انفتاح الأفق: اتجاه موضوعي لا رادّ له في ظل أزمة الإمبريالية العالمية

انفتاح الأفق: اتجاه موضوعي لا رادّ له في ظل أزمة الإمبريالية العالمية

تحت شعار «الذكرى المئوية لثورة أكتوبر، والمطلوب كي يستعيد اليسار دوره» عقدت مجموعة من القوى اليسارية والشيوعية لقاءً في العاصمة السلوفاكية براتيسلافا يومي 27-28 أيار/مايو 2017. اللقاء الذي يعد الثاني من نوعه بعد أن تم اللقاء الماضي في الدانمارك في عام 2016، افتُتح بكلمة لرئيس الحزب الشيوعي السلوفاكي يوزيف هردليتشكا استعرض فيها دور الحزب الشيوعي السلوفاكي بمواجهة الهجمات الإمبريالية وصعود القوى الفاشية في أوربا. هذا وقد حضر اللقاء رفاق من الحزب الشيوعي العراقي وممثلون عن الحزب الشيوعي السوري الموحد وتيار طريق التغيير السلمي في سورية وحزب الارادة الشعبية في سورية بالإضافة إلى عدد من اليساريين المستقلين.

ألقى الرفيق معن خالد عضو المجلس المركزي لحزب الإرادة الشعبية محاضرة بعنوان (انفتاح الأفق: اتجاه موضوعي لا رادّ له في ظل أزمة الإمبريالية العالمية) سيتم نشر أبرز نقاطها في صحيفة قاسيون بعد أن تم نشر المحاضرة كاملة على موقع قاسيون الالكتروني، وفيما يلي أبرز ماجاء فيها:
في الحقيقة إن مصدر التفاؤل الذي يؤكد عليه حزب الإرادة الشعبية تمت الإجابة عليه نظرياً منذ بدء حالة الحزب بالصيغة السابقة على شكل المؤتمر الاستثنائي للحزب الشيوعي السوري عام 2003 ولاحقاً اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، حيث يرد في نص تقرير المؤتمر الاستثنائي للحزب ما يلي:
(.. وهذا يسمح لنا بالقول بكل جرأة: أنّ زمن انفتاح الأفق المؤقت أمامها (أي: الرأسمالية) في النصف الثاني من القرن العشرين الذي استطاعت أن تغير فيه ميزان القوى العالمي لصالحها، قد ولّى إلى غير رجعة، وأن عملية عكسية قد بدأت سيميزها تغير تدريجي سريع لميزان القوى لصالح القوى الثورية العالمية أي أنّ الأزمة التي كانت تعاني منها هذه القوى هي في طور الانتهاء، وهي في حالة انتقال إلى مرحلة صعود، عليها أن تستعد لمواجهتها وتحقيق أكبر النتائج الممكنة على أساسها).
إذاً، فإن ما ينبغي الإجابة عنه هو ما حقيقة انفتاح الأفق أمام الشعوب والحركة الثورية مقابل انسداد الافق امام النظام الرأسمالي العالمي؟
للإجابة عن ذلك سيتم عرض ثلاثة جوانب أساسية حول الوضع الراهن للنظام العالمي.
أولاً- البعد المتعلق
بالتطور العام للرأسمالية
سنلقي الضوء في هذه المحاضرة بداية على نظرية صاغها العالم الروسي نيكولاي كوندارتييف في عام (1935). وفقاً للنظرية: إن التطور الرأسمالي يمر عبر موجات هبوط وصعود تمثل في مجموعها 50 عاماً تقريباً لكل موجة، منها حوالي 25 للصعود ومثلها للهبوط. وعلى هذا الأساس تم تقسيم التطور الرأسمالي بين عامي 1780-1920 إلى ثلاث موجات رئيسة.
وباستعراض سريع لأهم التحديثات لهذه النظرية سنجد أن التطور الرأسمالي خلال الفترة الماضية يأخذ الشكل التالي:
حيث نلاحظ وفق هذا الشكل أن ذروة مرحلة الصعود والتي بدأت في سبعينيات القرن الماضي كموجة خامسة انتهت بأزمة عام 2008 حيث بدأت مرحلة الهبوط.
بناء على ما سبق: يمكن الآن استعراض تطورات الأزمة الرأسمالية العالمية التي انفجرت على شكل أزمة مالية في عام 2008.
ولتوضيح ذلك سنتحدث عن المؤشرات التالية:
ميل معدل الربح إلى الانخفاض: حيث انخفض معدل الربح للانخفاض على الصعيد العالمي من حوالي ٤٠٪ عام ١٨٧٠ إلى نحو ٢٠٪ عشية الأزمة عام ٢٠٠٧-٢٠٠٨.
الركود طويل الأجل: وهو سمة باتت أصيلة في المراكز الإمبريالية (الولايات المتحدة- اليابان-الاتحاد الأوربي)
التوسع العمودي، أي: تخفيض حصة الأجور من الدخل وهو الاتجاه العام في دول المركز الرأسمالي منذ الثمانينات.
محاولات تعزيز النمو الاقتصادي بإنعاش المنظومة بالقطاع المالي، لا تزال تسير بنفس الاتجاه وإن بآليات أكثر تعقيداً مثل (سياسات التيسير الكمي)..
دور رأس المال الإجرامي المتصاعد في المنظومة العالمية لجهة تأمين مخارج اقتصادية ما أسس لقاعدة اجتماعية-اقتصادية ضخمة للفاشية التي تأخذ أشكالاً سياسية وعسكرية لتأمين مخارج وإن مؤقتة للإمبريالية العالمية.
ثانياً- بعد تطور الحركة الاجتماعية
