من تاريخ الكلمة القاسيونيّة وتطوّر أشكالها
بمناسبة صدور العدد الحالي ذي الرقم ألف، تستعرض قاسيون بعضاً من أبرز محطّات تاريخها وتطوّرها من ناحية شكل نشر الأعداد وتواترها وعدد صفحاتها وتصميمها، على مدار عمرها الذي صار يناهز 54 عاماً كمطبوعةٍ شيوعية سورية مناضلة. الأفراد يشيخون مع التقدّم بالعمر، أما الأدب الثوري فروحٌ جماعية تستطيع أن تجمع في آن معاً الفتوّة مع الحكمةً، طالما أنّ القضية حيّة وجذوة التناقض الذي يتم السعي إلى حلّه تستعر، وذلك بشرط أنْ يظلّ هذا الأدب معبِّراً عن تلك القوّة الاجتماعية التاريخية الطليعية التي تزداد قوّة وحيّوية، والتي تدقّ بقوّة أبواب التاريخ فتنفتح أمامها. ولطالما سعت وتسعى قاسيون وتنظيمها إلى التعبير عن هذه القوّة الاجتماعية، ألا وهي طليعة الطبقة العاملة والعناصر الأكثر جذرية من سائر الكادحين والمثقّفين الوطنيّين والأمميّين. وكما قال ماركس: «النظرية أيضاً تصبحُ قوّةً مادّية حالما تستحوذ على الجماهير».
صدور العدد الأول من قاسيون
وُلدت فكرة «قاسيون»، كمطبوعة حزبية، في أواسط ستينات القرن الماضي، عندما برزت الحاجة إلى تغطية أخبار ونشاطات الحزب الشيوعي السوري ومنظماته الحزبية في مختلف المحافظات والمناطق، وتوسيع المواكبة الإعلامية والتعبوية للنضال العمّالي والمطلبي، والأخبار والتطورات السياسية محلياً وإقليمياً وعالمياً. فقررت القيادة الحزبية المركزية آنذاك تكليف عدد من اللجان المنطقية للحزب بإصدار نشراتها المحلية، وخاصة اللجنة المنطقية في العاصمة دمشق، لأنّ صفحات جريدة الحزب المركزية «نضال الشعب» لم تعد تتسع لكامل التغطية المطلوبة.
وتنفيذاً لقرار قيادة الحزب، بادَرَتْ مجموعة من أعضاء الحزب، في منتصف شهر تموز من عام 1967، بإشراف الرفيق مراد يوسف «أبو سامي»، وهم الرفاق: منذر الشمعة، وفايز جلاحج، وديب الكردي، إلى عقد أول اجتماع لهم تدارسوا فيه كيفية تنفيذ المهمة، ووضعوا برنامجَ عمل محدداً، مقترحين الشكل المناسب والاسم ومنهج وآليات العمل، وأقرَّت اللجنة المنطقية الخطة. وفي الشهر التالي تم تنفيذها، فظهر إلى النور العددُ الأول من النشرة الدورية للجنة المنطقية في دمشق في شهر آب عام 1967 تحت اسم «قاسيون»، متضمناً 4 صفحات صغيرة (قياس 33 X 21 سم) وبسعر 10 قروش.
كُتب العدد الأول ونُسخ في مكتب الحزب للنشر في حي المزرعة. وككلِّ تجربةٍ جديدة، تكون البدايات صعبة، وهكذا كانت العملية التقنية لإعداد النشرة، لأنّها تطلّبت في تلك الأيام استخدام الآلة الكاتبة، والسّحب على ورق حرير بآلة السحب، وكانت بلونٍ واحدٍ هو الأسود، أما شعارها (اللوغو) فكان يتم تخطيطه باليد، وبعد السحب يجري خرز الصفحات تمهيداً لتوزيعها على اللجان الفرعية والرفاق.
