هل المؤامرة خارجية.. فقط؟

ما يزال الإعلام الرسمي حتى اللحظة يتعامل مع ما يجري على أنه «مؤامرة خارجية كبيرة» فقط..

لكن وإزاء خروج عدد كبير من المواطنين السوريين للتظاهر والمطالبة بحقوقهم المشروعة، ومع تواتر الحراك المتسارع والذي شمل العديد من المحافظات والمناطق وحتى البلدات السورية، ومع دخول عناصر غريبة محاولة أخذ الحراك السلمي نحو اتجاهات شديدة الخطورة، هل من الممكن ادراج جميع التحركات تحت بند المؤامرة؟؟. ما يوضحه الإعلام الرسمي، أو فلنقل ما يحاول توضيحه هو أنه من الواجب الفصل بين المطالب المحقة والمشروعة للناس، وبين التحركات التخريبية وتحديداً المريقة للدماء، وعليه فلننطلق في التحليل من هذه المسلمة الصحيحة القائلة إن كل من يحمل سلاحاً ويوجهه إلى الداخل سواء ضد المتظاهرين أو ضد الجيش وقوات الأمن إنما هو مخرب ومتآمر، ولنضع السؤال بالشكل التالي: من هو المسؤول عن دفع الناس إلى التظاهر والاحتجاج؟ ثم من هو صاحب المصلحة الحقيقية في إغراق التظاهر السلمي بالدماء واستدعاء الخلايا النائمة من جحورها؟؟

 

من الذي فجر التظاهرات؟

تبدأ خيوط المؤامرة من هنا، من الداخل السوري، وتحديداً من السياسات الليبرالية التي اتبعتها الحكومة الراحلة والتي أدت إلى تعميق الفقر والبطالة والاستياء الاجتماعي، وكانت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين قد حذرت ومنذ ظهورها الأول على الساحة السورية في عام 2003 من الحل الأمريكي المركب الخاص بسورية ضمن مخطط «الشرق الأوسط الجديد» حيث بينت أن أخذ البلاد من الخارج فقط مكلف جداً وغير ممكن عملياً لأن الشعب السوري وأمام أي تهديد خارجي سيتحول إلى صخرة واحدة تتكسر عليها أمواج أي غزو خارجي، لذا وجب تفتيت الوحدة الوطنية من الداخل وزيادة درجة تذمر الناس واستيائهم من النظام السياسي الذي يحكمهم، لتغدو سورية عراقاً جديداً، وذلك بخلق أمثال الجلبي ومن لف لفه، وبخلق وضع شديد السوء اقتصادياً واجتماعياً وديمقراطياً يضعف القدرة الممانعة لسورية ويفقدها عناصر قوتها. فكانت المؤامرة وكان المتآمرون متمثلين بالفريق الاقتصادي سواء وعوا ذلك أم لم يعوه، فهذا ما حدث!..

وعليه فإن تراكم الأخطاء الجزئية جعل من الحل الجذري مطلباً وطنياً ملحاً، الأمر الذي لم يتم التعامل معه رسمياً بالشكل وبالسرعة المناسبة حتى الآن، وتالياً، وبقبس من استيقاظ الشعوب العربية وعودتها المحمودة إلى ساحة الفعل السياسي وصل المد إلى سورية، وبدأ الشارع السوري يتحرك ضد الفساد والفاسدين مطالباً بحقوقه الديمقراطية والاجتماعية، وإن لم تكتمل صياغة الشعارات حتى اللحظة، ولكن هذا الأمر مرهون بالقادم وبنضج الحركة وبالتزاماتها الوطنية..

 

من أغرق التظاهرات بالدماء؟

من الصعب الإجابة على هذا السؤال من الوجهة الجنائية، ولكن من الممكن مقاربته بالتحليل وذلك بالسؤال عن المستفيد من إغراق التظاهرات بالدماء.

لا شك أن أمريكا والصهيونية هي المستفيد الأكبر من لجم الحراك الشعبي وحرفه نحو الاقتتال الداخلي التفتيتي، ولكن أليس لأمريكا وللصهيونية عملاؤها الداخليون المستفيدون أيضاً من لجم الحراك الشعبي؟ الفساد الكبير هو الدريئة الأولى التي سيصب المتظاهرون فوقها جام غضبهم، فالفساد الكبير هو الذي هشم الاقتصاد الوطني وفتحه أمام النهب الخارجي والداخلي، وكبل امكانيات النمو والتقدم، وجعل الحياة الكريمة حلماً بعيد المنال عن جزء كبير من الشعب السوري.. تلكم هي المؤامرة..

لذا فإن على الوطنيين داخل جهاز الدولة وفي المجتمع محاصرة كل من يدعو إلى حمل السلاح، وعليهم حماية الحراك الشعبي وفتح الساحات الوطنية العامة له وحمايته ليأخذ مداه، وليكون المصلح الحقيقي، فليس أحرص من الشعب على وطنه إلا الشعب نفسه..

 

m.dleakan@yahoo.com

آخر تعديل على الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2016 13:40