عرفات: إضعافُ العمل المسلح سندٌ للحل السياسي
أجرت إذاعة «ميلودي FM» السورية، يوم 23/01/2017 حواراً مع الرفيق علاء عرفات، أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو قيادة جبهة التغيير والتحرير، تناول الأجواء التي أحاطت بمحادثات «أسْتانا»، وجولة جنيف المرتقبة، فضلاً عن آخر تطورات الوضع السياسي والميداني في سورية.
في سياق إجابته عن سؤال حول طبيعة محادثات «أسْتانا» والأهداف المرجوة منها، أكد عرفات: أن «أسْتانا- كما تقول الأطراف كلها- هي اجتماع لتثبيت وقف إطلاق النار، حيث إن وقف إطلاق النار قائم من 29/12، والمطلوب الآن تثبيته والانتقال إلى خطوات إضافية. تثبيته يعني جعله رسمياً، ووضع قواعد له، تمهيداً للسير نحو الخطوات اللاحقة. وجوهر هذه المسألة- بالمعنى السياسي- هو سقوط السلاح. السلاح بدأ يسقط وينتهي مفعوله، وبدأت العملية تتجه نحو الحل السياسي، أي نحو التفاهم. إن وقف إطلاق النار، وتثبيته هي قضية لا بد منها من أجل بدء عملية سياسية، ستكون بدايتها عملياً- كما هو واضح- في جنيف، ثم تنتقل الأمور إلى التنفيذ على أرض الواقع بعد عقد الاتفاق في سورية، ونكون بهذه المرحلة قد بدأنا بِطَي صفحة هذه الحرب في نهاية المطاف».
هناك أساس واضح للتفاوض
أوضح عرفات: أن الحل بإطاره العام قد أصبح واضحاً، إذ أن هناك قراراتٍ واضحةً، ربما يكون فيها بعض الغموض وتحتاج للتفاوض، لكن الأمور في إطارها العام واضحة. إن قرار «2254» واضح، وهو أساس واضح بشكل جيد للتفاوض، فالملابسات الموجودة فيه، قليلة وليست كثيرة، والبعض سمّى هذه الالتباسات بالبناءة، كما كان الأمر في بيان «جنيف1»، وهنا المقصود تحديداً ما يتعلق بالجسم الانتقالي. أما بقية الأمور أعتقد أنها واضحة، وبالتالي- إن خلصت النوايا بالوصول إلى حل سياسي- فلن يكون لدينا مشكلة كبيرة بالوصول إليه، لكن هذا لا يعني أن الأمور سهلة، بل يوجد فيها صعوبات كثيرة لا شك.
ولفت عرفات: إلى أن إضعاف العمل المسلح ووقفه الآن، هو أحد أهم العناصر لوقف التدخل الخارجي، لأن أحد أشكال التدخل الخارجي الأساسية هو التمويل والتسليح، وبالتالي في حال توقف القتال، لن يكون هناك حاجة للتمويل والتسليح، وعلى الأقل في هذه النقطة، سيبدأ مستوى التدخل الخارجي بالانخفاض، لذلك، وفضلاً عن مسألة وقف إطلاق النار، فإن نظرنا إلى مخرجات «أسْتانا» من الجانب السياسي، نرى أن واحدة من أهم نتائجها هي بدء انخفاض مستوى التدخل الخارجي.
حول الثوابت الروسية
في رده عن سؤالٍ حول مصالح الجانب الروسي في سورية، أكد عرفات: أن المصالح الروسية تتعلق بالدرجة الأولى بالجيوسياسة، فالروسي يهمه بالدرجة الأولى أن لا يكون شرق المتوسط معادياً له، لأسباب تتعلق بوضع روسيا: روسيا لديها البحار الشمالية، لديها بحار متجمدة، وبالتالي بحاجة إلى تكون المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية لروسيا غير معادية له (بحاجة لمياه دافئة)، ولذلك، نحن طوال الوقت نقول: إن الروسي لا يهمه دعم هذا الطرف أو ذاك، بل يهمه أن سورية ككل، لا تكون بلداً علاقته سيئة به، وبالتالي، هذا يفرض عليه مستوى محدداً من المواقف تجاه الأطراف المختلفة. لا أريد التحدث عن «ملائكية» ما، بل عن مصالح. المصلحة الروسية تقتضي أن يكون في سورية حل سياسي وتفاهم، بحيث تذهب الأمور باتجاه الاستقرار. أولاً: لا بد من وقف الحرب، ثانياً: إتاحة فرصة أمام السوريين أن يتفاهموا، ثالثاً: الذهاب إلى عملية سياسية يشارك فيها كل السوريين، وبعدها سورية ستحكم بإرادة السوريين وليس بأية طريقة أخرى، هذا الموقف الروسي الواضح المعلن كما أراه.