الأعداد القليلة التي تلت العدد الأول كانت تتضمّن أحياناً 6 صفحات، ولم يكن الإصدار في البدايات متواتراً أو منتظماً، فعلى سبيل المثال: صدر العدد /11/ في كانون الثاني 1969، أيْ إنّ قاسيون، الطفلة الشيوعية الواعدة، عندما كان عمرها بين سنة إلى سنتين كانت «تتعلّم المشي» بمعدّل عدد واحدٍ كلّ 6 إلى 7 أسابيع وسطياً.
كان كل رفيق في أسرة قاسيون يختص بجانب محدد من جوانب العمل، على مبدأ تقسيم العمل وتكامله. فواحدٌ يختص بالقضايا المطلبية والعمالية، وآخر بالأخبار والنشاطات الحزبية والجماهيرية، وثالث بالقضايا النظرية والثقافية وتخطيط العناوين... وهلم جرا. بالإضافة إلى مساهمة عدد من الرفاق في اللجنة المنطقية بالكتابة لتغطية أخبار العاصمة، والعمل على الآلة الكاتبة وطباعة النشرة وتوزيعها على الرفاق في الفرعيات لإيصالها إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء.
تطور قاسيون اللاحق حتى التسعينات
بالنسبة لأماكن إعداد قاسيون، فقد تنقلّت ضمن دمشق، فبعد مَهد ولادتها في مكتب الحزب للنشر في حي المزرعة، انتقل مكان إعدادها إلى مكتب اللجنة المنطقية في شارع العابد، ثم إلى مكتب الحزب قرب ساحة الشهبندر، ثم المقر السابق لدار الطليعة الجديدة قرب سوق الخجا في بيتٍ شاميٍّ تقليدي، ثم إلى الجسر الأبيض، ثم إلى مشروع دمر.
اعتباراً من العدد /11/ في كانون الثاني 1969، ومع تزايد النفقات نتيجة ارتفاع الأسعار، ارتفع سعر الصحيفة من 10 قروش إلى 25 قرشاً. ومنذ مطلع عام 1970 صدرت نشرة «قاسيون الثقافي» واستمرت لثمانية أعداد على فترات متباعدة ثم توقفت نهائياً. وفي عام 1972 أصدرت اللجنة المنطقية بدمشق نشرةً ثانية باسم «قاسيون النقابي»، لتختص في رصد النشاطات النقابية ونشر المطالب العمالية والدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، وبعد صدور ثمانية أعداد منها خلال سنتين توقفت عن الصدور لأسباب مختلفة.
تابعت قاسيون صدورها بأربع صفحات حيناً، وحيناً بست صفحات، وفي بعض المناسبات كانت تصدر بثماني صفحات، ومع صدور العدد 65 بداية العام 1980 أصبح سعرها 50 قرشاً، واستمرت على هذا المنوال حتى العام 1986 أو 1987 حيث أصبح سعرها ليرة سورية واحدة.
في حزيران عام 1989 ومع انعقاد المؤتمر المنطقي لمنظمة دمشق، صدر العدد /116/ بشكل جديد وبحجم أكبر على ورقة واحدة وصفحتين، ثم بورقتين كبيرتين وثماني صفحات، وأصبح سعرها ليرتين سوريَّتين.
اعتباراً من العدد /114/ في نيسان 1989 تابعت قاسيون صدورها بأربع صفحات كبيرة. ومع انعقاد المؤتمر المنطقي لمنظمة دمشق صدر العدد /116/ بشكل جديد وحجم أكبر بورقتين كبيرتين وثماني صفحات.
وبعد العدد /129/ عام 1991 انقطعت قاسيون عن الصدور، فلم يصدر العدد التالي /130/ إلا مع حلول شهر حزيران 1994 والذي صدر بصفحتين قياس 36 X 26 سم.
