لجنة التحقيق القضائي.. طال بنا العهد!!
صدر القرار رقم 905/ل تاريخ 31/3/2011 القاضي بتشكيل لجنة قضائية خاصة برئاسة النائب العام وعضوية عدة قضاة للتحقيق في الجرائم التي رافقت الأحداث في البلاد وإليك أبرز نقاطها:
- اللجنة مستقلة بكل أعمالها وتقوم بمهامها دون سلطة لأحد عليها سوى القانون.
- تشمل تحقيقاتها جميع المحافظات السورية وفق تعديل المادة الثالثة من القرار المذكور, بحيث تشمل جميع القضايا التي أودت بحياة عدد من المواطنين المدنيين والعسكريين أو إصابتهم, وجميع الجرائم الأخرى الناجمة عنها أو المرتبطة بها في المحافظات كافة وتلقي الشكاوى بهذا الخصوص.
- اللجنة تقوم بالتحقيقات بنفسها ولها أن تستعين بالتحقيقات الأخرى والتحقيقات الأولية التي قام بها رجال الشرطة.. بسرية.
- ولها التحقيق مع كل من له علاقة بما حدث، وتتضمن صلاحياتها الاطلاع على الوثائق والأدلة ، ولها حق الحصول عليها من كل الجهات، والاستماع إلى شهادات كل من لديه معلومات حول ما جرى.
- ثم ترفع تقريرها وتحيل من تم التحقيق معه إلى القضاء لمحاكمته عما ارتكبه من أفعال.
- واللجنة لا تدين ولا تبرئ أحداً، بل تقوم بأعمال التحقيق فحسب!.
وقد مرت شهور عدة نسينا فيها تشكيل مثل هذه اللجنة, حتى ذكـّرنا بها رئيس الجمهورية في حديثه منذ أيام, وطالب الإعلام بتسليط الضوء على ما قامت به اللجنة.
وفعلاً في اليوم التالي، أطل علينا رئيس اللجنة وأحد أعضائها, وهما من القضاة, ليلتمسا الأعذار للجنة بتأخيرها, معلنين وصول الملفات إلى ألف وخمسمائة ملف, رغم أنهما صرحا بأن اللجنة تتميز عن القضاء العادي بالعجلة والسرية والصلاحيات, وأن اللجان الفرعية في المحافظات بدأت بأعمالها, وأشارا إلى تخوف الشكاة والشهود من الانتقام وأن ذلك يمنعهم من التقدم بالشكوى والشهادة!
إذاً خمسة أشهر من الأحداث طغت عليها كثرة الخروقات القانونية والدستورية, وبلغ الشهداء فيها ألفين ومئتين من المدنيين، وألفاً من العسكريين, وتكاثرت مقاطع الفيديو تظهر قتلى ومعتقلين ومخطوفين, وإحراقات وتهديمات وتكسيرات, ومع ذلك لم ترفع اللجنة تقريرها, ولم تـُحـِل من المسؤولين المتورطين, ولا من الإرهابيين, سواء من وصفوا بأنهم كانوا سبباً لنشوب الأحداث, أو ممن اتهموا بعد ذلك بارتكابهم أخطاء فردية! ولم تنه الملف الأول الذي أصدرت فيه قراراً احترازياً بمنع سفر محافظ درعا ورئيس فرعها الأمني.. السابقين.
والجدير ذكره أن اللجنة بامتيازاتها تلك وإعلانها أنها زارت معظم المناطق الساخنة, رغم خطورة المهمة – وفق حد زعمها – لم تخلص حتى اليوم بنتيجة شبه واضحة, فلم تدن قوات الأمن والعسكر, ولم تجرم المتظاهرين, بل تكتفي بتلقي الشكاوى, ودعوة الشهود, وانتظار الحسم.
لكننا لا نعلم حقاً إن تحركت اللجنة إلى بعض الأفرع الأمنية التي تعتقل الشبان الجامعيين والأطباء والمهندسين والمحامين, لترى إن كانت تلك الفروع الأمنية ورجالاتها تحترم القانون أو تنتهكه, إن جاز هذا أو كان من صلاحية اللجنة أو باستطاعتها.
ولم تتواجد في إحدى مناطق ريف دمشق الساخنة, حين يقرر المتظاهرون إعلاء صوتهم بالهتاف غير المرخص, ويقرر باللحظة نفسها رجال الأمن (ومن في حكمهم دون نص قانوني) تطبيق القانون بفض التظاهر بطرقه المختلفة والمتنوعة.
ولكن لعلي أسأت الفهم, فمهمة اللجنة ليست منع الانتهاكات والخروقات القانونية, ولا صيانة الدستور والقانون, فتلك مهمة لجان أخرى - لم تشكل بعد - بل مهمتها التحقيق في تلك الجرائم بعد أن تقع, ومحاسبة القتلة على دماء من قتلوهم, وتعويض المتضررين إن حدث بالفعل ضرر يستوجب التعويض, وفق شهادة الشهود, وإفادة أصحاب الردود, فاللجنة كباقي اللجان, نظام محاسبة, لا نظام ردع ورقابة.
وبما أن اللجنة قد انفردت بمهمة التحقيق فحسب, فقد كنا نأمل أن تحيل الجناة إلى المحاكم على عجل, فالميت قد جف التراب تحته, والمتضرر قد نفد صبره, والشعب ينتظر ظهور الحقيقة ومحاسبة المسيء..
وإلا فما الفرق بين لجنتنا هذه وبين الدعاوى والتسويف والجلسات والدعوات والشهادات التي يمارسها القضاء.. بل الأحلى من ذلك أن اللجنة بعد أن تنهي التحقيق وترفع التقرير سيحال عندها الجناة إلى القضاء! ولتبدأ الرحلة من جديد.!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.