برسم جميع من يهمهم الأمر.. «استثمار» إيراني يحتال على حاجة العمال السوريين ويتطاول على كراماتهم
في فضيحة تنتهك كل أعراف وقوانين العمل المحلية والدولية، تقوم شركة فيرست غلاس First Glass الإيرانية لصناعة الزجاج القائمة في مدينة عدرا الصناعية في ريف دمشق لصاحبيها الإيرانيين محمد رضا ومسعود عسكريان، باتباع مختلف أشكال التحايل والترهيب والترغيب منذ نحو شهرين لإجبار كل الموظفين والعمال لديها على توقيع سندات أمانة غير مقبوضة فعلياً من العاملين تصل في مجموعها إلى 450.000 أربعمائة وخمسين ألف ليرة سورية للواحد فقط من بعض العمال والموظفين بذريعة حماية الشركة من احتمالات السرقة، مع الزعم أمامهم أن ذلك قانوني وهو سارٍ في إيران، وأن أصحاب الشركة استشاروا محامييهم وقالوا لهم إن ذلك قانوني أيضاً في سورية..!!
وتفتقت ذهنية مدراء الشركة (منيرة العامري، وأحمد أحمدي وشخص ثالث كنيته صادقي) ليس فقط على إلزام العمال على توقيع استقالاتهم مع توقيعهم لعقود تشغيلهم أصلاً، بل تجاوزوا شطارة القطاع الخاص السوري في ذلك بتقسيم السندات إلى ثلاثة لكل عامل مع «شرائح» بالمبالغ تتفاوت بحكم الموقع أو القسم أو الدائرة التي يعمل بها.
وهكذا، فلكي يستمر موظفو قسمي المشتريات والمستودع في عملهم على كل واحد منهم توقيع ثلاثة سندات قيمة كل منها 150 ألف ل.س بمجموع 450 ألفاً، مثلما يقوم كل من رؤساء وموظفي الأقسام المالية والإدارية والجمركي ورؤساء التجارية والعقود بتوقيع ثلاثة سندات مجموع قيمتها 300 ألف ليرة في حين يوقع بقية رؤساء الأقسام وموظفي الأرشيف والتعليم وكذلك كل من بقية العاملين في الشركة على 180 ألفاً بواقع 60 ألفاً لكل سند.
عدد من العمال الذين فوجئوا بما لم يدركوه تماماً من أبعاد «جزائية وعقوبات» عن شيء لم يخطر لهم في بال ولم يقبضوه أصلاً، لجؤوا إلينا وسربوا لنا الصورة المرفقة عن أحد السندات، وأوضحوا أن هذه الشركة هي إحدى فروع «شركة عسكريان وشركاه التضامنية»، وهي تعمل في سورية منذ عامين تقريباً في إطار عقد موقع مع الدولة لمدة 52 عاماً مقسمة إلى سنتين للبناء (انتهتا عملياً)، وخمسين سنة للتشغيل والاستثمار، ثم تنتقل ملكيتها إلى الحكومة السورية، علماً بأن عدد الموظفين والعاملين فيها يبلغ 224 شخصاً. وعلى الرغم من أن العقد ينص في أساسه على تشغيل عمال سوريين فقد قام مدراء الشركة بتهديد العمال الذين رفضوا التوقيع على السندات بالقول: «إن لم تشاؤوا العمل فهناك غيركم، وإن لم يقبل أي سوري بالعمل، نأتي بعمال من إيران»..!
وأضافت مصادرنا أنه عندما حاولت بعض العاملات الخروج من المعمل احتجاجاً ورفضاً للتوقيع، تم الإيعاز بإغلاق الأبواب في وجوههن، في حين تم الإيحاء للبعض الآخر بأن الإدارة يمكن أن تحرر لهم- بعد توقيع السندات- أوراقاً موقعة من الشركة الأم في طهران تبطل مفعول السندات التي تُرد لصاحبها عند الاستقالة، وفي هذا نصب واحتيال مكشوفان على اعتبار أن الأوراق ستكون موقعة من الشركة، وتقبل الأخذ والرد، في حين أن السندات موقعة مع شخص، أي أنها سندات «ممتازة» ومباشرة.