مع انعقاد المؤتمر المنطقي في حزيران عام 1995 صدر العدد /131/ بحُلَّة جديدة: ورقة بيضاء كبيرة على صفحتين حتى العدد /141/. وبدءاً من العدد /142/ أخذت شكلاً آخر، حيث توزعت على أربع صفحات. ثم جاء العدد /144/ بأربع صفحات على ورقة صفراء واحدة. أما الأعداد /145/ حتى /148/ فكانت عبارة عن ورقتين بيضاوين، أي: ثماني صفحات وبقياس 35 X 25 سم، وأصبح سعرها خمس ليرات.
وكانت أبرز زواياها آنذاك (عرائض ومطالب– مجلس المحافظة والإدارة المحلية– نافذة على دمشق– نشاطات منظمة دمشق– حديث الشام– هل تعلم– ملف حي من أحياء دمشق– على المحك– على الرصيف– حيص بيص– حكايا شهرزاد– حكايا أبو محمود– من التراث– تصبحون على وطن– ملوحيات– الزاوية النظرية– الزاوية القانونية– فنجان قهوة مع... – ماذا تقول يا صاحبي– كيف أصبحت شيوعياً– بالإضافة إلى رسومات الكاريكاتير).
انتقال قاسيون من «نشرة» إلى «جريدة»
تُؤَرَّخ النقلة النوعية لقاسيون من نشرة لمنطقية دمشق إلى صحيفة محلّية لعموم سورية، منذ العدد المفصلي رقم /149/ أوائل عام 2001، إذ إنها صارت صحيفةً تعبّر عن تيار «قاسيون» تحت شعار «لا انقسام ولا استسلام»، وتصدر بأربع صفحات كبيرة. وبعد إعلان وتوقيع ميثاق شرف الشيوعيين السوريين في 15 آذار 2002 من أكثر من مئتي شيوعي، وإعلان تشكيل «اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين» في الاجتماع الوطني الأول لوحدة الشيوعيين السورين المنعقد في دمشق بتاريخ 18 تشرين الأول 2002، وضعت صحيفة قاسيون نفسها وإمكاناتها تحت تصرّف هذه اللجنة الناشئة.
قاسيون بعد المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري
دعا عددٌ كبير من الرفاق إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب، وبأكثرية تزيد على 50% على أساس التمثيل في المؤتمر السابق (المؤتمر التاسع في أيلول 2000)، وبالتالي واستناداً إلى المادة 22 من النظام الداخلي للحزب آنذاك، والتزاماً بالمبادئ اللينينية للتنظيم، ولا سيّما سيادة المؤتمرات والديمقراطية- المركزية، تمّ عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري في 18 كانون الأول 2003 تحت شعارات «لا انقسام، ولا استسلام»، «كرامة الوطن والمواطن، فوق كل اعتبار»، واستعادة الحزب لدوره الوظيفي- التاريخي ووحدة جميع الشيوعيين السوريين.
واتُّخِذَ المؤتمر الاستثنائي قراراً حول «قاسيون» وهذا نصّه: «يقيِّم المؤتمر الاستثنائي عالياً الدور الذي لعبته صحيفة «قاسيون» خلال الفترة المنصرمة بعد المؤتمر التاسع، والتي كانت بحق منظِّماً وداعيةً ومُحَرِّضاً جماعياً في عمل الشيوعيين السوريين، وأخذاً بعين الاعتبار أهمية القرار السابق للجنة المنطقية بدمشق بوضع الصحيفة تحت تصرّف اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، يقرِّرُ متابعةَ إصدارها باسم الشيوعيين السوريين الممثَّلين في المؤتمر الاستثنائي، شاكراً اللجنة المنطقية في دمشق على الجهد الذي بذلته من أجل إنجاح عمل الصحيفة في الفترة السابقة، وكلّف القيادة الجديدة بالإشراف عليها». وبهذه الصفة الجديدة تابعت قاسيون صدورها اعتباراً من العدد /212/ بتاريخ 25 كانون الأول 2003 وصارت منتظمة مرة كلّ أسبوعين.
