انخفاض الطلب على العمالة المستمر مردّه إلى فرط الإنتاج وليس الأتمتة
يعجّ العالم بالحديث عن الأتمتة «التحوّل للاعتماد على الآلات في عمليات الإنتاج والخدمات بما في ذلك استبدال العمّال بالآلات». يبدو أنّ التقدم السريع في الذكاء الصنعي والتعلّم الآلي والروبوتات قد يغيّر عالم العمل. ففي بعض المصانع الأكثر تطوراً، تسعى شركات، مثل: تسلا إلى الوصول إلى إنتاج «معتم»، حيث تقوم الآلات بشكل كلي بالعمل دون الحاجة لمساهمة البشر، ويمكن تشغيلها في الظلام. بتنا نرى روبوتات يمكنها لعب كرة الطاولة وطهي الطعام وممارسة الجنس وحتّى إجراء المحادثات. نرى روبوتات تقود السيارات بدون سائق، وكلاب تحمل أسلحة عسكرية «ذكيّة» عبر سهول مقفرة. هل نعيش آخر أيام الكدح البشري؟ هل ما سمّاه إدوارد بيلامي يوماً «قانون الجنّة» على وشك أن يلغى، حيث يصبح «البشر» – أو الأثرياء منهم على الأقل– آلهة جدد؟
ترجمة وإعداد: قاسيون
لدينا الكثير من الأسباب لنشكك بكلّ هذا الهذر. أوّلها: وعلى عكس ما يحاول الإعلام السائد ترويجه، لا تزال الآلات غير قادرة على أداء مهام البشر بالدقّة والإبداع، ومثالها: ترجمة المستندات والإجابة عن الأسئلة، الأمر الذي لا يمكن إتمامه على أكمل وجه دون تدخّل بشري. أو كما شهدنا الحملة الإعلامية التي ملأت سان فرانسيسكو، والتي تهدد باستبدال عمّال الوجبات السريعة بشاشات لمس، إذا ما تمّ تمرير قانون لرفع الحدّ الأدنى للأجور. ففي الكثير من الأماكن في أوروبا استمرّ العمّال بالعمل جنباً إلى جنب مع شاشات اللمس، وهم يحصلون على أجور أعلى من نظرائهم في الولايات المتحدة.
خطاب الأتمتة
إذا ما ابتعدنا عن صفحات المجلّات الشهيرة التي تسوّق قصصاً مخيفة فارغة عن الأتمتة، فقد تبلور على طول العقد الماضي حديث عن نظريّة اجتماعية تهدف إلى تحليل التكنولوجيا الحاليّة والتنبؤ بمستقبلها واستكشاف عواقبها. يستند خطاب منظري الأتمتة على أربعة مقترحات رئيسية، أولاً: يتم بالفعل استبدال العمّال بالآلات، ما أدّى إلى ارتفاع نسبة «البطالة التكنولوجيّة». ثانياً: تشير هذه الإزاحة إلى أنّنا على أعتاب تحقيق مجتمع مؤتمت إلى حدّ كبير، حيث سيتم تنفيذ جميع الأعمال تقريباً بوساطة الآلات ذاتية الحركة الذكية. ثالثاً: الأتمتة، من حيث المبدأ، يمكنها أن تحرر البشرية من الكد، ولكن نظراً لأننا نعيش في مجتمع يعمل فيه الناس من أجل العيش، فقد يتحوّل هذا الحلم إلى كابوس. رابعاً: الطريقة الوحيدة لمنع كارثة جماعية هي كسر الصلة بين الدخل الذي يحصل عليه العامل، والعمل الذي يؤديه، وذلك عبر ضمان دخل أساسي عالمي، كطريقة لتدشين افتتاح مجتمع جديد.
