عرفات: المحاولات الأمريكية لإسقاط أستانا فشلت..
أجرت إذاعة «ميلودي FM» بتاريخ 26/2/2018، حواراً مع أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو جبهة التغيير والتحرير، علاء عرفات، للحديث حول المستجدات السياسية الأخيرة المتعلقة بحل الأزمة السورية، والقرار الدولي 2401، وفيما يلي نقدم أبرز ما تضمنه الحوار من أفكار..
الهدنة لا تشمل
«داعش» والنصرة..
فيما يخص القرار 2401، الذي ينص على هدنة شاملة على الأراضي السورية جميعها، أكّد عرفات: «الحقيقة إذا أردنا التكلم بالقرار وما سبقه شيء، وبالقرار وما تلاه شيء آخر. ما سبق القرار إذا تكلمنا عن الغوطة ومنطقة إدلب_ لأن القرار حسب صدوره هو يشمل الأراضي السورية جميعها_ قبله كان هناك شيء يسمى مناطق خفض تصعيد؛ وهي أربع مناطق معروفة: المنطقة الجنوبية، والمنطقة الوسطى، الغوطة، والمنطقة الشمالية التي هي إدلب وريف حلب الغربي، وكانت هذه المناطق قد تقدمت بعض الشيء، بعضها تقدم بشكل كبير مثل: المنطقة الجنوبية، وهي منطقة هادئة إلى حد بعيد، والمنطقة الوسطى أيضاً، في حين أن إدلب والغوطة تقريباً لم يتوقف فيها العمل العسكري وأعمال العنف. من تابع مشروع القرار الكويتي السويدي كان فيه دعوة لوقف إطلاق النار، تحديداً في الغوطة وإدلب وثانياً: لم يذكر مناطق خفض التصعيد، بمعنى كان هناك خطوة خطيرة للغاية فيما لو تمت بأن يقوم مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار لوقف إطلاق النار، متجاهلاً مناطق خفض التصعيد، وبالتالي نسف منجزات أستانا، وإذا أردتم نسف منجزات سوتشي أيضاً، وبالتالي هذا الذي أثار حفيظة الطرف الروسي، وأدى عملياً بتأخير صدور القرار لمدة يومين، وبعدها صدر كما ينبغي، وكما يريد الطرف الروسي عملياً».
وتابع عرفات: «صرّح السيد لافروف: أن قرار مجلس الأمن لا ينطبق على التنظيمات الإرهابية، وأن هناك فصائل تتعاون مع التنظيمات الإرهابية وسماها بالاسم، وهم أحرار الشام وجيش الإسلام. وبالتالي هذه الفصائل لم يعد ينطبق عليها القرار، والتعامل معها عسكرياً أصبح مشروعاً، وهذا تطور جديد لأن هذه الفصائل قبل قرار مجلس الأمن كانت معتبرة فصائل معتدلة، وبالتالي قابلة للحوار، وبالتالي نحن أصبحنا في هذه النقطة أمام واقع جديد. أما فيما يتعلق بتطور العمليات العسكرية، فإذا كان الجيش العربي السوري سيستند إلى هذا التقييم الذي تحدثت عنه قبل قليل، فهذا معناه أن الغوطة برمتها ستكون ساحة معركة، أما إذا استند بنشاطه العسكري إلى منطوق قرار مجلس الأمن والوضع السابق فهو عملياً سيخوض المعارك في مناطق الفصائل التي كانت مسماة فصائل إرهابية استناداً إلى مجلس الأمن وأقصد جبهة النصرة».
وحول الوضع في عفرين، قال عرفات: «الحقيقة أن عفرين موضوع معقد، وأعتقد أن عفرين لن تشهد هدوءاً في الأيام المقبلة والتصريحات التركية تقول: إن قرار مجلس الأمن لا يشمل عفرين وهم مستثمرين في عمليتهم العسكرية والوقائع على الأرض تقول: إن العمل العسكري مستمر هناك، وهم يتقدمون في منطقة جندريس، وبالتالي هنا من الواضح أن قرار مجلس الأمن غير سارٍ في موضوع عفرين».
