افتتاحية قاسيون 1013: 2254 المخرج الآمن الوحيد والإجباري

افتتاحية قاسيون 1013: 2254 المخرج الآمن الوحيد والإجباري

أمران أساسيان شغلا الربع الأول من هذه السنة سوريّاً. الأول: هو انهيار مستوى معيشة عامة السوريين في كل المناطق السورية بمستوى وسرعة غير مسبوقة طوال السنوات العشر الماضية. والثاني: هو محاولات تعميم حالة اليأس مع انتهاء الجولة الخامسة للجنة الدستورية دون تحقيق أيّ تقدم، ومع وضوحٍ كامل للنوايا بعدم الرغبة في إحراز أيّ تقدم.

ترافق هذان الأمران مع جملة طروحات خلّبية تتقاطع في أنها من خارج القرار 2254، وبينها الحديث عما سُمّي «مجلساً عسكرياً».. بالتوازي والتلازم مع موجة مقالات و«تسريبات» واجتهادات، وبكلمة واحدة مع موجة من الضجيج الإعلامي حول أمرين: التقسيم و«التطبيع»...

وكنا قد أشرنا مراراً إلى أنّ تدهور الوضع الاقتصادي بفعل الفساد الكبير والعقوبات بالتوازي مع تكريس تقسيم الأمر الواقع عبر اللعب بمسألة المعابر وغيرها من الأمور، وكذلك بثّ اليأس وإنهاك الناس، كل ذلك يصبّ في إطار محاولات نزعم أنّ مركزها هو الصهيوني (وإنْ بالتقاطع مع الحرامية وتجار الحرب السوريين من كل الأطراف) وهدفها هو المسارعة للاستفادة من لحظة ضعف قصوى يعلم الصهيوني قبل أيّ أحد غيره أنها لن تطول...

ما يستدعي الوقوف عنده من الطروحات الجديدة المتعلقة بالحل السياسي، هو تلك الطروحات التي تتحدث عن مجموعة عملٍ دوليةٍ جديدةٍ، وعن «قرار دولي جديد». ويذهب أصحاب الطرح إلى أنّ المقصود هو تجاوز القرار 2254.

ما ينبغي أن يكون واضحاً في هذا السياق، أنه وفي حال تشكلت أية مجموعة دولية جديدة، وفي حال دفعت باتجاه أيّ قرار دولي جديد، فإنّ ذلك لن يكون سوى في إطار التأكيد على 2254 وإيجاد آليات ملموسة لتطبيقه... ويعود ذلك إلى عاملين أساسيين:

أولاً: من وجهة نظر دول المنطقة المعنية مباشرة والمتأثرة مباشرة بالمسألة السورية، بالإضافة إلى روسيا والصين، فإنّه ليس من مصلحة أيٍّ منها تقسيم سورية، لأنّ ذلك سيعني ليس استمرار الفوضى فقط، بل واشتعالها مجدداً بمقاييس أضخم وأكبر... وفوضى كهذه ليست إلّا مصلحة صهيونية بالدرجة الأولى، وأمريكية/ غربية بالدرجة الثانية. وتجاوز القرار 2254 في هذه اللحظة لم يعد مطلوباً منه مجرد القفز فوق التغيير أو فوق الحل السياسي، بل بات المقصود منه تجاوز وحدة سورية نفسها التي ينص عليها القرار الذي بات هو نفسه أحد ضماناتها، وذلك في ظل الواقع المزري الذي تعيشه البلاد على الصُّعد كافة.

ثانياً: مسألة حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه هي جوهر السيادة السورية، وجوهر وحدة سورية ووحدة أراضيها؛ ما يعني أنّ الحفاظ على وحدة البلاد بات يمر حصراً عبر تمكين السوريين من تقرير مصيرهم بأنفسهم، وضمناً إعتاق رقابهم من سطوة المتشددين من كل الأطراف الذين يسهمون مع الغرب والصهاينة في الفتك بالسوريين، وفي تكريس تقسيم الأمر الواقع...

القرار 2254 كان ولا يزال الطريق الإلزامي الوحيد لإنقاذ سورية وشعبها، وتطبيقه ينبغي أن يتم بيد السوريين ولمصلحتهم. وإذا ما كان هنالك توافق دولي «جديد» حول التطبيق، فإنه سيبقى ضمن فلك 2254، ولكن وكما قلنا مراراً لا يجوز انتظار التوافق الدولي، ولا يمكن انتظاره، بل على الوطنيين تكثيف عملهم المشترك للوصول إلى توافق سوري وفرض توافق دولي...

(النسخة الإنكليزية)

معلومات إضافية

العدد رقم:
1013
آخر تعديل على الأحد, 11 نيسان/أبريل 2021 21:31