تقنيات الري التكميلي الحديثة للقمح
تحت عنوان «دراسة اقتصادية واجتماعية لأثر تبني تقنيات الري التكميلي الحديثة في نظام إنتاج القمح في سورية» قدم د. أمجد بدر من الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية أطروحته في جامعة حلب – كلية الزراعة في العام 2010
تم معاينة 490 مزارعاً بطريقة المسح الحقلي في محافظات حلب، ودرعا، والحسكة تحت نظام إنتاج القمح المطبق عليه الري التكميلي والقمح البعل، بهدف دراسة مؤشرات التبني لتقنيات الري الحديثة (معدل التبني، ودرجة التبني) والعوامل المؤثرة على قرار المزارع بقبول أو رفض هذه التقنيات، إضافةً إلى دراسة أثر الري الحديث على الإنتاج، والدخل الزراعي، وعدالة توزيع الدخل بين أفراد مجتمع المزارعين منتجي القمح، وتناول البحث دراسة الكفاءة الإنتاجية، وكفاءة استخدام المياه في ري القمح، إضافةً إلى دوال الطلب على المياه، والعوامل المؤثرة فيها، وقد تمت المعاينة وحساب حجم العينة بطريقة المعاينة الطبقية.
منطقة الدراسة
تغطي منطقة الدراسة حوالي 66% من المساحة المزروعة قمحاً على مستوى سورية، ويشكل مجموع ما تنتجه من القمح نحو 61% من إجمالي الإنتاج في القطر. يتميز التركيب المحصولي في منطقة الدراسة على مستوى العينة، ومنطقة الاستقرار، والمحافظة بسيادة المحاصيل الشتوية، تليها المحاصيل الصيفية، ثم الأشجار المثمرة، مع الملاحظة أن منطقة الدراسة في محافظة الحسكة لم تتضمن زراعة الأشجار المثمرة إلا على المستوى الفردي، ويسود محصول القمح بين المحاصيل الشتوية على المستويات السابقة، يليه المحاصيل البقولية الغذائية.
تتوفر مصادر مياه الري الجوفية في المناطق المدروسة كافة لنحو 77% من المزارعين، إضافة إلى المياه السطحية المدارة من قبل الدولة في محافظة درعا، والتي تتاح لنحو 55% من مزارعي المحافظة.
يتبع المزارعون ثلاث طرائق رئيسة في الري، الطريقة التقليدية السطحية، الري بالرذاذ، والري بالتنقيط، ويعتبر الري السطحي التقليدي هو السائد بالنسبة لمحصول القمح، وينتشر أكثر في منطقة الاستقرار الثانية، ويمثل الري بالرذاذ تقنية الري الحديثة المستخدمة في ري القمح، إضافةً إلى استخدامه في ري بعض المحاصيل الأخرى كالشعير، الشوندر، الفول، البطاطا، العدس، الحمص، وبعض الخضار، بينما يستخدم الري بالتنقيط في ري القطن وبعض محاصيل الخضار، والأشجار المثمرة. أشارت النتائج إلى أن معدل تبني الري التكميلي لمحصول القمح بلغ 71% على مستوى العينة، وبلغ في حلب 75%، وفي درعا 89%، أما في الحسكة فانخفض حتى 39%، أما بالنسبة لمعدلات التبني لتقنيات الري الحديثة، فقد بلغ معدل التبني للري بالرذاذ 24% على مستوى العينة، و19% بالنسبة للري بالتنقيط، وبالتالي فلا زال الري السطحي التقليدي هو السائد بمعدل 57% من المزارعين، وبينت النتائج أن معدل تبني الري بالرذاذ يرتفع في منطقة الاستقرار الأولى، بينما يرتفع بالنسبة للري بالتنقيط في المنطقة الثانية، وتتميز محافظة حلب بارتفاع معدل التبني للري بالرذاذ، بينما تتميز محافظة درعا بارتفاع معدل تبني الري بالتنقيط، في حين تنخفض معدلات تبني الري الحديث في محافظة الحسكة.