يحذّر براينيولفسون ومكافي من «عدم وجود قانون اقتصادي يقول بأنّ جميع العمّال، أو حتّى غالبيتهم، سينتفعون من هذا التقدّم». بل على العكس: فمع انخفاض الطلب على العمالة بسبب استخدام المزيد من الآلات، ستركد الأجور، وسيستولي رأس المال على الارتفاع في حصّة الدخل السنوي وليس العمّال. ستكون النتيجة مزيداً من اللامساواة، والتي ستبطئ بدورها ما سمياه «عصر الآلة الثاني» من خلال توليد «طور فشل رأسمالي» يؤدي فيه الاستيلاء الريعي إلى مزاحمة الابتكار التكنولوجي. بينما يحذّر مارتين فورد من «أكثر السيناريوهات طويلة الأمد المرعبة، حيث يتدبر النظام الاقتصادي العالمي أمر التأقلم مع الواقع الجديد... ما سيقود إلى إقطاع مؤتمت».
تبنّى «رجال أعمال الجينز» في وادي السيليكون بدورهم خطاب الأتمتة، فنرى بيل غيتس يدعو إلى فرض ضريبة على الروبوتات. ومارك زوكربيرغ يشير على خريجي هارفارد بأن «يستكشفوا أفكاراً مثل دخل أساسي عالمي»، السياسة التي رأى إيلون ماسك بأنّها تصبح «ضرورية بشكل متزايد». تعاملَ السياسيون ومستشاروهم بذات الطريقة مع وهم خطاب الأتمتة، حيث أصبح إحدى وجهات النظر الرائدة حول «مستقبلنا الرقمي». علّق لورنس سامرز: «الأفكار الغبيّة حول البطالة التكنولوجية تبدو الآن ذكيّة بشكل متزايد... مع ركود أجور العمال وتزايد اللامساواة الاقتصادية، أصبح الخطاب أساساً طويل الأمد للحملات الرئاسية».
مخاوف متكررة
تعتمد جميع هذه الرؤى المستقبليّة، من جميع جوانب الطيف السياسي، على التنبؤ المشترك لمسار التغيير التكنولوجي. لكن هل هذه الرؤى محقّة؟ للإجابة عن هذا السؤال نحتاج لتعريف للأتمتة. هناك تعريفان عمليان، الأول: يرى بأنّها شكل محدد من أشكال الابتكار التكنولوجي الموفّر للعمالة، حيث تحلّ تقنيات الأتمتة بشكل كامل محلّ العمل البشري. أمّا الثاني: فيرى بأنّها تكنولوجيا متممة للعمالة، حيث ستستمرّ فئات وظيفية معينة بالوجود، لكنّ عمّال هذه الفئات سيكونون أكثر إنتاجية. ويعني هذا بأنّ الفئة الثانية ستؤدي إلى وجود عدد أقلّ من الوظائف ليشغلها العمّال.
تبين أنّ التمييز بين هذين النوعين من التغييرات التكنولوجيّة صعب للغاية في الممارسة العملية. أشارت دراسة شهيرة من مدرسة أكسفورد/ مارتن على أنّ 47% من الوظائف في الولايات المتحدة معرضة لخطر كبير بسبب الأتمتة. تنبأت دراسة حديثة من منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية بأنّ 14% من الوظائف في دول المنظمة معرضة لخطر كبير، مع وجود 32% معرضين لخطر حدوث تغيير كبير أثناء تنفيذها «بسبب زيادة العمالة بدلاً من استبدالها بالابتكار».
لكن هل يعني هذا قطيعة نوعية مع الماضي؟ 57% من الوظائف التي شغلها العمّال في الستينات لم تعد موجودة اليوم. في الواقع، تبيّن أنّ الأتمتة هي سمة ثابتة من سمات التاريخ الرأسمالي. بينما على النقيض من ذلك، فخطاب الأتمتة الذي يستقرئ حالات التغيير التكنولوجي وصولاً إلى نظرية اجتماعية أوسع، ليس ثابتاً، ويتكرر بشكل دوري في التاريخ الحديث. يمكننا ملاحظة الإثارة حول عصر الأتمتة القادم منذ منتصف القرن التاسع عشر على الأقل. ثمّ عادت للظهور بقوّة في ثلاثينات وخمسينات وثمانينات القرن الماضي، قبل ظهورها مجدداً في بداية القرن الحادي والعشرين. وفي كلّ مرة كانت تصاحبها تنبؤات عن عصر قادم من البطالة الكارثية والانهيار الاجتماعي.
