«التراكم المُعسكَر» طوق الرأسماليّة  للنجاة بخلق حروب وقمع دائمين
وليام آي. روبنسون وليام آي. روبنسون

«التراكم المُعسكَر» طوق الرأسماليّة للنجاة بخلق حروب وقمع دائمين

أعلن الرئيس بايدن في 15 نيسان بأنّ إدارته طردت 10 دبلوماسيين روس، وفرضت عقوبات جديدة على روسيا بسبب التدخل المزعوم في الانتخابات الأمريكية، ثمّ ردّت روسيا بالمثل. وبعد أيام فقط أعلن البنتاغون عن إجراء تدريبات عسكرية في بحر الصين الجنوبي. ليست هذه الإجراءات سوى تصعيد للمواقف العدوانية ضمن إذكاء واشنطن «حربها الباردة الجديدة» ضدّ روسيا والصين، ممّا يدفع العالم بشكل خطير نحو حرب سياسية وعسكرية دولية.

يعزو معظم المراقبين هذه الحرب التي حرضت عليها الولايات المتحدة إلى سعيها للحفاظ على الهيمنة والسيطرة الاقتصادية الدولية. هذه العوامل مهمة، ولكن هناك صورة أكبر تمّ تجاهلها إلى حد كبير كدافع لهذا التصعيد: الأزمة الرأسمالية العالميّة.
لهذه الأزمة جانب اقتصادي وبنيوي، وهو المتمثّل في الركود المزمن التاريخي. لكنّ لها جانباً سياسيّاً أيضاً: أزمة شرعية الدولة والهيمنة الرأسمالية. يتجه النظام نحو ما نسميه «أزمة عامة للحكم الرأسمالي» حيث يواجه مليارات الأشخاص حول العالم صراعات لأجل البقاء، مشككين بنظامٍ لم يعودوا يرونه شرعياً.
في الولايات المتحدة، تحاول المجموعات الحاكمة توجيه الخوف بعيداً عن النظام الهش نحو مجتمعات كبش الفداء، مثل: الملونين أو المهاجرين أو الآسيويين الذين يُتهمون بالوباء، وتجاه الأعداء الخارجيين، مثل: الصين وروسيا. فزيادة التوتير الدولي مبرر لزيادة الإنفاق العسكري والأمني، وتفتح فرصاً جديدة لجني الأرباح من خلال الحرب والصراع السياسي والقمع، في مواجهة الركود في الاقتصاد المدني.
ينتفض الناس عبر العالم، من تشيلي إلى لبنان، مروراً بالعراق والهند، وفرنسا والولايات المتحدة، وهايتي ونيجيريا، وصولاً إلى جنوب إفريقيا وكولومبيا. اكتسحت موجات من الإضرابات والاحتجاجات الجماهيرية الساحات، واكتسبت في كثير من الحالات طابعاً جذرياً مناهضاً للرأسمالية. لا يمكن للجماعات الحاكمة إلّا أن تخشى الهدير من الأسفل، ومن هنا تأتي أهميّة إشعال حرب باردة جديدة بالنسبة لحكّام الولايات المتحدة والنخب العابرة للحدود، للحفاظ على قبضتها على السلطة مع تعمّق الأزمة.