«الخلاف الروسي- الإيراني»
حول الحديث الإعلامي المتكرر اليوم عن خلاف بين روسيا وإيران في الملف السوري، لفت عرفات: إلى أنه يوجد أحياناً قضايا يجري تكبيرها. الروس والإيرانيون بينهما تحالف بمنتهى المتانة، وإذا كان قد نشأ بعض الخلافات أو الاختلافات حول هذا الملف أو ذاك، فهذا من طبيعة الأشياء، لأنهم بلدان مختلفان قد تنشأ بينهم بعض التباينات.
هنا أريد أن أنبه إلى مسألة: إن الطرف الغربي خصوصاً، يركز على موضوع الخلاف الروسي الإيراني، والتركي الإيراني أيضاً. توجد محاولة جدية لفصل العلاقة الروسية- الإيرانية، وأعتقد أنها لن تنجح. إذا انتبهنا إلى الإعلام الخليجي، فإنه يدفع بهذه النقطة، وبعض الأطراف التي لها علاقة بالفصائل المسلحة وغيرها تدفع بهذا الموضوع، متأملين بأن يجري شق الصف الروسي- الإيراني الذي كان موحداً عملياً خلال الفترة الماضية. وهناك من يقول: بأن الروس يستديرون ويغيرون موقفهم. الحقيقة أن الذين غيروا موقفهم هم الفصائل المسلحة والأتراك.
الانتظار السعودي وترامب
في معرض الإجابة عن سؤال حول أسباب «الصمت السعودي» مؤخراً حيال الأزمة السورية، قال عرفات: إن المفهوم من الجانب السعودي هو أنه غير قادر على صياغة موقف، بل ينتظر وصول ترامب وماذا يمكن أن يفعل.
الفرق بين الموقف التركي، والموقف السعودي، هو: أن التركي قد باشر ببعض الخطوات. أما السعودي فلا يزال في مكانه، لا يعارض أن تسير الأمور بشكل إيجابي، لكنه لا يدفع بالاتجاه الإيجابي، هو صامت متجمد ينتظر فك التجميد، وضعه مرتبط إلى حدٍ بعيد بتصوراته حول الولايات المتحدة. وأخشى أنه متوقع أو يصدق ذلك الكلام حول أن ترامب سوف يعيد الوضع الأميركي أفضل مما كان عليه، غير أن الأميركي قد تراجع ولم يعد بإمكانه أن يتقدم.
ترامب أمامه مهمة أساسية، هي إدارة عملية تراجع الولايات المتحدة الأميركية. علاقته بكل دول العالم مرهونة بهذه المسألة. إذا كان مطلوب خلال هذا التراجع أن تكون علاقته مع الخليجيين سيئةً، لا يمكن أن يتوانى عن ذلك، وإذا كان مطلوب أن تكون علاقته مع الأوربيين سيئةً أيضاً، لن يتوانى عن ذلك. ما يحكم عملية إدارة ترامب في المرحلة المقبلة هو: إدارة التراجع الأميركي ومصلحة الولايات المتحدة.
التراجع الأميركي الآن، سيكون تراجعاً نسبياً. ذلك يعني أنَّ الولايات المتحدة لن تزول من اللوحة العالمية، غير أن دورها سوف ينخفض. لم تعد هذه الولايات المتحدة ذاتها في نظام عام الـ1999. لم تعد شرطيَّ العالم. هذا الدور ذهب، وسيبدأ بالانكفاء بشكل تدريجي. عملية الانكفاء ستوتر عملياً علاقات الولايات المتحدة مع العديد من الدول، لأنه إذا أرادت الإدارة الأميركية أن تقوم بحالة إنقاذية فستغير نظاماً «طويلاً وعريضاً» هو النظام الاقتصادي والمالي القائم، بدءاً من اتفاقية التجارة العالمية، مروراً بالاتفاقات الجزئية المختلفة، وصولاً إلى دور الدول في العالم. وبالتالي، فإن العمليات التي كانت تتحمل الولايات المتحدة تكاليفها، ستبدأ بتركها واحدة تلو الأخرى، كلياً أو جزئياً، وهذا بدوره سوف ينتج تفاعلات عدةً لدى الأطراف الدولية المختلفة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 795