ومنذ بداية عام 2004 كانت تتراوح بين 12 و16 صفحة، ومنذ العدد /232/ استقرت على 16 صفحة حتى العدد /287/ الذي اختتم أعداد العام 2006 في 7 كانون الأول.
وعن الخصوصية الداخلية لمضمون تلك الفترة، تميّزت صحيفة قاسيون بدور رائد وطليعي وسبّاق في التصدي للسياسات الليبرالية الجديدة التي كانت قد دخلت نقطة انعطافية نوعية منذ العام 2005 عندما أخذ يتسارع ويشتدّ الهجوم على مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وسائر الفقراء والكادحين وتُنتَزَعُ منهم مكتسباتهم السابقة واحدةً تلو الأخرى مع الخصخصة واستشراء الفساد الكبير وتضخّمه. فهبّت قاسيون تناضل مع مقاومي هذه الهجمة وفي طليعتهم، دفاعاً عن الاقتصاد الوطني، وعن لقمة الشعب وكرامته، الأمر الذي ما زال مستمراً حتى اليوم.
قاسيون الأسبوعية
اعتباراً من مطلع العام 2007 مع العدد /288/ بتاريخ 11 كانون الثاني، تم تسريع تواتر الإصدار من مرة كل أسبوعين إلى مرة كل أسبوع، مع تخفيض عدد الصفحات من 16 إلى 12 صفحة وإغناء وتنويع أكثر بالمحتوى. وأصبحت من أبرز الصحف السورية وازداد عدد مشتركيها بشكل كبير. وأهمّ ما صار يميّز قاسيون الأسبوعية إلى جانب افتتاحيتها، التحقيقات الميدانية والتقارير والملفات وزواياها المتنوعة التي تغطي مساحة الأحداث كلها بدءاً من الصفحة الأولى التي هي وجه الصحيفة إلى الصفحات الداخلية التي تتضمن القضايا العمالية والمحليات والاقتصاد والعربية والدولية والإستراتيجية والثقافية، والتي غطّت نشاطات الحزب والشباب في المظاهرات والاعتصامات، ومسير الشباب الوطني إلى ميسلون، واحتفالات عيد الجلاء في دمشق والقنيطرة، واحتفالات الحزب بذكرى تأسيسه، وعيد العمال، والاجتماعات الوطنية للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، والنشاطات الانتخابية لمجلس الشعب والإدارة المحلية، ومسابقات فنية وأدبية هادفة.
قاسيون كناطقة رسمية باسم اللجنة
منذ الاجتماع الوطني الثامن للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين المنعقد في دمشق في 22 أيار 2009، تحت شعار «كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار» (والذي غطته قاسيون في عددها رقم /406/ بتاريخ 30 أيار 2009 الذي صدر استثنائياً بـ 16 صفحة بدل 12) تحوّلت صحيفة قاسيون الأسبوعية مِن واضعةٍ لنفسها تحت «تصرّف اللجنة» إلى «ناطقة رسمية» باسم هذه اللجنة، وهذا ما رتَّبَ عليها مسؤوليات أكبر وأدق في كل المجالات ورَفع مستوى التطلب منها شكلاً ومضموناً وانتشاراً وأداءً عاماً.
ويجدر بالذكر أنّ قاسيون خلال فترة (2009–2010) التي تسبق مباشرةً انفجار الأزمة السورية، استشعرت تزايد الخطر المحدق استباقياً ونجد تزايداً ملحوظاً في كثافة تحليلاتها وتحذيراتها خلال تلك الفترة ولا سيّما في سنة 2010 حيث حملت مثلاً افتتاحية العدد /479/ بتاريخ 27 تشرين الثاني 2010 عنوان «الاشتراكية هي الحلّ» وورد فيها التحذير التالي:
«بينما اتجاه التطور يؤكد يومياً انخفاض الأجر الحقيقي، وارتفاع أسعار السكن والوقود والكهرباء والماء والتعليم والصحة، ما يمكن أن يوصل البلاد إلى مأزق حقيقي، بل وإلى كارثة في ظروف الصراع الحاد في المنطقة ضد المخططات الأمريكية- الصهيونية التي يمكن أن تستغل كل ثغرة للنفاذ منها وتحقيق مخططاتها. إن التطور العالمي الحالي يؤكد أن الرأسمالية تسير نحو الانهيار في المركز والأطراف، لذلك فإن النموذج المطلوب لبلادنا يجب أن يصاغ بناءً على المعطيات المستجدة على أرض الواقع اليوم».
