مهام الشيوعيين.. التنظيم الهرمي ووحدة الشيوعيين

التنظيم الهرمي

قدرة الشيوعيين على تنفيذ مهامهم مرتبطة ارتباطاً ديالكتيكياً بقدرتهم على بناء حزبهم، فبناء الحزب وتنفيذ المهام، هما في الجوهر عملية واحدة، أي أننا لن ننتظر تدشين «مؤسسة الحزب الشيوعي السوري» لنبدأ بالعمل، بل سنبني حزبنا بتنفيذنا للمهمات التي يطالبنا بها التاريخ، وفي الوقت نفسه فإننا لن ننطلق من الفراغ لمواجهة مهماتنا، وإنما سنستفيد كل الاستفادة من الهياكل التنظيمية الموجودة حالياً، مع إبقاء الباب مفتوحاً لتغيرات واسعة ونوعية في الهياكل الحزبية تزيد من غناه وتنوعه وانضباطه ومرونته. في هذا السياق ومن أجل صياغة رؤية عامة حول آلية بناء الحزب ذي الدور الوظيفي وإضافةً إلى الموضوعات في البند السادس (مهام الشيوعيين) التي أسجل اتفاقي معها، أقترح إضافة موضوعة صياغتها: (البناء الهرمي للتنظيم اللينيني يكتسب فاعليته حين يبنى على أساس أن كل هيئة قاعدية وكل رفيق قاعدي هو رأس لهرم اجتماعي، أي حيث ينتهي الهرم التنظيمي يبدأ الهرم الاجتماعي).

وبذلك علينا أن ننفي هرمية مرحلة التراجع؛ تلك الهرمية المعزولة عن الجماهير، والتي تتحول التراتبيات فيها إلى مناصب، وتتحول القواعد التنظيمية إلى قاعدة جماهيرية تسجل حضورها في الاجتماعات والاحتفالات والنشاطات، وكفى الله المؤمنين شر العمل التنظيمي!.

وبالمقابل فإن غزارة المهام والتوجه نحو الشارع في مرحلة الصعود لا يستطيع وحده أن ينظم الحياة الداخلية للحزب، وإن كان محركها الأساسي ومطهرها الأساسي، فالحياة الداخلية للتنظيم يجب أن تدار بوعي عال وبذهنية منفتحة تسعى فيها كل هيئة قيادية لخلق بدائلها من الهيئات الأدنى، وتحقيق هذه الخطوة هو فقط للوصول إلى نمو صفري، أي لتعويض الاهتلاكات، وبمتابعة خلق البدائل يرتفع النمو ويكسب إشارة موجبة.

تكتسب الموضوعة المقترحة فاعلية خاصة من وجهة نظر العمل ضمن مجتمع بدأت تتفكك فيه الروابط الأسرية والعشائرية بشكل واضح، وتتجه نحو مزيد من التفكك، ففي مراحل سابقة كان وجود الأشخاص الجماهيريين أمراً طبيعياً وغير مستهجن نتيجة لطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة (وهي فلاحية بمعظمها)، وكان الحزب يستفيد من هذه الحالة بتوظيف المفاصل الاجتماعية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً. أما الآن فتعمق الفردية والعزلة التي تسم كل المجتمعات «المتطورة» رأسمالياً يجعل من البحث عن وجود شخص جماهيري وقيادي بشكل عفوي ضرباً من الصوفية، (وهؤلاء الأشخاص مازالوا موجودين، ولكن ندرتهم هي التي تجعل الاكتفاء بالبحث عنهم صوفيةً). لذا يجب تصنيع وخلق الأشخاص الجماهيريين وذلك بتنمية الكوادر فكرياً وسياسياً وتنظيمياً ورفع الحس النقدي لديهم. 

وحدة الشيوعيين

الموضوعة 28 تقول: (إن الدور الوظيفي يعني قبل كل شيء اعتراف المجتمع وخاصة الطبقة العاملة وسائر الكادحين بالشيوعيين كقوة تمثلهم..وهذا الأمر سيحتاج إلى عمل كثير لاستعادة ثقة الجماهير بحزبها وهو أمر صعب التحقيق في حال بقاء الحركة منقسمة بين فصائل ومجموعات، ما يتطلب إنجاز عملية توحيد الشيوعيين السوريين من تحت لفوق).

أوافق الموضوعة في دقة صياغتها حين تقول «أمر صعب التحقيق....»، أي أنه ليس مستحيل التحقيق في حال لم تستجب الفصائل لعملية الوحدة، ولكن يجب أن يكون واضحاً أن عملية توحيد الشيوعيين السوريين من تحت إلى فوق لن تلغي بالضرورة الوجود الشكلي للحالة الفصائلية، وإنما ستلغي الوجود العملي والحقيقي للحالة الفصائلية، فما أعتقده أن أكثرنا تفاؤلا لا ينتظر من قيادات الفصائل الشيوعية في الجبهة أن تترك امتيازاتها لتلتحق بالركب، ولذا يجب التركيز على كون العمل من أجل الوحدة هو خطوة نحو تحقيق الدور الوظيفي. وفي الوقت الذي تتعطل فيه إمكانات إلغاء الحالة الفصائلية شكلياً يجب أن نكون جاهزين لمتابعة عملنا على أساس مهماتنا شاء من شاء وأبى من أبى. ولذا أقترح أن يضاف إلى الموضوعة 28: «آخذين بعين الاعتبار أن انتهاء الحالة الفصائلية لا يعني إغلاق المكاتب والجرائد الشيوعية لمصلحة بقاء مكتب واحد وجريدة واحدة، وإنما يعني اعتراف المجتمع وخاصة الطبقة العاملة، بحزب شيوعي واحد (وهو ليس بالضرورة وحيداً) يمثل مصالحها».

ملاحظة أخيرة

حول رد الرفيق «سليم راجح» على مقالة «الموضوعي والذاتي في الأزمة» في مادته (ملاحظات حول النقاش)، فمن المؤسف لجوؤه إلى الدفاع عن شخص الرفيق ماهر حجار والهجوم بالمقابل على شخص كاتب مقالة الرد، مستخدماً الطرح الفكري عباءة للشتم والتهكم. وما آسف له أكثر هو تكرار الأخطاء التي وقع فيها الرفيق ماهر حجار، وتحديداً القول بأن علاقات الإنتاج الرأسمالية هي التي تخلق الحزب الشيوعي، وهذه هي الجبرية وتعويم العامل الذاتي ولا شيء آخر. وكذلك فإن العتب الذي وجهه الرفيق سليم راجح لمادة الرفيق ماهر حجار وتمثل في (افتقار الموضوعات إلى أية رؤية جدية للقضية الفلسطينية...، فالموضوعات.. تولي كل الاعتبار للشرعية الدولية ولحدود سايكس-بيكو ...الخ..) هي خطأ إضافي ما كان لكاتب المقال إلا أن يخطأه، فكيف تتحدث الموضوعات عن إمكانية زوال دولة إسرائيل ولا تملك رؤية جدية  للقضية الفلسطينية، وكيف تتمسك بحدود سايكس – بيكو وتهاجمها من خلال طرح اتحاد شعوب الشرق العظيم. وفي النهاية فإن علينا تفعيل الحوار الرفاقي الهادف وليس السجال الصحفي الذاتي.. وشكراً على أجر الاجتهاد.