أزمة الرأسمالية العالمية

التعبير التقني لما تمرّ به الرأسمالية اليوم هو «التراكم المفرط»: وهو الوضع حيث الاقتصاد أنتج– أو لديه القدرة لينتج– كمية كبيرة من الثروة، لكنّ السوق غير قادرة على امتصاصها بسبب تصاعد اللامساواة. الرأسمالية بطبيعتها الجوهرية تنتج ثروات وفيرة، لكنّها أثناء ذلك تولّد مستويات كبيرة ومتزايدة من اللامساواة الاجتماعية. في عام 2018 كان يسيطر 1% من البشرية على أكثر من نصف الثروة العالمية، بينما 80% من البشرية كان عليها الاكتفاء بنسبة 5% من الثروة.
التركيز الشديد لثروة الكوكب في أيدي القلّة، والفقر المتسارع، ونزع ملكية الأغلبية لصالح الأقلية، يعني أنّ الطبقة الرأسمالية العابرة للحدود تواجه صعوبة متزايدة في إيجاد منافذ إنتاجية لتفريغ كميات هائلة من الفائض المتراكم.
كلّما زادت اللامساواة العالمية، أصبحت الأسواق العالمية مقيّدة أكثر، وتعيّن على النظام مواجهة أزمة بنيوية في الإفراط في التراكم. إن تركت الأمور دون حل، تتوسّع اللامساواة الاجتماعية وتنتج عنها أزمات– ركود وتباطؤ وكساد وانتفاضات اجتماعية وحرب– تماماً ما نختبره اليوم.
على عكس رواية الإعلام السائد، لم تتسبب أزمة فيروس كورونا بأزمة الرأسمالية العالمية، لأنّ الأمر كان وشيك الوقوع بأيّة حال. قبل أن يضرب الوباء، تقلّص النمو في دول الاتحاد الأوروبي بالفعل إلى الصفر، وكانت معظم دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا جنوب الصحراء في حالة ركود، وكانت معدلات النمو في آسيا تنخفض باضطراد، وواجهت أمريكا الشمالية تباطؤاً ملحوظاً أيضاً. كل شيء كان متوقعاً، والوباء لم يكن سوى شرارة الاحتراق التي أشعلت الاقتصاد العالمي، الذي لم يكن قد تعافى أساساً من الانهيار المالي 2008.
حتّى لو كان هناك انتعاش مؤقت مع خروج العالم ببطء من الوباء، فالرأسمالية العالمية ستبقى غارقة في أزمة التراكم المفرط هذه. في السنوات التي سبقت الوباء كان هناك ارتفاع مضطرد في الطاقة غير المستغلة، وتباطؤ في الإنتاج الصناعي في جميع أنحاء العالم. فائض من رأس المال المتراكم مع عدم وجود مكان يمضي إليه ليتوسع. سجّلت الشركات العابرة للحدود أرباحاً قياسية خلال عام 2020، في ذات الوقت الذي انخفضت فيه استثمارات الشركات.
ارتفع إجمالي النقود الموضوعة في الاحتياطيات والعائدة لأكبر ألفي شركة ليست مالية في العالم، من 6.6 ترليون دولار في 2010 إلى 14,2 ترليون دولار في 2020 وهذا أكبر بكثير من احتياطيات النقد الأجنبي للحكومات في العالم أجمع. أدّت المضاربة المالية وتزايد ديون الشركات وديون المستهلكين إلى النمو في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين، لكنّ هذه مجرّد حلول مؤقتة وغير مستدامة لركود طويل الأجل.

