المحرر السياسي: خطاب الوطنية السورية يشق طريقه صعوداً
مع الإقرار بسوء المشهد السوري الحالي وصعوبته، إلا أنه ينبغي فهمه بشكل أعمق لمعرفة الاتجاهات المستقبلية له، والتي تتفاعل وتتراكم وتنضج، وبسرعة مذهلة، حتى وإنْ لم تعبر عن نفسها حتى الآن بأشكال واضحة ونهائية.
ما يمكن تثبيته في هذا السياق، هو التالي:
أولاً: رفع مستوى الخطاب الطائفي التحريضي، هو تعبير واضح وملموس عن عمل دؤوب، داخلي وخارجي، للتغطية والتعمية على التناقضات الأساسية الواجبة الحل، والناضجة باتجاه الحل؛ وعلى رأسها التناقض في توزيع الثروة داخل البلاد بين ناهبين ومنهوبين... ما يعني ضمناً، نضج الضرورة الموضوعية لاستكمال إسقاط سلطة الأسد بتغيير النظام الذي أرساه، تغييراً جذرياً شاملاً، اقتصادياً-اجتماعياً وديمقراطياً ووطنياً... وكل عملٍ باتجاه تسعير التناقضات الطائفية، يهدف في نهاية المطاف إلى منع تغيير النظام، ومنع بناء نظام جديد يخدم سورية والغالبية الساحقة المسحوقة من السوريين، والتي تنتمي إلى كل الأديان والطوائف والقوميات...
ثانياً: الاستثمار الخارجي والداخلي في الخطاب الطائفي، وفي محاولات قسم السوريين إلى أعداء على أسس دينية وطائفية وقومية، قد وصل عملياً إلى ذروته القصوى، وساهم إسهاماً واضحاً في سفك الدم السوري من كل الأطراف، وفي خلق الفوضى والاضطراب والدمار والخراب الذي أضر ويضر كل السوريين. وحين يصل الخطاب الطائفي إلى ذروته القصوى، فإن أمامه طريقاً واحداً هو الانحدار والتراجع.
ثالثاً: بالتوازي، فإن الخطر الكبير الذي شكّله ويشكله التحريض الطائفي، قد أيقظ شعلة الخطاب الوطني السوري الجامع، لدى فئات واسعة من الشعب السوري، بمن في ذلك أناس عاديون ونخب سياسية وطنية ورجال دين معروفين من مختلف الطوائف والأديان، بدأوا يرفعون الصوت السوري الأصيل ضد كل أشكال التطرف، من أي جهة جاء، ويدفعون باتجاه الحوار والتوافق والمؤتمر الوطني العام مخرجاً وحيداً لا بديل عنه. والخط البياني للخطاب الوطني الجامع، وعلى عكس خطاب التحريض، هو خطٌ صاعد سيزداد حضوراً وقوة وتأثيراً بشكل سريع، بالضبط لأنه ضرورة موضوعية ناضجة، ولأن جذور الانتماء السوري أعمق بما لا يقاس من الزبد الطائفي الراهن، ومن التخريب «الإسرائيلي» والأمريكي الذاهب نحو التراجع والانحدار موضوعياً، مع انحدار واندثار الأحادية القطبية الذي يتحول إلى واقع ملموس بشكل متسارع، وعلى كل المستويات.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 0000