هناك أمرٌ مشترك في هذه الرؤى المستقبلية المتباعدة تاريخياً: الإشارة للاحتمالات المثالية الكامنة في المجتمعات الرأسمالية الحديثة. فالخطأ هنا هو الافتراض بأنّه من خلال التحولات التكنولوجيّة المستمرة، سيتمّ الكشف عن هذه الاحتمالات الطوباوية/ اليوتوبية عمّا قريب من خلال كارثة البطالة الاجتماعية.
نقص الطلب على العمالة
ليس هناك سبب أكثر جاذبية لانتشار خطاب الأتمتة أكثر من أنّنا نعيش الكثير من العواقب التي يذكرها هذا الخطاب، فقد فشلت الرأسمالية العالمية بشكل واضح بتزويد البشر بالوظائف التي يحتاجونها. بكلام آخر: هناك انخفاض مستمر في الطلب على العمالة، لا ينعكس فقط في ارتفاع معدلات البطالة أو في حالات التعافي من البطالة– كما يستشهد منظرو الأتمتة كثيراً– بل أيضاً في ظاهرة ذات عواقب أكثر عمومية: انخفاض حصّة العمّال من الدخل.
تشير هذه التحولات إلى انخفاض جذري في قدرة العمّال على المساومة. الواقع بالنسبة للعامل العادي هو أسوأ ممّا تشير إليه الإحصاءات، حيث بات نمو العائدات يميل بشكل متزايد ناحية أصحاب الدخل المرتفع. فتح هذا الأمر فجوة متنامية ليس فقط بين نمو إنتاجية العمل ومتوسط الأجور- العائدات، بل أيضاً بين نمو متوسط الأجور من جهة والأجور الأساسية من جهة أخرى.
هل الأتمتة هي المسؤولة عن انخفاض الطلب على العمالة؟ الجواب المختصر: لا.
منظرو الأتمتة يشيرون عادة إلى القطاع الصناعي كسابقة لما سيحدث ويطال قطاع الخدمات. كي نقيّم حجاجهم، علينا أن ننظر إلى الدور الذي لعبته الأتمتة في تحديد مصير هذا القطّاع. وُجِدت الروبوتات الصناعية منذ وقت طويل: الروبوت الأول «يونيوميت» كان موجوداً في مصانع جنرال موتورز منذ 1961. في الحقيقة زاد التوظيف بشكل مستمر في خطوط الإنتاج التي أدخلت إليها الابتكارات التكنولوجية، وبوتيرة سريعة. ذلك أنّ الانخفاض في أسعار منتجات هذه الخطوط أدّى إلى نمو الطلب عليها.
لكنّ العمالة انخفضت في القطّاعات التصنيعية، بادئة بالدول المتقدمة صناعياً: انخفض عدد العمالة الصناعية في الولايات المتحدة من 22% في 1970 إلى نسبة 8% في 2017. وفي ذات الفترة في فرنسا من 23% إلى 9%، وفي المملكة المتحدة من 30% إلى 8%، وفي اليابان من 25% إلى 15%، وفي ألمانيا من 29% إلى 17%، وفي إيطاليا من 25% إلى 15%.
المثير، أنّ الانخفاض في العمالة الصناعية في أيّ من البلدان التي ذكرناها، لم يتصاحب مع انخفاض في المخرجات الصناعية. فقد زادت القيمة الزائدة الحقيقية في التصنيع بأكثر من الضعف في الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وإيطاليا بين 1970 و2017. وحتّى المملكة المتحدة التي سجّلت مخرجاتها الصناعية أسوأ النتائج حققت زيادة في القيمة الزائدة الحقيقية في التصنيع بنسبة 25%. وعلى هذه الإحصاءات يعتمد منظرو الأتمتة على استبدال العمّال بالآلات.
