عمال اليونان وشيوعيوها ومثقفوها: «على نظام النهب أن يدفع أثـمان الأزمة..!»
أكد الحزب الشيوعي اليوناني نجاح الإضراب العمالي المليوني الذي شاركت في تنظيمه وتنفيذه «الجبهة الكفاحية لكل العمال – بام PAME» والتي تضم أيضاً نقابات العمال في القطاع الخاص GSEE ومثيلتها في القطاع العام ADEDY، في الرابع والعشرين من الشهر الماضي احتجاجاً على سياسات التقشف المعلنة من جانب حكومة حزب «الباسوك» الاشتراكي الديمقراطي ومحاولته مع بقية الأحزاب المحافظة واليمينية المتعصبة مثل «الديمقراطية الجديدة» و«لاوس» تحميل أعباء الأزمة الرأسمالية على كاهل الشغيلة ومحدودي الدخل في اليونان تحت ذريعة ضرورة التزامهم بالقانون «بغية إنقاذ البلاد من الإفلاس»، مشدداً على أن نظام النهب هو من ينبغي أن يدفع الثمن وليس العمال.
ويأتي ذلك في أعقاب إصدار الأحزاب الشيوعية والعمالية في دول الاتحاد الأوربي بياناً مشتركاً أكدت فيه أن قرارات قمة رؤساء وقادة حكومات دول الاتحاد الأوربي التي عقدت مؤخراً تنذر بهجوم ضارٍ جديد على الطبقة العاملة وشعوب أوربا، وذلك تنفيذاً «لإستراتيجية الاتحاد الأوربي لعام 2020» القائمة على تعزيز «إستراتيجية لشبونة» تكريساً للسياسات المعادية للشعوب التي تنتهجها الحكومات البرجوازية عبر اعتماد إجراءات قاسية بحق الشغيلة والشعوب، من أجل الإبقاء على ربحية الاحتكارات الأوربية في وجه التنافس سواء البيني الأوربي أم على المستوى الإمبريالي الدولي.
ويوضح البيان أن الإستراتيجية الليبرالية للاتحاد الأوربي في البحث عن مخرج من الأزمة تقوم على فرض تغييرات عميقة في بنية نظم الضمان الاجتماعي ورفع سن التقاعد وإحداث تخفيضات كبيرة في الأجور والمعاشات ومجمل المكتسبات الاجتماعية.
ويضيف أن العجز والدين العام والإشراف على اقتصادات عدد من الدول الأعضاء مثل اليونان وايرلندا والبرتغال واسبانيا يجري استخدامها غطاءً للترويع الفكري والعقائدي بحق الشغيلة على امتداد أوربا.
ودعت الأحزاب الطبقة العاملة والشعب في كل بلد أوربي إلى تنظيم هجومها المضاد من أجل تحقيق جملة من الأهداف، من بينها: عمالة كاملة ومستقرة مع كامل الحقوق لكل العمال، زيادات مجدية في الرواتب، إلغاء كل القوانين المناهضة للرفاه والمعادية للعمل والعمال، تخفيض سن التقاعد وتأمين مجانية التعليم بالكامل، مع الصحة والرفاه الاجتماعي، لأن بمقدور الشغيلة أن يعيشوا حياة أفضل من دون الرأسماليين كونهم هم من ينتجون الثروة وينبغي أن يكونوا هم من يستمتعون بها بالتالي.
ومن بين الأحزاب الموقعة على البيان الذي أبقي مفتوحاً للآخرين: حزب العمال البلجيكي، الحزبان الشيوعيان في بريطانيا، التنظيمان الشيوعيان في بلغاريا، أكيل القبرصي، الأحزاب الشيوعية في الدانمارك واستونيا وفنلندة واليونان وايرلندة ولوكسمبورغ ومالطا وبولندا وسلوفاكيا والسويد ولشعوب اسبانيا وكذلك حزب العمال الشيوعي الهنغاري وحزب العمال الايرلندي وحزب الشيوعيين الإيطاليين والحزبان الاشتراكيان في لاتفيا وليتوانيا والحزب الشيوعي الهولندي الجديد.
في تداعيات الموقف وفي مقابلة أجراها فابيان بيرييه من صحيفة «لو أومانيتيه» الفرنسية مع إيلياس إيليوبولوس، الأمين العام لنقابات أيديدي العامة، أكد المسوؤل النقابي أن العمال اليونانيين «يقاتلون الظلم» مشيراً إلى البعد الأوربي في الحراك اليوناني.
وشدد إيليوبولوس على أن إجراءات حكومة الباسوك سوف تمس كل القطاعات وتستهدف العمال والعاطلين عن العمل والضعفاء والمتقاعدين، مشيراً إلى ضرورة احترام ثلاث نقاط: محاسبة السياسيين الذين دمروا البلاد؛ وجوب أن تكون الإجراءات عادلة؛ ووجوب قيام المصارف بتسديد الأموال التي تلقتها. وحول وضع اليونان تحت الوصاية الأوربية أكد إيليوبولوس أنه لا يتوقع أي أمر حسن من بروكسل التي توجد حفنة صغيرة من الأشخاص تفرض القرارات عليها. وأوضح أن «كل النقابات الأوربية تقف في صفنا. نحن نعتقد جميعاً بأن الإجراءات المتخذة هنا اليوم سوف تتخذ غداً في أرجاء أوربا كلها. يمكن التغلب على المشكلة الاقتصادية. المشكلة الحقيقية مشكلةٌ سياسية. نحن نرفض أن يدوم الوضع الذي نعيشه اليوم. من غير الوارد أن يدفع العمال مرةً أخرى ثمن أزمة الرأسماليين».
وفي مقابلة مماثلة للصحيفة ذاتها مع أبوستولوس ديدوسوبولوس أستاذ الاقتصاد في جامعة بانتيون في أثينا، أكد الخبير الاقتصادي ضرورة «التحالف ضد خطة التقشف لأن مفاعيلها ستكون سلبية على اليونان، التي لا تزال في مرحلة الركود»، موضحاً أن «النسيج الإنتاجي اليوناني ضعيف جداً، وهو موجه نحو الطلب الداخلي. وبما أن هذا الطلب سوف يتقلص بفعل التقشف، فسوف نشهد فرطاً في انكماش الاقتصاد، ما سيؤدي إلى مزيد من الهشاشة والبطالة. أخيراً، سوف تتقلص عوائدنا الضريبية، وبالتالي لن نتمكن من تقليص الديون. نحن واقعون في فخ..!».
وحول رأيه بالبدائل قال ديدوسوبولوس إنه يتوجب على المستوى الوطني إعادة توجيه الإنفاق العام نحو الفئات المحتاجة من السكان وقطاعات الصحة والضمان الاجتماعي، وينبغي على المستوى الأوربي تغيير القواعد، منتقداً الدور السلبي الذي تلعبه ألمانيا في مراقبة الميزانية اليونانية والأوربية، ومعرباً عن بعض الأمل بحكم معارضة النقابات الألمانية لسياسات حكومتها ومطالبتها لكل العاملين بأجر في أوربا بأن يتحدوا. وأوضح: «علينا فدرلة تحالفات. ينبغي على الأحزاب اليسارية والنقابات والعاملين بأجر أن يتحالفوا لإعادة تأسيس السياسات الأوربية».