مستوى الكفاءة الإنتاجية للقمح
أشار نموذج المنهج الحدودي للدالة الإنتاجية أن المزارعين الأصغر سناً يحققون مستوى أعلى من الكفاءة الإنتاجية مقارنةً بالمزارعين المتقدمين في السن، وقد بلغ متوسط الكفاءة الإنتاجية للقمح حوالي 82% على مستوى العينة، أما على مستوى المحافظة فقد بلغت 86%، 78%، و89% في حلب، درعا، والحسكة على التوالي، وكانت في منطقة الاستقرار الأولى أكثر من 83%، وفي المنطقة الثانية حوالي 80%، وبالتالي فإن الإمكانية تتوفر لزيادة مستوى الكفاءة الإنتاجية عن طريق معالجة الأسباب التي تؤدي إلى تدنيها. أظهر النموذج أن كفاءة استخدام المياه المستخدمة في ري محصول القمح تتأثر بعدة عوامل، حيث تزيد تقنية الري بالرذاذ من كفاءة استخدام المياه، ويزيدها كذلك استخدام مصادر الري الحكومية، على مستوى العينة، كما تساهم الزراعة الآلية في زيادة كفاءة استخدام المياه، أما التبكير في الزراعة فيخفض من مستوى هذه الكفاءة، وقد تم تقدير متوسط كفاءة استخدام المياه في ري القمح على مستوى العينة حوالي 71%، وفي منطقة الاستقرار الأولى 88%، وفي الثانية 69%، مما يشير إلى توفر الإمكانية لتحسين هذه الكفاءة عن طريق تطوير إدارة العوامل السابقة الذكر والتي تؤدي إلى خفض مستوى كفاءة استخدام مياه الري اللازمة لإنتاج القمح.
زيادة إنتاج وحدة المساحة
يؤدي استخدام نظام الري التكميلي إلى زيادة إنتاج وحدة المساحة من القمح، حيث بلغ متوسط إنتاج الهكتار الواحد تحت هذا النظام حوالي 5062 كغ، بينما بلغ في الزراعة البعلية حوالي 2689 كغ، وترتفع الإنتاجية لدى تطبيق الري بالرذاذ إلى 5339 كغ/ هـ، في حين لا تتجاوز حوالي 4896 كغ/ هـ، لدى استخدام الري السطحي التقليدي، وقد بينت قيم معامل التباين في النظامين الزراعيين كليهما البعلي والمروي، وتحت نظامي الري بالرذاذ والري التقليدي، أن الإنتاجية كانت أكثر استقراراً لدى تطبيق الري التكميلي من جهة، ولدى تطبيق الري بالرذاذ من جهة أخرى والذي باستخدامه يحقق الاستقرار الأفضل للإنتاجية، وذلك على مستوى العينة، والمحافظة، ومنطقة الاستقرار.
ترتفع تكاليف الري بالرذاذ مقارنة بتكاليف الري السطحي، إلا أن الأهمية النسبية لتكاليف الري بالرذاذ تنخفض مقارنة بأهميتها من إجمالي تكاليف الإنتاج على مستوى العينة، ومنطقة الاستقرار، والمحافظة، باستثناء محافظة حلب التي ارتفعت فيها الأهمية النسبية لتكاليف الري بالرذاذ وبفارق لا يتجاوز 1%، إلا أن متوسط الدخل الصافي المتولد من إنتاج وحدة المساحة من القمح تحت نظام الري بالرذاذ كان أكبر، مقارنة بمتوسط الدخل الناتج تحت نظام الري التقليدي وبفروق معنوية، ومن ناحية أخرى، لا يتوقف أثر تبني الري بالرذاذ على كمية الدخل الصافي الناتجة، ولكن على توزيعها بين أفراد المجتمع المتبني لهذه التقنية، حيث أشارت النتائج من خلال المقارنات المنفذة بين النظامين كليهما، الرذاذي والتقليدي، إلى أن تبني الري بالرذاذ ونتيجة لعامل استقرار الإنتاج والأسعار التي يحصل عليها المزارعون يؤدي نسبياً إلى التماثل أكثر في توزيع الدخل الناتج بين المزارعين، وتبيّن أن توزع الدخل كان أكثر عدالةً مقارنةً بالدخل الناتج عن استخدام الطريقة التقليدية في الري.