الارتباط الميداني السياسي
أولاً: يجب أن ننتبه إلى أن أحداث إدلب والغوطة كانت مواكبة لأستانا الأخير، وأستانا الأخير عُقد في 22/12/2017، في هذا الاجتماع نُوقشت منطقة خفض التصعيد الرابعة التي هي إدلب، واتضح في هذا الاجتماع أن نقاط المراقبة المطلوب نصبها في منطقة إدلب لم تُنصب، وجرى فيها ثلاث نقاط من أصل عشرين نقطة، والأتراك كان يُفترض أن يضعوا 12 نقطة، وضعوا ثلاث نقاط فقط، والسبب كما برره الأتراك في أستانا أنه هناك يوجد جبهة نصرة، والنصرة تنظيم إرهابي ونحن غير قادرين على التعامل معه، بمعنى أن النصرة لم تعد تسمح، وفي 25 بدأت العمليات العسكرية للجيش السوري وحلفائهِ في منطقة إدلب، إذاً لا يمكن اعتبار معركة إدلب إلا أنها إحدى نتائج أستانا الأخير أي: أنّ هناك توافقاً أياً كان شكله لدرجة أنه كان واضحاً أن المعارك في بدايتها لم تكن شديدة، ولم تكن هناك مقاومة، بمعنى: هناك كثير من الفصائل انسحبت أوتوماتيكياً، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان هناك اتفاق، ولكن فيما بعد بدأت معارك إدلب تأخذ شكلاً صعباً، حصلت اشتباكات طاحنة وضربات كبيرة وحملة إعلامية مواكبة لهذه العملية. وفي الغوطة أيضاً كانت الأمور «فيها حرارة» ثم إذا أردنا أن نؤرخ قليلاً، يجب أنه ننتبه أن بعد 29 و30 الشهر الماضي ارتفعت الحرارة، وبدأت بالارتفاع أكثر فأكثر، وفي 29 الشهر الماضي عُقد مؤتمر سوتشي، والميدان دوماً يرتبط بذلك. إذاً هنا لدينا قضيتان؛ أولاً: موضوع مناطق خفض التصعيد التي كانت جبهة النصرة تحاول منع قيامها، وجرى فرضها عسكرياً سواء في إدلب، أو في الغوطة أيضاً، والفصائل في الغوطة لعبت دوراً بمحاولة إحباط إنشاء منطقة خفض التصعيد، فالاستنتاج: أن هذه الفصائل المصنفة إرهابية، ومعها فصائل أخرى، عملت من أجل إفشال ذلك التقدم في مجال الحل السياسي.
المندوب الأمريكي نائم..
ولتوضيح الخلفية السياسية لما تقدم أضاف عرفات: «سأعود قليلاً إلى الوراء، لأيام أوباما، وكان عنده وزير خارجية اسمه كيري، كيري ولافروف قاموا باجتماعات كثيرة، وكانت اجتماعاتهم مطولة وكان الهدف من هذه الاجتماعات: وقف إطلاق النار في سورية، وفصل الفصائل المعتدلة عن الفصائل الإرهابية، وبعد آخر اتفاق جرى بينهم بيومين، جرت ضربة كبيرة في جبل الثردة في دير الزور في ذلك الحين، وبعدها أدرك الروس أن الحديث مع الأمريكان لا طائل منه، فقاموا بالمبادرة التي ذهبوا بها إلى أستانا وقاموا بشيء اسمه ترويكا التي حصلت في موسكو بين إيران تركيا وروسيا، وبدأوا باجتماعات أستانا، التي نجم عنها اجتماعات خفض التصعيد أولاً، ثم جاءت عندنا خطوة هامة جداً، وهي: مؤتمر سوتشي الذي قام بخطوة هامة للغاية، وقام باختراق إن صح القول، بموضوع تشكيل لجنة إصلاح دستوري وأُعطيت للأمم المتحدة، أي: كانت لها تغطية دولية، ما الذي يحصل؟ الذي يجب أن نفهمه أن هذه الترويكا وعلى رأسها روسيا تدفع الأمور في سورية باتجاه الحل السياسي، واستطاعت أن تقوم بخطوات جدية، في حين أن الأمريكان وحلفاءهم وخاصة الكيان الصهيوني_ الذي لا يظهر في اللوحة، وهو دائماً متخفٍّ_ طوال الوقت، وهم يحاولون إعاقة هذا التقدم بأدوات مختلفة على الأرض، استناداً إلى القوى الإرهابية في الدرجة الأولى، وفي السياسة عبر الأدوات المختلفة، سواء عرقلة عبر الدول _ ومن هنا نفهم الموقف القطري_ أو عبر مجلس الأمن لأنهم خرجوا عملياً من إطار صياغة الحل السوري، وبالمناسبة، فإن المندوب الأمريكي في أستانا يحضر بصفة مراقب وغالباً ينام، وهناك صور التقطت له وهو نائم في أحد اجتماعات أستانا».
