افتتاحية قاسيون 1023: سورية وقمة  بوتين- بايدن؟

افتتاحية قاسيون 1023: سورية وقمة بوتين- بايدن؟

لم تظهر بعدُ نتائج القمة الروسية الأمريكية، وخاصة فيما يتعلق بالملف السوري... وهذا من طبيعة الأمور؛ فلا يمكن لقمةٍ كهذه أن تتضمن أكثر من توافقات على الاتجاهات الأكثر عمومية بما يخص القضايا موضع النقاش/ التفاوض.

ما تسرب عبر وسائل إعلام جدّية عن نتائج الاجتماع، أنّ النقاش مرّ على موضوع المعابر الإنسانية، وعلى آلية تنفيذ القرار 2254، وهذان سيكونان عنواناً أساسياً وعاجلاً لبحثٍ معمّقٍ ضمن «الحوار الإستراتيجي الشامل» بين موسكو وواشنطن، والذي سيمتد على الشهور الستة المقبلة...

 

وإذا كان من الثابت لدينا على أساس فهم التوازنات الدولية الجديدة، وبخاصة جانبها الاقتصادي- المالي، أنّ الاتجاه العام بما يخص الولايات المتحدة هو نحو الانكفاء والتراجع والانسحاب من منطقتنا (أحدث الأمثلة على ذلك هو سحب 8 بطاريات باتريوت من كل من السعودية، العراق، الكويت، والأردن)، فهذا لا يعني أنّ واشنطن ستخرج دون أن تستخدم كل الأوراق الممكن استخدامها في إبقاء الفوضى في منطقتنا، وفي الوصول إلى أنواع من التسويات التي تحاول عبرها ضمان التأثير اللاحق، وربما أبعد من ذلك: تسويات ليس في سورية وحدها، بل في عموم الإقليم، تسعى من خلالها إلى تأمين استمرار الكيان الصهيوني بوصفه كياناً وظيفياً يؤدي الدور الأمريكي التخريبي في المنطقة دون الحاجة للوجود المباشر لواشنطن... وهذا ما تحدثت عنه صراحة جملة من التقارير والمقالات في الإعلام الأمريكي والصهيوني خلال الأسبوعين الماضيين خصوصاً.

وإذا كانت المصلحة العامة للقوى الاقتصادية الصاعدة، وفي إطار تناقضها مع الغرب، هي في الوصول إلى استقرار حقيقي في منطقتنا ككل، فإنّ تلك المصلحة تتناقض بشكل طبيعي مع المصالح الصهيونية، ولكن هذا لا يعفي الوطنيين السوريين من مسؤولياتهم المباشرة في استرجاع وحدة بلادهم، وفي استرجاع موقعها المعادي للمشاريع الغربية والصهيونية بالدرجة الأولى، وفي الدفع لتطبيق كامل للقرار 2254 خصوصاً في النقطة المتعلقة بوحدة سورية شعباً وأرضاً وسيادتها على كامل أراضيها، وعلى رأسها الجولان السوري المحتل، الذي ينبغي أن يكون خروج المحتل منه جزءاً من تطبيق هذا القرار نفسه.

هذه العملية تتطلب أن يستنفر الوطنيون ضمن الآجال المتبقية ما قبل الانطلاق الفعلي لعملية الحل السياسي الشامل وفق القرار 2254، لكي يجمعوا قواهم لتثقيل الخيار الوطني تثقيلاً راجحاً لا يمكن معه لمتشددي الطرفين أن يلعبوا في الهوامش لمحاولة بيع ما تبقى من البلاد مقابل مصالحهم الأنانية.

وعملية من هذا النوع، تتطلب بالدرجة الأولى أن تعيد المعارضة الوطنية الديمقراطية تنظيم صفوفها بحيث تجهّز نفسها كمفاوض فعلي للنظام، وليس على شاكلة متشددي المعارضة الذين باتوا أدوات طيّعة بيد الدول لا يفاوضون، بل يُستخدمون كأوراق تفاوضية...

الآجال الزمنية أمام المهام المطروحة في الإطار الوطني العام، ليست آجالاً مفتوحة... ليس ربطاً بآجال «الحوار الإستراتيجي الشامل» بين موسكو وواشنطن فحسب، بل وبالدرجة الأولى ارتباط بوضع السوريين في مختلف المناطق السورية وفي دول اللجوء، وبوضع البلاد ككل، والذي يزداد سوءاً وخطورة مع كل ساعة تأخير في تطبيق الحل السياسي الشامل الذي من شأنه وحده أن يعيد لحمة البلاد على المستوى الوطني العام، ويضعها على درب استعادة موقعها الإقليمي والدولي...

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1023
آخر تعديل على الأحد, 20 حزيران/يونيو 2021 20:06