افتتاحية قاسيون 1025: المعابر بين الإنساني والسياسي

افتتاحية قاسيون 1025: المعابر بين الإنساني والسياسي

يناقش أعضاء مجلس الأمن الدولي يوم العاشر من الجاري تمديد القرار 2533 الخاص بالمعابر (العابرة للحدود)، وعملياً فإنّ النقاش سيحدد مصير المعبر المتبقي وهو معبر باب الهوى.

أول ما ينبغي قوله في مسألة المعابر، هو أنّ الأولوية القصوى ينبغي أن تكون لاستمرار وصول المساعدات التي يعيش عليها ملايين من السوريين، وفي حال تم إيقاف الآليات المعمول بها حالياً، فإنّه ينبغي أن تكون هنالك بدائل واضحة وملموسة وسريعة.

المسألة الثانية التي ينبغي لفت الانتباه إليها، هي أن هنالك مبالغة مقصودة في تضخيم حجم المعركة حول المعابر، وخاصة في تضخيم النتائج التي يمكن أن تترتب عليها؛ فمما لا شك فيه أنّ بين الأطراف السورية والإقليمية، وحتى الدولية، من لا تطربه نهائياً احتمالات توافق روسي أمريكي، لما تعنيه تلك الاحتمالات من تقريبٍ للحل وبالتالي للتغيير، وهؤلاء يعوّلون على أنّ الخلاف إنْ حدث حول هذه المسألة فإنه سيسمح بخلق جو ينسف أية توافقات جرت أو ستجري... وهذا الأمر بعيد عن الواقع كما سبق أن أشرنا إليه في افتتاحية قاسيون الماضية التي أكدت أن الوصول إلى الحل في سورية بات «ضرورة للروس والأمريكان على حد سواء، وكلٌّ لأسباب تختلف عن الآخر حدّ التناقض».

إضافة إلى النقطتين السابقتين فإنه ينبغي ذكر ما يلي:

أولاً: القسم الأكبر من المساعدات الإنسانية باتجاه الشمال الغربي، قد انخفض بشكل كبيرٍ خلال العامين الماضيين، رغم استمرار وجود معبر باب الهوى، وذلك منذ تطبيق قانون قيصر تقريباً؛ والأسباب المباشرة الواضحة لذلك، هي تخفيض الغربيين للمساعدات من جهة، وتأثيرات قانون قيصر نفسه الذي كبّل أشكالاً عديدة من الحركة الاقتصادية التي كانت تجري سواء عبر تبادلات خارجية أو عبر التبادل بين مناطق سورية المختلفة.

ثانياً: عبر التستر بالمسألة الإنسانية وبالأمم المتحدة، تتمكن الولايات المتحدة (وبعيداً عن أنظار أستانا، وبعيداً عن تحمل مسؤولية مباشرة)، تتمكن من إيصال ما تشاء إيصاله إلى النصرة... وقد عبّر المسؤولون الأمريكيون وبينهم المسؤول الأول عن الملف السوري لأكثر من سنتين، أي جيمس جيفري، عن سعيهم لشرعنة النصرة ورفعها من قوائم الإرهاب.

ثالثاً: السياسة الغربية المزدوجة المتعلقة بالمعابر، والتي تصرّ على المعابر العابرة للحدود وتقف بحزمٍ ضد المعابر بين المناطق السورية نفسها، هي سياسة تهدف وضوحاً إلى تثبيت تقسيم الأمر الواقع وتعميقه.

إنّ الأولوية ينبغي أن تكون في الوصول إلى صيغة تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية وتحررها من الاستثمار السياسي الذي يصب بقسمه الأكبر في جيوب أمراء الحرب السوريين من كل الأطراف... وأهم أشكال المساعدات هو إنهاء حالة تقطيع أوصال البلاد اقتصادياً وسياسياً.

وينبغي بكل الأحوال، ألّا يحدث انقطاعٌ في مسار مساعداتٍ قائم دون وجود بديل واضح وعملي، وهو ما يمكن أن تدفع باتجاهه أستانا، وذلك بالتوازي مع ضرورة ألا يستمر استغلال مسألة المساعدات لإبقاء الناس في حاجة مستمرة للمساعدات!

أي لا يجوز أن تستمرّ الأزمة، ولا أن يستمرّ منع حلها عبر المتاجرة السياسية بمسألة المساعدات، كما يجري خصوصاً عبر منع إنهاء تنظيمٍ مثل النصرة عبر دعمه والتغطية عليه ومحاولة تبييضه، بالتوازي مع تكثيف العقوبات الغربية على عموم السوريين في عموم مناطق وجودهم!

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1025
آخر تعديل على الأحد, 04 تموز/يوليو 2021 21:44