداً وغير مسبوق، يضعه على حافة حرب أهلية داخلية، كما عبّر صراحة عدد من قادته؛ وهو ما يعكس أزمة الحكم العميقة التي لم تجد حلاً عبر 5 حكومات متعاقبة، والتي تُعبّر في الجوهر عن محصلة أزمات الكيان، بما فيها الانقسامات الداخلية ضمن النخب الغربية نفسها، التي لا يشكل الكيان بهذا المعنى، ونخبه، سوى امتدادٍ لها.
رابعاً: رغم كل محاولات الضبط والسيطرة، ورغم التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، إلّا أنّ نضال الشعب الفلسطيني لم يتراجع، بل على العكس ازداد ويزداد حيوية وقوة، ويأخذ أشكالاً جديدة ومتجددة، ويحمل طاقة عالية جداً تؤكد أنه غير قابل للاحتواء بأي شكل وبأية طريقة.
هذه العوامل مجتمعة، من بين جملة عوامل أخرى، تجعل من الممكن القول إنّ الوصول إلى حلٍ حقيقي وشامل وعادل للقضية الفلسطينية على أساس القرارات الدولية، وضمناً 181 و242 و338، بات أقرب من أيّ يومٍ مضى.
أكثر من ذلك، فإنّ الوضع الدولي والإقليمي والداخلي المتشكل، لا يقول بالاقتراب التاريخي من حل القضية الفلسطينية فحسب، بل ويقول إنّ «الإسرائيليين» في حال استمروا في تعنتهم وإجرامهم ورفضهم الانصياع للقرارات الدولية، فإنهم سيضعون بأنفسهم موضوع وجود أو زوال «إسرائيل»، على جدول أعمال المستقبل المنظور لمنطقتنا، ضمن مخاض العبور إلى العالم الجديد...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1107