قوات أمريكية للإيجار!
أوردت وكالات الأنباء خبر تمويل بقاء القوات الأمريكية في الشمال السوري، من طرف كل من السعودية والإمارات بعد طلب هاتين الدولتين من الولايات المتحدة عدم سحب قواتها من الأراضي السورية.
التبرع الخليجي جاء ضمن محاولة حسم الجدل داخل الإدارة الأمريكية حول سحب هذه القوات، حيث كان بقاؤها مجال تجاذب بين أركان الإدارة في ظل الانقسام الأمريكي.
صحيح أنه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيه محميات الخليج إلى تمويل القوات الأمريكية في الخارج، ولكن هذه الخطوة تتمايز عن سابقاتها بأنها مكشوفة ومعلنة من جهة، ومن جهة أخرى أنها تأتي لصالح الطرف الفاشي ضمن الإدارة، الذي يتراجع دوره في ظل تقلص الموارد الأمريكية على خلفية الأزمة الاقتصادية، وعليه يمكن القول: إنها عملية تأجير مباشرة للقوات العسكرية لكي تبقي الدول الخليجية على شيء من نفوذها في سورية في ظل احتمال تقدم العملية السياسية، ولكنه تأجير من نمط خاص من الاستثمار في سوق الحرب، حيث المؤجر هو المأمور في نفس الوقت على عكس ما تقوم عليه عمليات الإيجار المعروفة، فهي تأتي في سياق تعزيز مواقع قوى الحرب في الإدارة، وامتداد لها.
مشكلة هذه الصفقة في جانب منها أنها قد تمد الموهومين في المعارضة السورية، بالأمل في إمكانية الاستعاضة عن وجودها المتآكل في الميدان، بعد سلسلة التراجعات التي فُرضت عليها على إثر العمليات العسكرية والمصالحات والهدن التي جرت في مناطق واسعة من البلاد، وكانت آخرها المنطقة الجنوبية، مع التحضيرات الجارية في إدلب، وإثارة بعبع الكيمياوي من جديد والتقارير الواردة عن التحضير لفبركة عملية كيميائية جديدة، تكون مدخلاً لتوتير الأوضاع من جديد، قد تصل إلى عمليات عسكرية غربية ضد المواقع السورية.
بات من المعروف أن قوى الحرب أمام أي احتمال بتقدم في العملية السياسية، تلملم ما تبقى من قواها لإيجاد عراقيل جديدة أمام قوى الحل السياسي، فهذه المحاولة تأتي رداً على المؤشرات عن قرب تشكيل اللجنة الدستورية من قبل الترويكا، بما فيها احتمال كبير بتفكيك عقدة تمثيل تيار الإدارة الذاتية، والبدء بتنفيذ مهمتها، بالتوازي مع التحضير لفرز الجماعات المسلحة عن جبهة النصرة في محافظة إدلب التي تعتبر آخر أدوات قوى الحرب والفاشية على الأرض السورية.