قاسيون بعد الاجتماع الأول لمجلس اللجنة
اختتمت قاسيون سنة 2010 بالعدد /483/ بتاريخ 25/12/2010 الذي نشرت فيه كافتتاحية «بلاغ عن الاجتماع الأول لمجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين» الذي انعقد في 17/12/2010 وذلك في أعقاب انتهاء أعمال الاجتماع الوطني التاسع (غير الاستثنائي). وذكر البلاغ نتائج اجتماع المجلس وأسماء الرفاق المنتخبين إلى الهيئات القيادية.
واعتباراً من العدد /484/ الذي افتتح السنة الجديدة 2011 ارتفع عدد صفحات العدد القاسيوني الأسبوعي إلى 16 صفحة بدل 12 صفحة (وارتفع ثمنها من 10 ل.س إلى 15 ل.س). كما صارت معظم الافتتاحيات (طوال أعداد 2011 وصولاً إلى جزء من افتتاحيات 2012) تُنشَر موقَّعةً بأسماء رفاقٍ من أسرة التحرير من المنتخبين في الهيئات القيادية المنبثقة عن الاجتماع الأول للمجلس، ونذكر منهم (بتسلسل أبجدي): جهاد أسعد محمد، حمزة منذر، عبادة بوظو، عصام حوج، علاء عرفات، قدري جميل.
قاسيون بعد انفجار الأزمة السورية 2011
تميّزت أعداد قاسيون منذ مطلع 2011 بشكل خاص بقرع جرس الإنذار الباكر، كما تشهد الافتتاحيات المتعاقبة مثل (أحداث ودلالات– كيمياء الانفجار– خارطة الانتفاضات القادمة– ساحات مصر والتأثير العالَمي– ثورة الشعب المصري والدروس المستفادة– نحو إصلاح شامل وجذري– ملاقاة الجماهير بملاقاة مطالبها) ثمّ بلاغ 25 شباط 2011 الشهير الصادر عن اجتماع مجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين والذي نشر كافتتاحية تاريخية بارزة يوم السبت 5 آذار 2011 في العدد 492 ودعا إلى مجموعة تفصيلية من إجراءات الإصلاح الجذري الشامل في سورية (اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً ووطنياً) مؤكّداً ضرورة القيام بها دون إبطاء. ولكنها قوبلت بالآذان الصمّاء والمكابرة إلى أنْ «وقع الفأس بالرأس».
