افتتاحية قاسيون 1085: من مع الحوار في دمشق ومن ضده؟

افتتاحية قاسيون 1085: من مع الحوار في دمشق ومن ضده؟

في الجلسة الافتتاحية لأعمال اللجنة الدستورية عام 2019، دعت منصة موسكو للمعارضة السورية لنقل الحوار إلى دمشق، مع تأمين الضمانات اللازمة. تمت مواجهة الدعوة برفضٍ قاطعٍ من متشددي المعارضة، مصحوبٍ بـ«العقوبة»، وبصمتٍ من متشددي النظام، يتضامن في الجوهر مع متشددي المعارضة في رفضهم الحوار في دمشق.

لمْ يكن موقف كلٍ من الطرفين مفاجئاً؛ فمنذ امتناع متشددي المعارضة عن حضور اللقاء التشاوري في دمشق عام 2011، وامتناع متشددي النظام عن تنفيذ القسم الأعظم من توصياته، أفسح الطرفان معاً الطريق نحو تدويل الأزمة السورية، وكرّسا ذلك بتبنيهما لشعاري «الحسم» و«الإسقاط»، وهما الشعاران اللذان بقيا خطة العمل الأساسية للطرفين طوال السنوات الماضية وحتى الآن، ولم يكن أي حديث عن الحوار والحل السياسي- على ندرته النسبية- سوى «تكتيكاً» ضرورياً وتمويهياً ضمن هذه الخطة.

بعد أن دخلت الأزمة مرحلة التدويل، ومرحلة جنيف، استخدم متشددو النظام، وبشكل غير رسمي، الحديث عن حوارٍ في دمشق، ليس من أجل الحل، بل للعمل ضد الحوار في جنيف. والآن وبعد أن ضعف دور الغرب إلى حدٍ كبير، وبات من الممكن فعلاً نقل الحوار إلى دمشق، وباتجاه احتواء التدويل، بدأت تظهر أصوات تخوّن وتهاجم فكرة الحوار في دمشق، وهي ذاتها التي كانت تدعو للحوار في دمشق وتخوّن الحوار في جنيف منذ بضع سنوات!

 

ما الذي يعنيه الحوار في دمشق؟

  • الحوار في عاصمة البلاد، يعني القطع نهائياً وعملياً مع خطابات «الحسم» و«الإسقاط»، والإقرار بأنّ الحل لا يكون إلا عبر الحوار والتوافق، ويعني اعتراف الأطراف السورية ببعضها البعض حقاً وفعلاً، بوصفه الخطوة الأولى التي لم تتحقق حتى اللحظة لعملية حوارٍ شامل وحقيقي وذي نتائج.
  • الحوار في دمشق، يعني إقرار الأطراف المختلفة بأنهم يناقشون مصير سورية بأكملها كبلاد واحدة موحدة، وليس كمناطق نفوذٍ ينطلق كل طرفٍ منها على أمل السيطرة على المناطق الأخرى، أو على أمل الانزواء في منطقته.
  • الحوار في دمشق، يعني تقليص التدخلات الدولية إلى الحدود الدنيا، ويعني التهيئة المشتركة من السوريين لاستعادة سيادة بلادهم الإقليمية، وسيادة الشعب السوري على بلاده.
  • الحوار في دمشق، يعني تقليص التأثيرات الأمريكية والصهيونية التي تتم ممارستها في مختلف الأروقة الدولية على العملية السياسية ككل، إلى حدودها الدنيا وصولاً إلى استئصالها كلياً.

 

من ضد الحوار في دمشق؟

الغرب جملةً، وعلى الأخص الأمريكان والصهاينة، يقفون ضد الحوار في دمشق، لأنه الطريق الفعلي نحو تنفيذ القرار 2254، وهم يبذلون قصارى جهدهم لإطالة عمر «المستنقع»، وصولاً لتفتيت سورية نهائياً.

كذلك، فإنّ المتشددين في النظام وفي المعارضة، يتفقون تماماً، كاتفاقهم في عشرات القضايا الأخرى، على الوقوف ضد الحوار في دمشق؛ لأنّ حواراً حقيقياً في دمشق لتطبيق القرار 2254، يعني بداية النهاية لتجارة الحرب، وأهم من ذلك، أنه الخطوة الأولى ضمن طريق إجباري ينتهي بارتفاع أصوات السوريين في سورية وخارجها، لتقرير مصيرهم بأنفسهم، وضمناً لتقرير المستقبل السياسي لكل القوى السياسية الحاضرة في المشهد.

 

إنّ الأصوات المذعورة التي تظهر هذه الأيام رافضةً الحوار في دمشق ومخوّنة إياه، هي أصوات مبشرةٌ حقاً؛ فهي تعكس فهم من وراءها أنّ الظروف قد نضجت بهذا الاتجاه وباتجاه الحل، ولذا بدأت بالعمل علناً ضده، وتالياً ضد الحل ككل، والذي سيسير إلى نهاياته المطلوبة عبر التطبيق الكامل لـ 2254، خدمة لمصلحة الشعب السوري، وبالضد من مصالح الغربيين والصهاينة وأتباعهم من مختلف الجهات!

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1085
آخر تعديل على الأحد, 28 آب/أغسطس 2022 20:40