فلنتعلم من غرور بشار الأسد!

فلنتعلم من غرور بشار الأسد!

ذهب الغرور ببشار الأسد مذهباً بعيداً في السنتين الأخيرتين من حكمه، حين توهم أن تقاطر الدول العربية والغربية على النقاش معه، وعلى فتح الأبواب له للجامعة العربية وغيرها من المحافل، هو انتصار شخصي له ولنظامه. ولكن تعنته وإهداره للفرص التي جرى منحها له، وخاصة عبر ثلاثي أستانا، وإصراره على التكبر على السوريين والعمل لإخضاعهم بالقوة، كل ذلك أودى به إلى النهاية البائسة التي يستحقها منذ سنوات طويلة.

ما عجز الأسد عن فهمه، هو أن الأهمية التي حازها، ليست أهميته ولا أهمية نظامه، بل هي أهمية سورية، بفرادتها الجغرافية- السياسية، وبعمقها التاريخي، وباتصالها المؤثر في كل دول الإقليم، وبكونها -بشكل أو بآخر- مفتاحاً أساسياً لواحدة من أهم المناطق في العالم، وأكثرها حساسية وتأثيراً في ميزان القوى الدولي.
أما وقد رأينا التجربة بأم أعيننا، ولم ننجُ من الشرير، فعلينا أن نتعلم منها ونمنع إعادتها، وكي نفعل ذلك فإن هنالك مدخلين أساسيين لا بديل عنهما:

أولاً: ينبغي أن نبني علاقاتنا الدولية بناء على فهمنا لمصالح الدول المختلفة بشكل عميق، وليس على ما تقوله أو على الوعود التي تطلقها؛ وهذا يعني بالملموس أن علينا ألا نأمن جانب الأمريكي أو «الإسرائيلي» بأي حالٍ من الأحوال، وعلينا أن نوازن العلاقة مع الأمريكي بالعلاقة مع خصومه ومنافسيه، وأن نكون مستعدين لخيارات أكثر جذرية في حال لم يكن هنالك بد من ذلك...
ثانياً: تأمين التوازن في العلاقات الخارجية، ينبغي أن يكون هدفه الأساسي هو صب الجهود تجاه الداخل، وليس العكس كما كان يفعل بشار الأسد؛ فجهود بشار الأسد الخارجية كانت لها غاية واحدة هي كتم صوت الداخل وقمعه وإخضاعه عبر الاستعانة عليه بالخارج. المطلوب هو العكس تماماً: تأمين قدر من التوازن في العلاقات الخارجية الغرض منه هو توجيه كل الأنظار تجاه الداخل باتجاه توحيده وباتجاه سد الثغرات ضمنه، وبالضبط عبر التوافق والحوار وتوحيد السوريين... السوريون جاهزون للعب دورهم التاريخي، وهم الأقدر على لعب هذا الدور بما يصب بمصلحتهم ومصلحة بلادهم موحدةً عزيزة كريمة، ولكن الباب نحو ذلك هو باب واحد: المؤتمر الوطني العام، وإنفاذ حق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه...

معلومات إضافية

العدد رقم:
0000