«الكيماوي السوري» معركة سياسية إعلامية..
وحول موضوع الكيماوي السوري، أوضح عرفات: «في المعنى العسكري كل الضربات العسكرية ما عدا ضربة الـ 2013 التي أدت إلى مقتل حوالي 1000 مدني حسب المصادر المختلفة، إذا وضعناها جانباً، باقي الضربات في خان شيخون وغيرها هي عبارة عن أعمال ضحاياها محدودة، يختنق 30 أو 40 شخصاً وتتم معالجتهم وممكن أن يموت شخص، ما يعني عسكرياً بأن ضربات الكيماوي ليس لها تأثير، إذاً دورها هو ما يجري؛ يُضرب السلاح الكيماوي ويُستغل إعلامياً ويذهب الحدث لمجلس الأمن، طالما أنه سلاح محرم دولياً، وبعدها يُفتح باب الدعوات من أجل تدخل خارجي في سورية، بمعنى أن الأطراف التي تستخدم هذا السلاح تحرض عملية التدخل الخارجي، وربما لا تريد التدخل الخارجي أيضاً، لأن الدخول عملياً صعب في ظل التركيبة الحالية، فربما المقصود هو: المعركة الإعلامية السياسية، وتظهير الطرف الروسي أنه داعم للطرف الذي يستخدم الكيماوي».
أستانا ليست بديلاً لجنيف..
حول مساري جنيف وأستانا، أشار عرفات: «أنا لست مع المقارنة بين جنيف وأستانا، لأن أستانا كان يناقش فيه مواضيع عسكرية، أما جنيف فمواضيع سياسية بالدرجة الأولى، في وقت من الأوقات كان المبعوث الدولي يقترح على السوريين المتقاتلين أن يقوموا بهدنة ولكنها لم تنجح لا على زمن دي مستورا، ولا الأخضر الإبراهيمي، لذلك أخذ هذا الموضوع إلى أستانا لحله. هناك منْ يكره جنيف، أنا شخصياً مع اتجاه جنيف، لأن جنيف في ظل موازين القوى الجديدة، يمكن أن يقدم حلاً حقيقياً للأزمة السورية استناداً للقرار 2254. ولذلك خلط جنيف في أستانا ومحاولة إظهار أن أستانا هي بديلة عن جنيف هي غير حقيقية، وهي وهم.
القفز فوق أستانا غير ممكن..
فيما يخص التصريحات الأمريكية التي تنعي سوتشي وآستانا، أوضح عرفات: «الأمريكان كشفوا عن أنفسهم، والمستهدف نتائج أستانا وهي: وقف إطلاق النار، وتخفض مستوى العنف، ومناطق تخفيض التصعيد. وبالعودة إلى نص قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، فإن روسيا لم تسمح لهم باللعب في هذه القضية، فقد تضمن القرار العودة إلى الوضع السابق بعد نهاية الهدنة؛ أي: وقف إطلاق النار استناداً للاتفاقات السابقة، وفق مناطق خفض التصعيد التي تم الاتفاق عليها في أستانا، ما يعني: أنه من غير المسموح روسياً القفز فوق أستانا، وفيما يخص سوتشي، فأيضاً جميع محاولتهم التي تحدثنا عنها في اللقاء السابق معكم باءت بالفشل».