اقتصاد الحرب العالمي

أصبح الاقتصاد العالمي أكثر اعتماداً من أيّ وقت مضى على تطوير ونشر أنظمة الحرب والرقابة الاجتماعية والقمع، كوسيلة لجني الأرباح ومواصلة مراكمة رأس المال في مواجهة الركود المزمن وتشبّع الأسواق العالمية. يُعرف هذا باسم: «التراكم المُعسكَر»، ويشير إلى الحالة التي يعتمد فيها اقتصاد الحرب العالمي على تنظيم الدولة بشكل دائم للحرب والسيطرة الاجتماعية والقمع– مدفوعة اليوم بالتقنيات الرقمية الجديدة– من أجل إدامة عملية تراكم رأس المال.
شكّلت أحداث 11 أيلول 2001 بداية حقبة حرب عالمية دائمة، أصبحت فيها اللوجستيات والعمليات العسكرية والاستخبارات والقمع والمراقبة وحتّى العسكريون مجالاً- مخصخصاً لصالح رأس المال العابر للحدود. زادت ميزانيّة البنتاغون بنسبة 91% بالقيمة الحقيقية بين عامي 1998 و2011، بينما نما إجمالي نفقات الموازنات العسكرية للدول في جميع أنحاء العالم بنسبة 50% ما بين 2006 وعام 2015، من 1,4 ترليون دولار إلى أكثر من ترليوني دولار. مع ملاحظة أنّ هذه الأرقام لا تشمل مئات مليارات الدولارات التي أنفقت على المخابرات، وعمليات الطوارئ، والشرطة، والحروب الوهميّة ضدّ المهاجرين والإرهاب والمخدرات، والأمن الداخلي. تضاعفت خلال هذه الفترة أرباح المجمع الصناعي العسكري أربع مرّات.
لكنّ التركيز على الموازنات العسكرية للدول يمنحنا فقط جزءاً من صورة اقتصاد الحرب العالمي. تنطوي الحروب والصراعات وحملات المراقبة الاجتماعية والقمع حول العالم على اندماج التراكم الخاص مع عسكرة الدولة. ضمن هذه العلاقة تقوم الدولة بتسهيل توسيع فرص تراكم رأس المال الخاص من خلال العسكرة، مثل: تسهيل مبيعات الأسلحة العالميّة من قبل الشركات العسكرية والصناعية والأمنية. زادت مبيعات الأسلحة العالمية من قبل أكبر 100 صانع للأسلحة وشركة خدمات عسكرية بنسبة 38% بين عامي 2002 و2016.
بحلول عام 2015 كانت الشركات العسكرية الخاصة الهادفة للربح توظّف حوالي 15 مليون شخص حول العالم، بينما عمل 20 مليون آخرين في الأمن الخاص في جميع أنحاء العالم. تعتبر أعمال الأمن الخاص «الشرطة» أحد أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً في العديد من البلدان، لدرجة أنّها تُقزّم الأمن العام. كان المبلغ الذي أنفق على الأمن الخاص في عام 2003، عام غزو العراق، أعلى بنسبة 73% من المبلغ الذي تمّ إنفاقه على الأمن العام. وكان عدد العاملين في القوات المخصخصة هو ثلاثة أضعاف العاملين في وكالات إنفاذ القانون الرسمية. في نصف دول العالم، عملاء الأمن الخاص يفوقون عدداً رجال الشرطة العامة.
يحرس الجنود والشرطة الخاصون هؤلاء ممتلكات الشركات، ويوفرون الأمن الشخصي للمدراء التنفيذيين وعائلاتهم، ويجمعون البيانات، ويقومون بأعمال الشرطة، والأعمال شبه العسكرية، ومكافحة التمرّد والمراقبة، وتنفيذ السيطرة الجماعية على الحشود وقمع المتظاهرين، وإدارة منشآت الاحتجاز والاستجواب الخاصين، وإدارة السجون، والمشاركة في الحروب الرسميّة.
في عام 2018، أعلن الرئيس ترامب بضجّة كبيرة عن إنشاء الخدمة العسكرية السادسة «قوّات الفضاء». وقد غطّى الإعلام الشركاتي الأمر كما هو متوقّع بأنّ هذه القوات كانت ضرورية لمواجهة التهديدات المتزايدة للولايات المتحدة. ما لم تتم تغطيته كما يجب هو أنّ مجموعة صغيرة من المسؤولين الحكوميين السابقين الذين تربطهم علاقات عميقة بمجال أعمال الطائرات قد دفعوا لإنشائها كوسيلة لزيادة الإنفاق العسكري على الأقمار الصناعية وأنظمة الفضاء الأخرى.
في شباط 2021 أصدر «اتحاد العلماء الأمريكيين» تقريراً عن أنّ مجمع الصناعات العسكري مسؤول عن الضغط على الحكومة الأمريكية لإصدار قرار باستثمار ما لا يقل عن 100 مليار دولار لتعزيز مخزونها النووي. أعلنت إدارة بايدن في أوائل نيسان: أنّها ستسحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان. عدد قوات الجيش الأمريكي هناك يبلغ 2500، بينما يبلغ عدد المتعاقدين الخاصين الذين يخدمون هناك أكثر من 18 ألف، من بينهم ما لا يقل عن 5 آلاف جندي مقاتل خاص.
ما يسمّى بالحرب على المخدرات والإرهاب، والحروب غير المعلنة على اللاجئين والفقراء والطبقة العاملة– أنظمة المراقبة ومجمعات السجون وجدران الفصل والحراس الأمنيين الخاصين– أصبحت جميعها مصادر رئيسيّة لجني الأرباح، وستصبح أكثر أهميّة للنظام القائم مع تحوّل الركود إلى الوضع الطبيعي الجديد. باختصار، الدولة البوليسية العالميّة تخلق مجال عمل في الوقت الذي تصبح فيه فرص جني الشركات العابرة للحدود للأرباح محدودة.
لكن طالما أنّ أرباح الشركات، وليس التهديد الخارجي، هي السبب في توسيع الآلة العسكرية والأمنية الأمريكية، فلا نزال نحتاج إلى مبرر وسبب يتم بيعه للجمهور. تخدم الرواية الدعائية الأمريكية الرسمية حول «الحرب الباردة الجديدة» هذا الغرض.

