لمصلحة من تدمير قواعد صواريخ الدفاع الجوي؟؟

شهدت ساحات المعارك الدائرة في المناطق السورية المختلفة بين الجيش السوري والمسلحين، وعلى الخصوص المجموعات التكفيرية «القاعدة»، تطوراً خطيراً من حيث الاستهدافات العسكرية التي تسعى لتحقيقها على الأرض خلافاً لما كان سائداً قبل عدة أشهر، فقد كانت المعارك لا تتعدى الاشتباكات التقليدية بين الجيش والمجموعات المحلية التي لا تتمتع بخبرة عسكرية كافية مثل خبرة المجموعات التكفيرية التي اكتسبتها من خلال قتالها في أفغانستان والعراق وليبيا، والتي أعيد تصديرها إلى سورية ضمن المشروع الإمبريالي الرجعي العربي الذي يرمي  لتدمير بنية الدولة السورية، ولكن بطريقة مختلفة عما كان مطروحاً من خلال التدخل العسكري الخارجي المباشر، الذي فشل تحقيقه بسبب الموقف الروسي الصيني في مجلس الأمن، الموقف الذي نتج عنه خلق موازين قوى جديدة أدت إلى منع التدخل المباشر الذي كانت ضمن أهدافه الأولية ضرب الدفاعات الجوية الحامية التي بنيت وتكونت بأموال السوريين وبمساعدة الاصدقاء في العالم، وطالما أن التدخل المباشر لم يحدث فكان لا بد من خطط أخرى تلبي الغرض نفسه بمعزل عن أية قرارات لمجلس الأمن قد تحمَل الأمريكان المسؤولية المباشر عن التصعيد الجاري على الأرض ليستثمر هذا التصعيد سياسياً في إطار الصراع الجاري بين الطرفين الرئيسيين في الأزمة السورية، وذلك بفرض الشروط على طاولة المفاوضات كي تحقق الهدف من العدوان.

إن السؤال المشروع المتوجب طرحه هو: لماذا استهداف القواعد الجوية ومحاولة الاستيلاء عليها وتدميرها؟ ومن المستفيد الحقيقي من هذا العمل؟؟ 

 موازين القوى على الأرض تقول باستحالة تحقيق انتصار عسكري من المجموعات التكفيرية يؤدي لحسم الصراع من خلال احتلال مناطق أو مدن بعينها تكون نقاط ارتكاز للمجموعات المسلحة، كما جرى في ليبيا للانطلاق منها إلى مواقع أخرى تغير المعادلة السياسية والعسكرية، وهذا ما تؤكده الوقائع اليومية لسير المعارك في المناطق المختلفة التي تدور فيها المعارك، لذا تلجأ المجموعات التكفيرية إلى أسلوب إضعاف القدرة العسكرية للجيش، من خلال محاولة تحطيم وتصفية صنوف التشكيلات العسكرية الأساسية، ويأتي في مقدمتها الدفاعات الجوية التي تلعب موضوعياً دور قوة ردع في أية حرب محتمله، ولاسيما وأن اسرائيل معروفة أنها تستند في حروبها على التفوق في سلاح الجو لهذا السبب كانت الأوامر الواضحة والصريحة بضرورة تدمير القواعد الصاروخية، أو على الأقل إخراجها من الخدمة بمهاجمة أماكن توضعها واغتيال كوادرها المؤهلين تأهيلاً جيداً في استثمار هذا السلاح المتطور والفعال..

 المنطق العسكري البحت يقول ما حاجة المجموعات المسلحة للهجوم على قواعد الصواريخ؟ خاصة أنها لم تستخدم في المواجهة مع المسلحين ولايمكن استخدامها، والإجابة تكون أن المجموعات التكفيرية مرتبطة بالأهداف السياسية والتكتيكية للعدو الصهيوني- الأمريكي، الذي تقدم لها الدعم الاستخباراتي عن توضع القواعد الصاروخية، وذلك عبر الأقمار الصناعية العسكرية التي تجوب الكرة الأرضية على مدار الساعة، وتدميرها يحقق تلك الأهداف دون أن تمنى بخسائر مباشرة مادية أو بشرية باعتبار أن الفواتير مدفوعة مسبقاً من قبل دول تبدد ثروات شعوبها في سبيل أن تبقى تحت العباءة الصهيونية والأمريكية..

إن الموقف الوطني يتطلب العمل على عزل المجموعات التكفيرية، ومقاتلتها حتى الخلاص منها، وهي تشكل خطورة شديدة حتى على السوريين الذين حملوا السلاح لأسباب مختلفة فمن المؤكد أن العديد من المجموعات المسلحة لا يروق لها عمل المجموعات التكفيرية، وهي في تناقض معه، ولا ترضى بتدمير الدفاعات الجوية مهما كانت درجة عدائها  للنظام، وهذه أرضية صالحة من أجل إيجاد السبل لبدء الحوار معها على طريق الحل السياسي الذي يكفل حقوق السوريين في أن يعيشوا في وطنهم بكرامة وحرية.