ديالكتيك الأزمة ومخارجها..
أكدنا مراراً على ترابط المهام الوطنية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية في الظرف السوري، وعدم امكانية تحقيق مهمة من هذه المهام بشكل جدي دون أخذ المهام الاخرى بعين الاعتبار، وها هي تداعيات الأزمة تؤكد بما لايدع مجالاً للشك على هذه الحقيقة التي باتت من بديهيات الوضع السوري.
فعدم حل القضية الاقتصادية الاجتماعية، وعدم حل مشكلة تدني مستوى الحريات السياسية كشأن داخلي قبل الأزمة، ادى الى تراكم الاحتقانات، ومن ثم جاء التعاطي الخاطىء مع الازمة بعد تفجرها بما قاد البلاد الى المجهول.
بالمقابل، وفي عمق تجليات الأزمة بمعنى إهدار دم المواطن السوري من قبل متشددي الأطراف المتصارعة، أي مليشيات الفساد من جهة، والتكفريين من الجهة المقابلة، بات يعني فعلياً تجاهل القضية الوطنية، وأهمية الحفاظ على السيادة الوطنية وأحد أهم أدوات منظومة بسطها المتمثلة بالجيش العربي السوري، وادخال البلاد في بازار مصالح القوى الدولية المعادية، وتدويل الازمة، ما أدى إلى فتح الباب على احتمالات شتى...
اليوم، وفي ظل وصول الأزمة الى ما وصلت اليه من تطور دراماتيكي خطير يهدد بقاء البلاد كوحدة جغرافية سياسية، وبعد انفتاح الطريق أمام الحل السياسي، تؤكد الوقائع مرة أخرى على أن أي حل سياسي حقيقي يجب أن ياخذ بعين الاعتبار المهام الثلاث المنتصبة أمام الشعب السوري وقواه الوطنية الحية فلاحل حقيقياً إلا ضمن الأفق الوطني الديمقراطي، بما يعنيه من الحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها الوطنية، وحق الشعب السوري في توزيع عادل للثروة، وحقه في التمتع بمستوى عال من الحريات السياسية يعبر من خلالها عن رأيه في شؤون بلاده وتمكنه من الدفاع عن مصالحه.