لكن في الحقيقة، هذه الإحصاءات مضللة، فالإنتاجية الصناعية لم ترتفع، وكما بيّن روبرت سولو: «نرى عصر الكمبيوتر في كلّ مكان، باستثناء إحصائيات الإنتاجيّة». يمكن تتبّع ذلك بشكل واضح منذ 2011، حيث إنّ المخرجات الحقيقية لكلّ ساعة في كامل القطاع الصناعي في الولايات المتحدة كانت أدنى في 2017 منه في 2010. انهارت معدلات نمو الإنتاجية في قطاع التصنيع بشكل حاد، في الوقت الذي كان عليها أن ترتفع بشكل كبير تبعاً للأتمتة الصناعية المتزايدة. وفي ألمانيا واليابان انخفض معدّل الإنتاجية بنسبة 2,4% منذ عام 2000، وهما البلدان اللذان ينافسان ويتخطيان الولايات المتحدة في استخدام الروبوتات الصناعية. تراجع التصنيع في البلدان المتقدمة رغم المزيد من الأتمتة مستمر بالحدوث.
الصين، هي الاستثناء الوحيد، ولكنّه استثناء جزئي فقط. أعادت الصين مسار التصنيع بدءاً من أوائل العقد الأول للقرن الحادي والعشرين، لكنّها بدأت بعد ذلك بالتراجع عن التصنيع مرّة أخرى في منتصف عام 2010. فقد انخفضت حصتها من العمالة التصنيعية من 19,3% في 2013 إلى 17,5% في 2017، مع احتمال حدوث المزيد من الانخفاض. لا يمكن تفسير تراجع الصين عن التصنيع لا بالأتمتة ولا بالتطور الداخلي للاقتصادات المتقدمة، فما سببه إذاً؟
آفة الإفراط في الإنتاج
الأمر الذي يغيب عن شروحات منظري الأتمتة هو: أنّ ميل انخفاض التصنيع يحدث في جميع أنحاء العالم. انخفض المعدل الوسطي السنوي في الخمسينات والستينات بنسبة 7,1%، وزاد الانخفاض بنسبة 4,8% في السبعينات، وبنسبة 3% بين 1980 و2007. منذ الأزمة المالية 2008 وحتّى عام 2014 توسّعت المخرجات الصناعية بمعدّل 1,6% فقط سنوياً، وهو أقلّ من ربع وتيرة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
يمكننا من هنا أن نفهم أنّ موجة اللاتصنيع ونقص العمالة فيها ليست ناجمةً عن التغييرات التكنولوجيّة، بل بسبب فرط الإنتاجية بالنسبة للأسواق العالميّة.
يسمح لنا هذا الشرح بفهم عدد من السمات لهذه الظاهرة التي تبدو متناقضة. كمثال: يشرح فرط الإنتاجية لماذا تصاحَبَ اللاتصنيع مع بناء سلاسل توريد هائلة تعتمد على العمالة، والتي تكون عادة أكثر إضراراً بالبيئة. تبدأ النقطة المفتاحية لهذا الفهم منذ الستينات، عندما غزت المنتجات الألمانية واليابانية منخفضة التكاليف الأسواق الأمريكية، لتزيد الواردات الصناعية الأمريكية من أقلّ من 7% في منتصف الستينات إلى 16% في بداية السبعينات.
ومن تلك النقطة فصاعداً، وبعد أن تبيّن بأنّ الإنتاجيّة المرتفعة لن تقي كدرع من المنافسة مع البلدان منخفضة تكاليف الإنتاج، بدأت الشركات الأمريكية بالاستجابة عبر عولمة الإنتاج، حيث بنت سلاسل توريد دولية، ونقلت مكونات الإنتاج ذات العمالة الأكثر كثافة إلى الخارج، وتلاعبت بالموردين ضدّ بعضهم البعض لتحقيق أفضل الأسعار. في منتصف الستينات، تمّ افتتاح أولى مناطق تجهيز الصادرات في تايوان وكوريا الجنوبية. حتّى وادي السيلكون، الذي كان ينتج سابقاً رقائق الكمبيوتر في أمريكا في منطقة سان خوسيه، حوّل إنتاجه إلى المناطق منخفضة الأجور.
