افتتاحية قاسيون 973: خطوة إضافية  باتجاه الحل

افتتاحية قاسيون 973: خطوة إضافية باتجاه الحل

تضمن بيان قمة ثلاثي أستانا يوم الأربعاء الماضي، الأول من الشهر الجاري، أربع عشرة نقطة، وامتاز عن البيانات السابقة بشمول أوسع لجوانب المسألة السورية.

وإذا كان بين البنود ما هو مكرر من البيانات السابقة، وخاصة البنود المتعلقة بوحدة سورية وضمان سيادتها والعمل المشترك لتطبيق القرار 2254، فإنّ البيان الأخير حمل إضافة نوعية عبر الموقف المشترك من مسألتين أساسيتين: الجولان السوري المحتل، والعقوبات.
قبل الدخول في معاني هاتين النقطتين، لا بد من الإشارة إلى أنّ قمة الأربعاء هي سادس قمة ثلاثية لرؤساء روسيا وإيران وتركيا خلال عامين ونصف، ابتداءً من القمة الثلاثية الأولى بتاريخ 24/11/2017. وحجم النشاط العالي جداً لهذه الثلاثية، ناهيك عن اجتماعات أستانا نفسها ولقاءات وزراء الخارجية الثنائية والثلاثية، هو مؤشر إضافي يدعم ما قلناه مراراً من أن مسار أستانا هو في جوهره منظومة إقليمية بإطلالة دولية، نشأت على أساس الموضوع السوري، ولكنّ أبعادها أكبر وأوسع، وأنّ كل المحاولات الغربية لفرط عقد أستانا ولإيقاع الفتن بين أطرافه باءت بالفشل.
بالعودة إلى البيان، فإنّ الحديث عن التصدي المشترك للعقوبات الغربية الأحادية يفتح الباب لتفعيل انتماء سورية اقتصادياً إلى العالم الجديد بالمعنى الاقتصادي والمالي، وبكل أبعاد ذلك العالم وطاقاته الكامنة، وبعيداً عن منظومة النهب الدولارية. ولكنّ تحويل هذا التوجه إلى أمر واقع لإنقاذ الشعب السوري من كارثته التي لا تكف عن التعمّق، يتطلب بالضرورة تهيئة البنية المناسبة في سورية نفسها للانخراط الفعلي في العالم الجديد. هذا بدوره يتطلب الانفصال كلياً عن منظومة الدولار ووضع حدّ نهائي لمنظومات الفساد والنهب والكومسيون المرتبطة جميعها بالغرب، بشكل أو بآخر. كل ذلك يعيدنا إلى النقطة الأساسية الواجبة التحقيق لمنع انهيار سورية وللحفاظ على وحدتها وسيادتها، أي: نحو التنفيذ الكامل للقرار 2254، وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الروسي يوم الجمعة الماضي خلال لقائه مع وفد ليبي في موسكو.
النقطة المتعلقة بالجولان السوري المحتل، هي الأخرى تحمل أهمية كبرى؛ فالقرارات الدولية التي تؤكد سورية الجولان، وتطالب بانسحاب العدو الصهيوني منها لا تزال معلقة دون تنفيذ. وإذا كان التوازن الدولي السابق قادراً على منع تنفيذها، فإنّ التوازن الجديد يسمح بذلك. وينبغي للقوى والدول التي لها مصلحة في استقرار سورية والمنطقة أن تزود الشعب السوري بالدعم اللازم بأشكاله المختلفة لإجبار الصهاينة على الانسحاب من الجولان، كجزء من عملية الحل السياسي الشامل.
إنّ الإنجازات التي حققها مسار أستانا حتى الآن هي إنجازات لا يمكن إنكارها، ولكن مستوى الضرورات بات مرتفعاً للغاية في ظل الجوع والعوز المتفاقم، وفي ظل العمل الأمريكي الهادف إلى إعادة تفجير سورية من جديد، وأيضاً في ظل عجز البنية القائمة عن فعل أي شيء اتجاه سورية والشعب السوري سوى تعميق الكارثة... لذلك كلّه فإنّ الخطوات العملية باتجاه تنفيذٍ كاملٍ للقرار 2254، باتجاه امتلاك الشعب السوري لحق تقرير مصيره، هي ما يجب أن يراه السوريون، وقبل فوات الأوان!

افتتاحية قاسيون 973

06/07/2020

لتحميل العدد 973 بصيغة pdf

معلومات إضافية

العدد رقم:
973
آخر تعديل على الأحد, 05 تموز/يوليو 2020 21:08