عفرين... والحلول السياسية الضرورية

عفرين... والحلول السياسية الضرورية

يستمر العدوان التركي على مدينة عفرين السورية والقرى والبلدات المحيطة بها، وتزداد وحشيته يوماً بعد آخر، وذلك من خلال القصف بالطائرات والمروحيات، وغيرها من وسائل وأدوات العدوان الجوي والبري.

 

منذ أكثر من شهر ونصف، ومع بدء العدوان التركي، تم استهداف البنى التحتية والأبنية السكنية في المنطقة، والتي ذهب ضحيتها مئات المدنيين، كما تم أسر العشرات من السكان المدنيين لقرى عفرين، على أيدي القوات التركية، والميليشات التابعة لها، وما زال هذا الاستهداف الوحشي مستمراً حتى الآن... بينما لا يستطيع المدنيون أن يخرجوا من عفرين بحثاً عن الملاذ الآمن، إلا بتكلفة قد تصل إلى 400 ألف ليرة للشخص الواحد عبر قرية «فافين».
مع تزايد وحشية العدوان، والذي طال مدينة عفرين نفسها، تزايدت عمليات نزوح المدنيين من مركز المدينة باتجاه مدينة حلب، أو نحو «فافين» القريبة من مسمية في ريف حلب.
يشير البعض إلى أن مدينة عفرين أصبحت تضم قرابة المليون نسمة حالياً، الخدمات العامة لا تستطيع أن تلبي هذا العدد، والواقع يتردى بعد الاستهداف المباشر للمرة الثانية لسد ميدانكي، مما أدى إلى انقطاع المياه عن المدينة، بالإضافة إلى مساعي العدوان في عزل السكان عن الاتصال بالعالم الخارجي، عبر استهدافه لشبكتي الاتصالات المشغِّلتين في البلاد.
ما يزيد الأوضاع قلقاً، هي: التصريحات التي تطلقها زعامات الدولة التركية حول احتمالات دخول عفرين، لا بل والتهديد بالتوجه إلى مناطق الشمال السوري جميعها، وصولاً للعراق، ما يعني تحولاً دراماتيكياً في الأزمة السورية ككل، وإدخال المنطقة الشمالية الشرقية في مجال الدمار، بعد أن بقيت بمنأى عنه طوال سنوات الأزمة.
وإذا ما امتدت المعارك واستمر العدوان التركي، فإن المسعى الأمريكي يكون قد نجح مؤقتاً، بنقل التوتر في الشمال الشرقي السوري، ليصبح ساحة نزاع إقليمية، من خلال التناقض القومي. وسيكون الثمن عدا عن تأخير الحل السياسي في سورية، مزيداً من الدمار السوري، وخسارة سياسية كبرى للقوى السياسية الكردية التي ورطها الأمريكيون بهذا الصراع، وكذلك ستدفع تركيا ثمناً سياسياً هاماً لدخولها السافر على خط التوتير الإقليمي.
الحل السياسي ووقف العدوان
إن القوى السورية والإقليمية والدولية ذات الشأن، مدعوة للعمل على إيقاف القتال وتحييد المدنيين والبنى التحتية عن دائرة الصراع الدائر، وتحويل منطقة عفرين، والشمال السوري عموماً، إلى منطقة خفض تصعيد... أي التفاوض للوصول إلى حل لوضع التوتر القائم حالياً، ولمنع تمدده. وفي الوقت نفسه إنجاز مهمة التمثيل السياسي للأكراد في مفاوضات الحل السياسي السوري الشامل، الأمر الذي يسحب استخدام الأمريكيين للقضية الكردية في سوريا. والأهم إنهاء الاعتماد على الوجود الأمريكي العسكري، والسعي لإنهاء هذا التواجد غير الشرعي... لأن بقاءه يعني حكماً استمرار محاولات التصعيد والتوتير.