الإفراط في الإنتاج موجود أيضاً في القطّاع الزراعي بشكل أشدّ من الصناعي حتّى. وأمّا القطاع الخدمي فهو بالكاد يشكّل حصّة من الصادرات العالمي.
الأتمتة كسبب ثانوي
في الواقع، التحولات الاقتصادية العالمية مدمرة بشكل خاص للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، ليس فقط لأنّها أفقر، ولكن أيضاً لأنّ التحولات نحو الأدنى حصلت في عصر التوسع السريع في قوة العمل: بين 1980 والحاضر، نمت القوى العاملة المأجورة في العالم بنسبة 75%، ممّا أضاف أكثر من مليار شخص إلى أسواق العمل. بدأ الإفراط في الإنتاج بتشكيل أنماط النمو الاقتصادي في بلدان ما بعد الاستعمار: أدّى انخفاض معدلات نمو الصادرات المصنّعة إلى الولايات المتحدة وأوروبا في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات إلى اندلاع أزمة الديون عام 1982، يليها التكييف الهيكلي بقيادة صندوق النقد الدولي الذي دفع البلدان لتعميق تداخلها في الأسواق العالمية، في وقت يتباطأ فيه النمو العالمي باستمرار. على الرغم من الصدمات التي تعرض لها الطلب على العمالة نتيجة تباطؤ معدلات النمو العالمية والاضطرابات الاقتصادية المتزايدة، إلّا أنّ أعداداً هائلة من العمّال ما زالت مضطرّة للبحث عن عمل من أجل العيش.
يعتبر البعض، أنّ معدلات النمو المنخفضة للنمو العالمي ليست أمراً خارجاً عن المألوف، إذا توقفنا عن المقارنة «بالعصر الذهبي» الاستثنائي بعد الحرب العالمية الثانية، وعدنا إلى حقب أخرى، مثل السابقة للحرب. لكنّ هذا الحجاج معيب، فصحيح أنّ متوسط معدلات النمو الاقتصادي في تلك الحقبة قريب من المعدلات الحالية، لكنّ الحلول التي قامت في وقتها لم تعد قائمة: الإمبراطوريات الأوروبية التي اجتاحت العالم، ولم تحدّ من انتشار تكنولوجيا التصنيع وحسب، بل قامت بإلغاء التصنيع النشط لبقية الاقتصاد العالمي. لكن تبدو حقبة ما بين الحربين أقرب للمقارنة، حيث استمرّ انخفاض الطلب على العمالة، ما أدّى إلى انعدام الأمن الوظيفي، وتزايد اللامساواة، والاضطرابات الاجتماعية التي هددت بتحويل العلاقات الاقتصادية. مع فارق واحد: عدد سكان العالم الذين يعتمدون اليوم على إيجاد عمل في الأسواق من أجل كسب عيشهم أكبر بكثير.
ما يصفه منظرو الأتمتة بأنّه نتيجة للتكنولوجيا المتزايدة هو في الواقع نتيجة لتفاقم الركود الاقتصادي: يبدو أنّ معدلات نمو الإنتاجية ترتفع عندما تنخفض معدلات نمو الإنتاج في الواقع. هذا الخطأ ليس بدون سبب. يتم تحديد الطلب على العمالة من خلال الفجوة بين معدلات الإنتاجية ونمو الإنتاج. الحقيقة هي: أنّ الأسواق المزدحمة والتباطؤ الاقتصادي هو الذي يفسّر انخفاض الطلب على العمالة. مع التشديد على أنّه، حتّى لو لم تكن الأتمتة في حد ذاتها هي السبب الرئيسي لانخفاض الطلب على العمالة، فإنّها مع ذلك ضمن سياق اقتصاد عالمي بطيء النمو، لا تزال في أفق المستقبل القريب تهدد أعداداً كبيرة من الوظائف بالدمار. يعمل التغيير التكنولوجي هنا كسبب ثانوي لانخفاض الطلب على العمالة.
بتصرّف عن: AUTOMATION AND THE FUTURE OF WORK-1
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1019