الأحرار وحدهم يبنون الوطن.. دروس في قانون الطوارئ
إعلان حالة الطوارئ يعني تفعيل قانون الطوارئ عندما تكون هناك حالة طارئة، وإذا كان تطبيق أحكام قانون الطوارئ يضمن الحفاظ على الأمن والاستقرار كما يقول الإعلام الرسمي السوري، فإن نصوصه تعني أيضاً تقييد المجتمع لمصلحة جهاز الدولة، حتى يتمكن جهاز الدولة من قيادة البلاد في أوقات الأزمات، وتعني بالمعنى الحقوقي توسيع نطاق صلاحيات السلطة التنفيذية، وأذرعها الأمنية على وجه الخصوص، على حساب السلطتين التشريعية والقضائية، وعلى حساب المجتمع المدني، فكيف يمكن أن تكون بلاد عاشت قرابة نصف قرن على هذه الحال؟ب
إعلان حالة الطوارئ يعني تفعيل قانون الطوارئ عندما تكون هناك حالة طارئة، وإذا كان تطبيق أحكام قانون الطوارئ يضمن الحفاظ على الأمن والاستقرار كما يقول الإعلام الرسمي السوري، فإن نصوصه تعني أيضاً تقييد المجتمع لمصلحة جهاز الدولة، حتى يتمكن جهاز الدولة من قيادة البلاد في أوقات الأزمات، وتعني بالمعنى الحقوقي توسيع نطاق صلاحيات السلطة التنفيذية، وأذرعها الأمنية على وجه الخصوص، على حساب السلطتين التشريعية والقضائية، وعلى حساب المجتمع المدني، فكيف يمكن أن تكون بلاد عاشت قرابة نصف قرن على هذه الحال؟
بعد أن أعلنت القيادة السياسية في سورية دراسة رفع حالة الطوارئ، هذا الإعلان الذي تبعه حصول العديد من الأحداث الأمنية الخطيرة، وظهور عصابات مسلحة في البلاد، بدأت وسائل الإعلام السوري تكثر من عرض مقابلات مع مواطنين يطالبون بعدم رفع حالة الطوارئ حفاظاً على الاستقرار، وظهر الأمر كما لو أنه لا وجود لمجتمع مدني في سورية، أو كما لو أن السوريين عاجزون عن خوض أي نضال سلمي، وقدمت وسائل الإعلام الرسمية المجتمع السوري كما لو أنه مجتمع منفلت لا يمكن ضبطه إلا بقانون طوارئ تنفذه أجهزة الأمن، أو كما لو أنه مجتمع قاصر غير قادر على إدارة حياته دون قبضة أمنية حديدية.
حالة الطوارئ ليست هي الضمانة لعدم انتشار مسلحين في سورية، لأن صلاحيات وزارة الداخلية في الحالة الطبيعية تكفل ملاحقة أي مسلح واعتقاله، بل وقتله إذا لم يستسلم سواء في ظل حالة الطوارئ أو في غيابها. ومن ناحية أخرى فإنه في ظل حالة الطوارئ التي يطالب البعض باستمرارها، تم اعتقال الآلاف ممن تجرؤوا على تقديم وجهة نظر مخالفة لآراء السلطة، وفي الوقت نفسه، نخر الفساد كل مفاصل جهاز الدولة، وتمكن المسلحون من الانتشار على الأراضي السورية، والتحرك بكل حرية أينما أرادوا، بل وتمكنوا أيضاً من تخزين أسلحتهم في أماكن سياحية كبرى كقلعة المرقب، فأين كان قانون الطوارئ ليحاصر هؤلاء؟ وكيف يتمكن حراس حالة الطوارئ من اعتقال شخص يطبع منشورات في بيته، ويفشلون في منع هذا العدد الكبير من المسلحين المنظمين من الانتشار على الأراضي السورية؟
عندما يكون الأمن ناتجاً عن سلم اجتماعي فعلي فإنه أمن حقيقي، أما عندما يكون مفروضاً بقوة الأجهزة الأمنية فإنه أمن كاذب، وعندما لا يثق السوريون بقدرتهم على العيش معاً بحرية ودون قبضة أمنية حديدية، فهذا يعني أنهم لا يستحقون العيش معاً تحت سقف وطن واحد. ولأنه لا شك في أن الشعب السوري شعب عظيم، فإنه لا شك أيضاً أنه يستحق حريته، وهذه الحرية لن تكون حقيقية في ظل قوانين تسمح لأجهزة الأمن باعتقال أي شخص إذا أرادت، وفي ظل قوانين تحظر حرية الإعلام وتبادل المعلومات، وتحظر إنشاء الأحزاب السياسية بشكل حر وفقاً لقانون عادل، وتحظر على المواطن الاعتراض الحر بصوت عالٍ على الفساد والقمع وانتهاك الحرمات والكرامات.
إن حالة الطوارئ هي سبب ما نحن فيه اليوم، لأن انتزاع أظافر الأطفال، وانتهاك كرامات المواطنين، وتفشي الفساد، وانتشار العصابات المسلحة، كل ذلك تم في ظل حالة الطوارئ. وأما في ظل غياب حالة الطوارئ، فلا شك أن السوريين الأحرار من القيود التي تكبل التفكير والتعبير والنشاط المدني والسياسي الحر، قادرون على بناء وطن لا مكان فيه للصوص والقتلة والفاسدين.