رغم التصعيد .. الحل قادم!
تختلف التحليلات وتتعدد، حول التصعيد العسكري الأخير في سورية وحولها، ومآلاته، ليسود من جديد الانطباع العام بأن القرار بات للسلاح مرة أخرى.
إن التأكيد مجدداً على حتمية الحل السياسي، والثقة بانتصار هذا الخيار، رغم قتامة المشهد، لا يتعلق في المحصلة برغبة وسلوك هذا الطرف أو ذاك، بل قبل ذلك لأنه ضرورة موضوعية، مشتقة من - ومستندة على، ميزان القوى الدولي الجديد، وبالدرجة الأساسية الدور الروسي، حيث إن الوصول إلى مثل هذا الحل كان وما زال محور الدور الروسي منذ بداية الأزمة، و أنه استطاع رغم كل التعقيدات والعراقيل الميدانية أن يخطو خطوات كبيرة وملموسة بهذا الاتجاه، ومتقاطعة في العمق مع مصالح الشعب السوري، وتوقه إلى الخروج من هذه الدوامة.
في الوقت الذي يتعالى فيه صوت السلاح، وفي ظل هذه المعمعة، تستمر جهود الأمم المتحدة في تشكيل لجنة الإصلاح الدستوري، كخطوة لاستئناف التفاوض المباشر، أي أنه ولى ذلك الزمن الذي كان بالإمكان عرقلة سير العملية السياسية من خلال التصعيد الميداني، و في ظل هذا الوضع المتأزم نفسه، تؤكد كل القوى الدولية باستمرار على أهمية الحل السياسي، وعليه فإن الواقع الميداني و موقف هذا الطرف أو ذاك، لا يحدد اتجاه سير العملية، ولا يعتبر معياراً كافياً للحكم على العملية السياسية، وإمكانية تقدمها وتحقيق اختراقات جديدة في سياقها، في ظل وجود شرط التوازن الدولي الجديد وتبعاته.
إن قعقعة السلاح من جديد، وما رافقها من إيحاءات ومحاولات أمريكية بتثبيت الأمر الواقع القائم على الأرض، تأسيساً للتقسيم، أو على الأقل المزيد من استدامة الاشتباك، تؤكد للسوريين مرة أخرى على أهمية الحل السياسي كخيار وحيد، لحل الأزمة، وتأكيد متجدد على ذلك الرأي الذي كان يقول منذ بداية الازمة، باستحالة انتصار أي طرف عسكرياً في هذه الحرب، خصوصاً وأن استمرارها بات يشكل تهديداً لوحدة الدولة السورية. و تؤكد أيضاً على ضرورة الإسراع بالحل، تجنباً للمزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات. وهذا التصعيد ما هو إلا ممانعة معتادة من القوى التي لا تريد الوصول إلى حل في مختلف الأطراف، والتي لم يكتب لها النجاح سابقاً إلا بشكل مؤقت، لابل، يمكن الاستنتاج بناء على التجربة نفسها، بأن ارتفاع وتيرة التصعيد، يعكس فزع قوى الحرب من اقتراب الحل أكثر من أي وقت مضى، ويعكس مسألة وضع الملفات بالجملة على طاولة البحث، بما فيها خروج القوات الأمريكية من سورية.
إن شل قوى الإرهاب، من «داعش» و«النصرة» والتراكم الكبير الذي حدث في مسار الحل السياسي، وتزايد فعالية القوى الصاعدة دولياً، و ازدياد وزن قوى المعارضة الوطنية – الديمقراطية، والتقدم المستمر في خياراتها، وأصوات السوريين الداعية الى الحل التي تعلو في الكثير من مناطق البلاد، بين الموالاة والمعارضة، تشكل كلها بداية تحول انعطافي، باتجاه الحل المأمول وتسريعه.