حل الأزمة يقترب سريعاً!
تستمر محاولات متشددي الطرفين باشاعة أجواء الإحباط والتيئيس بين السوريين، من خلال الزعم بعدم إمكانية الحل السياسي مستندة في ذلك إلى التركيز على التفاصيل الصغيرة الميدانية أو الاقليمية، التي لا تشكل ثقلاً حقيقياً أمام التغيير الكبير في ميزان القوى الدولي الجديد الذي يترسخ ويتعزز بشكل متسارع، والذي يتكثف جوهره بتقدم قوى السلم على المستوى العالمي، وتراجع دور قوى الحرب والفاشية، الأمر الذي يعني في منطقتنا وبلدنا إعادة الاعتبار لصوت الناس ومطالبهم في التغيير الحقيقي على حساب صوت الرصاص، ولشد ما يرعب هذا الصوت الكامن، المتشددين بأصنافهم المختلفة، وذلك عبر الشروع بالحل السياسي.
في مقابل محاولات تثبيط العزائم وتحجيم الآمال، تبقى الوقائع أشياء عنيدة لا قبل لواشنطن ولا لحلفائها ولا للمتشددين الداخليين من الطرفين بالهروب منها، وبينها:
أولاً، شارك ضمن قوام العرض العسكري الذي جرى في الساحة الحمراء قبل أيام قليلة، ضمن احتفالات عيد النصر على الفاشية بذكراه السبعين، عشرة دول بينها الصين والهند ومجمل دول الاتحاد السوفييتي السابق، بما يخرج عن حدود الاستعراض العسكري إلى مستوى إعلان تحالف عسكري جديد لدول تشمل أكثر من نصف سكان العالم. وذلك إضافة إلى المشاركة السياسية لرؤساء عشرين دولة، بما فيهم الرئيس المصري، رغم الضغوطات التي يمكن توقع تعرض بعض هؤلاء الرؤساء لها من واشنطن باتجاه عدم المشاركة.
ثانياً، ارتفاع مستوى التعاون والتنسيق الروسي- الصيني عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، بما يعني تعمق حلف كان شقه في النصف الثاني من القرن الماضي أحد الأسباب الهامة في انهيار الاتحاد السوفييتي، والذي قاد إلى الهيمنة الأمريكية الأحادية المطلقة. بما يشير إلى إنجاز خطوة كبرى في ضرب الأساس الذي قامت عليه تلك الهمينة.
ثالثاً، إذا كانت المستشارة الألمانية لم تستجب لدعوة موسكو لحضور احتفالات النصر يوم التاسع من أيار، فإنها لم تتأخر سوى يوم واحد عن زيارة روسيا لبحث الأزمة الأوكرانية وسبل التعاون، تلاها زيارة كيري الذي التقى لافروف وبعده بوتين، بما يشير إلى توافق كامل حول مجمل القضايا التي جرى بحثها، عبر الإقرار بأن الحلول السياسية التي طالما طرحتها روسيا هي المخرج الوحيد، وبما يشمل الأزمة السورية والأوكرانية واليمنية والملف النووي الإيراني وربما غيرها من الملفات العالقة.
رابعاً، استدعاء واشنطن لحلفائها الخليجيين إلى كامب دايفيد، لإلزامهم بالتكيف مع الوقائع الجديدة التي لن يعود لهم ضمنها الدور السابق نفسه، بل دور أقل منه كماً ونوعاً وامتداداً، الأمر الذي ظهر واضحاً بـ«التمرد» البائس الذي تولته وسائلهم الإعلامية، حيث بدأت بهجوم «المخدوع الذي تمت خيانته» على الأمريكان، وبالحديث عن تراجع واشنطن، وهو كلام حق، ولكنّه يبدو مهزلة إذ يخرج على ألسنة أزلام واشنطن التاريخيين.
إنّ الوقائع الكبرى السابقة، وغيرها تفاصيل كثيرة، تؤكد أنّ قوى الحرب تتصدع وتتراجع، وقوى السلم تتقدم وتترسخ، ولذلك فإنّ حل الأزمة السورية بات قريباً، ولذلك فإنّ على الوطنيين السوريين أن يرموا جانباً دعوات اليأس التي يلقيها المتشددون، وأن يتحضروا ويعدوا عدتهم للمعارك السياسية القادمة.