وفيما يتعلق بمناقشة المسألة الدستورية، والتطورات حول لجنة الإصلاح الدستوري بيّن عرفات: «حسب معلوماتي أن السيد دي مستورا يقوم بمشاوراته، والتقى ببعض الدول (الروس والأتراك والإيرانيين والأمريكان) وجملة دول ذات علاقة بشكل أو بآخر، والتقى بممثلي الحكومة السورية، وبعض ممثلي المعارضة، هناك سعي من أجل تشكيل اللجنة، الأطراف المختلفة قدمت اقتراحاتها حول شكل اللجنة والأسماء، والمبعوث الدولي سيعمل على الأرجح من أجل لجنة متوازنة تمثل الجميع وتكون فعّالة».
في الإجابة عن سؤال حول التوقعات للخطى الأمريكية التالية في سورية، أكّد عرفات: «في الأزمة السورية الأمريكان لم يستخدموا قواهم، كانوا يستخدمون إما دول أو أدوات محلية في سورية خلال كامل فترة الأزمة. الآن هذه الأدوات تتساقط؛ القطريون خرجوا خارج اللعبة، والأتراك بدأوا بفعل استدارة رغم ما يجري في عفرين، والسعوديون أيضاً بدأوا بفعل الاستدارة، فعلى الأقل لم نعد نسمع تصريحات سعودية نارية كما السابق. وإذا نظرنا إلى الأدوات الداخلية للإرهاب، أهم أداة كانت «داعش» وانتهت. الأداة الأخرى هي النصرة وأشباهها، وهي الآن موضوعة على الطاولة. وبالتالي الأدوات التي يقوم الأمريكان باستخدامها ينقص عددها، وهي ستذهب بالتدريج إلى الصفر، وهم نظرياً أمام خيارين: إما أن يمشوا بإطار دفع الحل السياسي السوري، ويقبلوا بوزنهم الحقيقي، أو سيكون عليهم اتخاذ إجراء عسكري بقواهم الخاصة، وهو ما يهددون به الآن، وتهديدهم لا يعني أنهم سيفعلون».
الوجود الأمريكي في سورية مؤقت
حول شكل وطبيعة الوجود الأمريكي في سورية، أوضح عرفات: «توجد قاعدة (إنجرليك) في تركيا التي يوجد فيها طيران وسلاح نووي وإلخ، في سورية لا يوجد هذا الشيء، يوجد وجود أمريكي محدود، أظن أنهم كان لديهم مدافع ولكنهم قاموا بسحبه بعد معركة الرقة، ولديهم ما يسمونهم مدربين ومستشارين عسكريين، هذا حجم الوجود الأمريكي، لا أريد أن أقلله ولكن أيضاً يجب أن لا نزيده. الدور الأساس الذي يحاول الأمريكان أن يقوموا به هو عن طريق وحدات الحماية، وليس عن طريق قواهم الخاصة، وأعتقد أنهم سيستمرون بذلك، وأعتقد أنهم لن يستطيعوا المكوث في سورية، سيحاولون البقاء وسيحاولون تقسيم سورية، ولكن أعتقد أن الظرف الموضوعي، وميزان القوى الدولي، لا يسمح لا بهذا ولا ذاك، والوضع الدولي لن يسمح لهم، بالإضافة لوجود قوى جدّية موجودة في المنطقة ليست راضية على هذه المسألة، سواء الروس أو الإيرانيون أو الأتراك، الأتراك لن يقبلوا بالقواعد الأمريكية في سورية، لأن هذه ستقوم بافتعال مشكلة لهم، حيث سيزيد من وزن خصومهم، ومثل هذا السلوك قد يؤدي بتركيا أن تتحول تحولاً كاملاً ضد الأمريكان، والأمريكان يراهنون على محاولة استعادة تركيا الموجودة بالناتو، لأن خروج تركيا من الناتو سيحدث مشكلة في الناتو، لأن الجيش التركي هو ثاني جيش في الناتو، وهي الدولة الموجودة عملياً على حدود روسيا، وفي منطقة «الشرق الأوسط»، لذلك خسارة الناتو في خروج تركيا منه إذا حدث هذا، ستكون خسارة هائلة، وبالتالي الأمريكان سيقومون بحسابها جيداً».