وعندما حدثت بلبلة في صفوف الموظفين وأفصح غالبيتهم عن نية الاستقالة، وضعت الشركة مؤخراً إعلانات في جريدة «الوسيلة» لإجراء مقابلات وفتح باب التوظيف مع طرح السندات كأحد شروط ذلك، ما دفع بأحد المتقدمين «لبهدلتهم» على هذا الطرح، حسبما قالت مصادرنا.
إن هذا الإجراء غير المسبوق من الشركة المذكورة يحمل في طياته تحت ذريعة حمايتها اتهاماً وإدانة مسبقة للعمال السوريين، وهو «صك عبودية» وسيف مسلط بيد مدراء الشركة على رقاب هؤلاء العمال إن حاولوا المطالبة بحقوقهم أو تعويضاتهم أو تأميناتهم، أو اعترضوا على أي ما قد ينتهك حقوقهم، وهو في سيناريو محتمل آخر ورقة يمكن إبرازها في وجه أي عامل أو عاملة بعد ثلاث أو أربع سنوات من العمل تضمن للشركة استرجاع كل مبالغ الأجور والرواتب التي دفعتها له وصرفه من العمل تحت ذرائع مختلفة ليكون قد عمل لديها بالمجان وإلا سيكون مصيره المساءلة القانونية والسجن، وهو في سيناريو ثالث وعند أية ضرورة مالية أو ضريبية لدى الشركة مبلغ بعشرات الملايين من الليرات السورية التي يمكن جمعه بسهولة من عمال سوريين، لاستخدامه وإعادة توظيف غيرهم طالما كانت الذهنية، كما ورد أعلاه، توحي بأن هؤلاء يتوهمون أنهم يعملون في «مستعمرة لاستثماراتهم».
إن المتهم الأول في هذه القضية التي نضعها للتحقيق برسم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومؤسسة التأمينات الاجتماعية ونقابات العمال والمجلس الأعلى للاستثمار والحكومتين السورية والإيرانية، هو قانون الاستثمار الذي أباح منح المستثمر الخارجي امتيازات فوق القانون، وإعفاءات كثيرة من بينها وضع لوائح العمل الخاصة به، ولكن أن يصل الأمر إلى النصب والاحتيال المكشوفين، فهذا ما لا يندرج ضمن أية قوانين نعرفها، وهو كونه آتياً من شركة إيرانية يثبت أن الرأسمال لا ولاء له، وهو خطوة تستغل علاقات التحالف السوري الإيراني، ولكنها في حال مرورها ستقوض أرضيته الشعبية، وستشجع مستثمرين من جنسيات أخرى على التطاول أكثر على كرامة العامل السوري.
سند أمانة
يتضمن سند الأمانة إقراراً نصياً من موقعه بأنه استلم من «السيد محمد رضا عسكريان من أهالي طهران مبلغاً وقدره.................... ليرة سورية لاغير، وأودع هذا المبلغ عندي على سبيل الأمانة وهذا المبلغ مترتب بذمتي وأنا على استعداد لإعادته له حين الطلب دون تأخير وبدون حاجة إلى تبليغ أو إنذار تحت طائلة المسؤولية الجزائية، وإذا تأخرت عن إعادة الأمانة أكون مسيئاً للأمانة عملاً بأحكام المادة رقم 656 وما بعدها من قانون العقوبات وأسقطت حقي من أي طلب أو اعتراض وأتخذ لنفسي موطنا مختاراً لتبليغي الأوراق القضائية والتنفيذية كافة على العنوان التالي: .................... وإشعاراً بالواقع والحقيقة فقد وقعت هذا السند وأنا بكامل الأهلية القانونية أصولاً وكل خلاف بيننا تكون محاكم.................... المختصة بالنظر بكل خلاف.
حرر بتاريخ
المقر بما فيه الاسم والتوقيع»
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.