إنه من المنطقي توقع حدوث تحولات اجتماعية على أرضية أزمة النظام الرأسمالي وعلى ذلك لا ينبغي رؤية الجانب الاقتصادي من الأزمة بل يتعداه إلى رصد أهم التطورات الاجتماعية والسياسية المرافقة. لقد زادت الاحتجاجات الرئيسة على المستوى العالمي، فمن 17 احتجاجاً في 2006 أي: قبل انفجار الأزمة الرأسمالية إلى 60 اجتجاجاً في عام 2012 وذلك في الدول ذات الدخل المرتفع.
الملاحظة الثانية في هذا السياق، هي إعادة فتح النقاش بشكل هام على صعيد النخب السياسية والعلمية حول «الديمقراطية الليبرالية».
إن ذلك كله، يشير إلى أن مستوى عدم الرضى حتى في أهم مفاصل النظام السياسي للإمبريالية «الديمقراطية الليبرالية» يشهد حالة من عدم الرضى على المستوى الشعبي..
ثالثاً- الصراع الجيوسياسي الدولي كتعبير عن تغيّر في بنية النظام السياسي الدولي وتغيّر ميزان القوى الدولي كانعكاس للأزمة الإمبريالية
إن مهمة هذا البعد هي توضح مدى صعوبة اعتماد الإمبريالية على الحل التقليدي لأزماتها، أي: الحرب (الرئة الحديدية) التي تتنفس منها الإمبريالية. فعلى الصعيد الاقتصادي، بينت صحيفة قاسيون مؤخراً استمرار تراجع حصة الدول المتقدمة من التجارة الدولية والناتج الاجمالي العالمي مقابل زيادة وزن الدول الصاعدة وهو مؤشر على زيادة وزنها الدولي الاقتصادي وبالتالي السياسي.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬.
رابعاً- التقييم العام
بناء على تحليل الوضع العالمي
إن تحليل الوضع العام للنظام الرأسمالي العالمي الذي أوضح عمق أزمة الإمبريالية وتعفنها أفضى إلى ثلاثة تحولات جوهرية على مستوى منطقتنا بشكل كبير تمظهرت بالعناصر التالية:
أزمة الأنظمة في منطقتنا والتي تعد أنظمة رأسمالية طرفية...
انطلاق حركة شعبية موجية نتيجة للتناقضات الاجتماعية الموضوعية ...
تحولات الدور الأمريكي في المنطقة الناتجة عن أزمة الإمبريالية من جهة وبالتالي تراجع دور الولايات المتحدة ومحاولاتها الولايات المتحدة التحكم بهذا التراجع (ضرب الحركة الشعبية - ثورات مضادة على أساس انقسامات ثانوية- فاشية جديدة)
خامساً-ما العمل؟
لقد كانت نقطة انطلاقنا في حزب الإرادة الشعبية للإجابة عن سؤال لينين الراهن «ما العمل؟» هي:
استعادة الدور الوظيفي لحزبنا بناء على استشرافنا لعودة الجماهير الى الشارع...
صياغة برنامج جذري ينطلق من تلازم المهام كافة الديمقراطية والوطنية والاقتصادية-الاجتماعية دونما أي فصل...
وعليه وفيما لو وسعنا بيكار الإجابة اليوم ليشمل الحركة اليسارية في منطقتنا في الظرف الراهن فمن الممكن استنتاج عدة مهام للحركة اليسارية العربية:
-إن مهمة حماية وتجذير الحركة الشعبية العربية يفرض العمل على إيجاد الشروط الموضوعية الأمثل لنشاطها واستمرارها بالاشكال كافة وهو ما يحتم ضرورة العمل على حمايتها من القمع والتدخل الخارجي. كما يستدعي ذلك العمل الجماهيري الواسع لأجل تنظيمها، وهذا يستدعي إعادة صياغة دور اليسار بدءاً من رؤاه تجاه العلاقة مع الحركة الشعبية ...
-إن التدخل الخارجي اليوم في المنطقة يأخذ أشكالاً متعددة ... واليوم فإن واحداً من أخطر الأشكال التي يأخذها هذا التدخل هو «الفاشية الجديدة» والتي ينبغي مواجهتها بكافة الوسائل المولدة لهذه الظاهرة. لقد أوضحت المحاضرة سابقاً جزءاً جوهرياً من بنية هذه الفاشية وهو قاعدتها الاجتماعية (رأس المال المالي-الإجرامي) ولكن ما ينبغي الحديث به أيضاً، تلك الظروف الذاتية التي تهيّأت لإيجاد شريحة من المهمشين على المستوى العالمي والمحلي لتكون جزءاً من حطب وأدوات الفاشية الجديدة على أراضينا. وعليه نجد أن السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي زادت التوتر الاجتماعي من فقر وبطالة مع غياب مستوى كافٍ من الحريات السياسية جهز ارضية للاحتقان والانفجار، وإن تبني الحلول العسكرية التي تم تغذيتها لتأريض الحركة الشعبية سواء من الخارج عبر الإمبريالية أو عبر القمع دفعت إلى تغذية الفاشية، وعليه إن مطالبتنا اليوم بحلول سياسية سواء على مستوى السوري أو على المستوى العالمي ينطلق من ضرورة إجهاض القوى الفاشية الجديدة التي تتغذى من الحرب وتؤمن بذلك مخارج للإمبريالية...

معلومات إضافية

العدد رقم:
813