افتتاحية قاسيون 1065: أوكرانيا مجرد صاعق..

افتتاحية قاسيون 1065: أوكرانيا مجرد صاعق..

منذ انفجرت أزمة 2008 التي سميت في حينه بالأزمة المالية، كان قد بات واضحاً لدى «الإرادة الشعبية» أنّ هذه الأزمة لن تتوقف وستستمر في التعمق وصولاً للعصب الأساسي للمنظومة الرأسمالية بشكلها المعاصر، أي نحو الإنتاج، ومن ثم نحو الدولار.

جاء في التقرير المقدم للاجتماع الوطني التاسع للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين- الإرادة الشعبية لاحقاً- في كانون الأول 2010، ما يلي: «الأزمة الرأسمالية عميقة، متصاعدة، وستفتح الخيارات المختلفة للحرب وتوسيع رقعتها... وهي يمكن أن تكون أزمة نهائية في حال توفر العنصر الذاتي...».

منذ ذلك الحين وحتى اليوم، ورغم كل ما قيل مراراً عن الانتعاش، إلا أنّ المسار ما يزال ثابتاً باتجاه مزيد من تعمّق الأزمة الرأسمالية؛ وسواء كان الأمر هو كورونا أو أوكرانيا، فإنّهما تشتركان في أمرٍ أساسي، هو أنه تجري محاولة تقديمهما كأمرٍ طارئ ومؤقت هو السبب في جملة الأزمات المتعلقة بالطاقة والأسعار والإنتاج وعملياً الركود التضخمي، وإلخ... في حين إنّ حقيقة الأمر هي أن الأزمة ذاتها، أزمة الرأسمالية، هي ما يتفاعل تحت سطح الظواهر، وينمو ويتضخم على أساس يومي.

يمثل الحدث الأوكراني ضمن هذه الرؤية، مجرد رأس جبل الجليد، في حين تمتد قاعدته عميقاً:
أولاً: إذا كانت المعركة قد بدأت من حيث الظاهر، حول أوكرانيا نفسها، وأخذت طابعاً عسكرياً، فإنّ أبعادها الكاملة قد بدأت بالتوضح بشكل كبير، وهي أبعاد أوسع بكثير من أوكرانيا ومن أوروبا، وتمتد نحو أربع مهام كبرى موضوعة على طاولة التنفيذ، كنا قد ذكرناها في افتتاحيات قاسيون السابقة حول الموضوع، وهي: (تغيير النظام السياسي العالمي، إنهاء حلف الناتو، إنهاء الوضع الخاص للدولار كعملة عالمية، حل الأزمات الإقليمية المختلفة التي كانت معلقة طوال عقود بفعل الأمريكي).

ثانياً: هذه المحاور والمهام الأربع الكبرى، هي ما يحدد كيفية وآجال سير الجانب العسكري من الحدث الأوكراني؛ فقد بات واضحاً للأمريكان خاصة، أنّ السير بهذه العملية لنهايتها يعني فتح الباب نحو تفاعلات غير عكوسة بما يخص المهام الأربع التي ذكرناها أعلاه، وعلى رأسها موضوع الدولار.

ثالثاً: الغاز مقابل الروبل، هو القشة التي بدأت بقصم ظهر البعير الأمريكي؛ حيث سمحت بكشف أكثر وضوحاً وعمليةً، للنهب اللصوصي التاريخي الذي مارسه ويمارسه الدولار وأصحابه في شتى بقاع العالم، وفتح الباب تالياً أمام مختلف الدول الأخرى للتحرك نحو التسعير بعملات أخرى، وبعملاتها المحلية، لإيقاف عملية مصّ الدماء التاريخي الذي مارسه ويمارسه الدولار ومنظومته العالمية.

ضمن هذه الإحداثيات، فإنّ معركة أوكرانيا ليست سوى صاعق لمعركة أكبر وأوسع وأعمق، وهذه المعركة ستزداد حدة واتساعاً يوماً وراء الآخر، لتأخذ شكلها الكامل كمعركة حول النظام العالمي الجديد بمختلف أبعاده، والأساسي فيها هي الأبعاد الأربعة التي ذكرناها أعلاه...

وضمناً، فإنّ استيعاب وفهم، بل وتوقع الآجال الزمنية للجانب العسكري من الوضع الأوكراني، لن يكون سليماً إلا بالارتباط بهذه الأهداف وهذه الآفاق، وتحققها من عدمه هو ما سيحكم لا على نتيجة هذه المعركة فحسب، بل وعلى مصير التطور العالمي لعقود طويلة قادمة...

(English version)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1065
آخر تعديل على الأحد, 10 نيسان/أبريل 2022 20:48