كان عدد قاسيون /495/ بتاريخ 26 آذار 2011 مفصلياً، إذ إنه تفاعل مباشرةً مع منعطف الأحداث. فأتت افتتاحيتها على مستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية والعقلانية والوعي الاستباقي والجرأة، الأمر الذي تفرّدت به قاسيون بين الصحف السورية. ومما جاء في تلك الافتتاحية: «الحقيقة التي لا بد من الاعتراف والتسليم بها، أن أحداث درعا لها كل مبرراتها الموضوعية، وقد مرّ بعضها في المطالب المرفوعة وربما اختصرتها كلمة «الحرية»، وهي حزمة واسعة من الظروف الاقتصادية- الاجتماعية والديمقراطية التي تجاوزت في تردّيها صبر الناس وتحمّلهم، تبدأ من غياب الحريات العامة بصورة شبه مطلقة، ولا تنتهي عند تفاقم النهب والفساد والفقر والبطالة والغلاء والمحسوبيات والاعتداء على أملاك الدولة وثرواتها وبيع مرافقها الحيوية وخصخصة منشآتها وغياب المحاسبة وسيادة القانون. وكلها تكرست وازداد تفاقمها بعد انتهاج واعتماد الليبرالية التي أولت الناس إلى حافة الاختناق. ولا شك أنّ أيّ حراك شعبي يفتح شهية كل القوى على اختلاف غاياتها وصفاتها وجنسياتها لامتطائه وتوجيهه بالاتجاه الذي تريد، وهو الذي ربما جرى في درعا، ولكن هل يبرر ذلك ترك المسألة للجهات الأمنية لمعالجته بالحديد والنار؟ بالطبع لا! بل ومن الحُمق تصوُّر أنّ ذلك سيحسم المسألة. بل إنّ المضيّ بذلك قد يفتح المجال مشرّعاً لتحول الحراك المشروع إلى فوضى خلاقة بكل ما للكلمة من معنى وأمنيات أمريكية وصهيونية وخليجية».
واعتباراً من ذلك العدد فصاعداً، بدأت قاسيون تخصص أسبوعياً قسماً من عدة صفحات تحت عنوان «سورية على مفترق طرق» الذي أصبح اسمه لاحقاً وحتى الآن «ملف سورية»، وتشهد المواد التي كتبت فيه عبر سنوات الأزمة حتى اليوم على صوابية مواقف التنظيم (كلجنة ثم كحزب) وتحليلاته حول أسباب وجذور وحلول الأزمة.
قاسيون الناطقة باسم حزب الإرادة الشعبية
في الاجتماع الوطني التاسع الاستثنائي للجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في دمشق 3/12/2011، تحت شعار «الاشتراكية هي الحل.. حكومة الوحدة الوطنية طريق التغيير والتحرير»، تم اتخاذ القرار بتغيير اسم «اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين» إلى «حزب الإرادة الشعبية» في سورية، مع بقاء الماركسية- اللينينية مرجعية الحزب، ومع التمسك بأهدافنا الإستراتيجية حول استعادة الدور الوظيفي للشيوعيين السوريين في حياة البلاد. ومن بين قرارات الاجتماع «اعتبار جريدة قاسيون لسان حال مجلس حزب الإرادة الشعبية في سورية».
مع العدد /601/ بتاريخ 6 أيار 2013 تم رفع عدد الصفحات لأول مرة في تاريخ قاسيون إلى 24 صفحة (بدلاً من 16 صفحة) مع رفع ثمنها إلى 25 ل.س (بعد أن كانت 15 ل.س)، وسرعان ما تبع ذلك أيضاً قفزة جمالية وعصرية كبيرة بتصميمها الفنّي وهويتها البصرية اعتباراً من العدد /613/ بتاريخ الاثنين 29 تموز 2013 والذي حافظت عليه حتى الآن. وبالنسبة لتغيرات سعرها اللاحقة، فقد ارتفع من 25 ل.س إلى سعرها الحالي (50 ل.س) منذ العام 2016.
قاسيون في المكتبات
في 4/6/2012 وافقت لجنة شؤون الأحزاب على ترخيص حزب الإرادة الشعبية «ليكون الحزب العاشر الذي يرخَّص له بموجب قانون الأحزاب الجديد».
وبتاريخ الأحد 18/5/2013 احتفى العدد /615/ عبر مانشيت صغير على الصفحة الأولى بعنوان «أكبر من جريدة» بنقلةٍ نوعية جديدة، وهي أنّ قاسيون صارت: «تشق طريقها اليوم صحيفةً موزعة في المكتبات والأكشاك في معظم ساحات الوطن، حاملةً بإخلاص رسالتها (كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار)، طامحةً أن تكون قولاً وفعلاً، لسان حال الإرادة الشعبية المناضلة من أجل مجتمع حرّ سعيد، وغدٍ أفضل... لتكون بأيدي أعدادٍ أوسع وأوسع من أبناء شعبنا العظيم...».
قاسيون كصوتٍ للحلّ السياسي
في هذا العدد 1000 من قاسيون مواد أخرى تراجع بتركيز أكثر على هذا الدور المهم لقاسيون كصوتٍ للحل السياسي. ونكتفي هنا بالإشارة إلى أنّ قاسيون كانت أول صحيفة سورية وعربية نشرت نصّ قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2015، بترجمة عربية كاملة على موقعها الإلكتروني بعد أقل من 24 ساعة صدوره، وفي نسختها المطبوعة، ثم أعادت نشر هذا القرار عدة مرات، فضلاً عن تفصيله وشرحه للجماهير، إلى جانب وثائق المبادرات والتوافقات السياسية السورية- السورية ذات الصلة بالحل السياسي بوصفه الطريق الوحيد لمستقبل آمن لسورية موحّدة أرضاً وشعباً يمارس شعبها حقه في تقرير مصيره وتنميته. كما قامت قاسيون بواجبها، وما تزال، بفتح صفحاتها ومنابرها لجميع القوى الوطنية السورية المؤمنة بهذا الحل والساعية إلى تنفيذه.
«نمشي ونكفّي الطريق»
كثيرون هم الرفاق الذين شاركوا في الكتابة في قاسيون النشرة، ثم الصحيفة. والمحررون في غالبيتهم كانوا جنوداً مجهولين مغفلي الأسماء أو كانوا يوقعون بأسماء رمزية.
بالنسبة لأسرة تحرير وكتّاب قاسيون الحاليين، فإنها تضم نسبة عالية من جيل الشباب المعروفين، وتميّزت قاسيون بذلك بشكل خاص منذ انطلاقتها الجديدة، وهذا انعكاسٌ طبيعي لحزبها الذي يضم نسبة عالية من الشباب، ويهتمّ بتقديمهم إلى مواقع المسؤولية وقيادة العمل.
أما قدامى المحررين فمنهم: الرفيق الشاعر محمد علي طه (أبو فهد) الذي بدأ الكتابة بالعدد /80/ عام 1983 ليغطي أخبار مجلس المحافظة والإدارة المحلية والمطالب الشعبية إلى جانب زاوية «نافذة على دمشق»، ثم زاوية «ماذا تقول يا صاحبي»، وزاوية «كيف أصبحت شيوعياً»، ونخص بالذكر مساهماته في حفظ ذاكرة قاسيون عبر كتاباته في مناسبات أعداد مئويةٍ سابقة، والتي اعتمدت عليها المادة الحالية بشكلٍ كبير. وهناك أيضاً مساهمات الرفيق وليد معماري. ومن رؤساء التحرير السابقين المعروفين: جهاد أسعد محمد، كمال مراد، عصام حوج.
كما ونتذكر في هذه المناسبة أيضاً رفاقاً من أسرة قاسيون كتبوا أو ساهموا بالعمل فيها، ورحلوا جسداً، ولكن ثمار عطاءاتهم وجهودهم باقية في روح الرسالة النضالية الجماعية والمتواصلة: مراد يوسف (أبو سامي) وديب الكردي (أبو دياب) وعادل الملا (أبو محمد) وكمال مراد (أبو بحر) وسهيل قوطرش (أبو المجد) وهشام باكير (أبو سعيد) وعدنان درويش (أبو فهد) والأديب عبد المعين الملوحي ومحسن أيوبي (أبو عصام) وياسر النجار (أبو وسام) وستيركوه ميقري (أبو محمود) والدكتور توفيق البطل، وعبدي يوسف عابد (أبو جهاد)، وغيرهم. فلذكراهم كل الاحترام والتقدير... وإنّ للقاسيونيِّين من اسم «قاسيون» وصلابة جلاميدِه وسُموقه نصيب، وسيواصلون الدربَ حتى النهاية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1000