1018-28

خلق الأعداء

هناك ديناميكيّة أخرى تجري لتفسير الحرب الباردة الجديدة: أزمة شرعية الدولة والهيمنة الرأسمالية. تنبع التوترات الدولية من التناقض السياسي الحاد في الرأسمالية العالمية حيث تأخذ العولمة الاقتصادية أماكنها داخل النظام المعتمد على الدولة القومية. أي: إننا باختصار نواجه تناقضاً بين وظيفة التراكم ووظيفة الدولة. تواجه الدول تناقضاً بين الحاجة لتعزيز تراكم رأس المال العابر للحدود في أراضيها الوطنية من جهة، وحاجتها لتحقيق شرعية سياسية وتحقيق استقرار في النظام الاجتماعي المحلي من جهة أخرى.
يتطلّب جذب الشركات العابرة للحدود والاستثمارات المالية إلى الإقليم الوطني تزويد رأس المال هذا بجميع الحوافز المرتبطة بالنيوليبرالية، مثل: الضغط لتخفيض الأجور، وهلهلة النقابات، وإلغاء التشريعات الناظمة، وتخفيض أو عدم الضرائب، والخصخصة، والمعونات الاستثمارية، والتقشف المالي... إلخ. النتيجة لهذه الإجراءات هي زيادة اللامساواة والفقر وانعدام الأمن للطبقة العاملة، أي: الظروف التي تلقي بالدول في أزمات الشرعية، وتزعزع استقرار الأنظمة السياسية الوطنية، وتهدد سيطرة النخب.
تتصاعد الخلافات الدولية مع سعي الدول، في إطار جهودها للاحتفاظ بالشرعية، إلى العبور فوق التوترات الاجتماعية والسياسية، وإبقاء النظام الاجتماعي بعيداً عن التشظي. يشتمل هذا العبور في الولايات المتحدة على توجيه التوتر الاجتماعي ناحية مجتمعات كبش الفداء، أو ناحية عدو خارجي، مثل: الصين وروسيا، وهما مكونان رئيسيان في الإستراتيجيات السياسية للإدارات الأمريكية المتعاقبة.
وفي حين أنّ الطبقات الحاكمة في الصين وروسيا تواجه بدورها تداعيات الأزمة الرأسمالية العالمية، فاقتصاداتها الوطنية أقلّ اعتماداً على التراكم المُعسكَر، وآليات شرعيّة وجودها موجودة في أماكن أخرى، وليس في خلق وإذكاء صراع مع الولايات المتحدة. واشنطن هي من تستحضر الحرب الباردة الجديدة، والتي لا سند حقيقياً لها بأيّ تهديد عسكري أو سياسي من الصين وروسيا. أمّا بالنسبة للمنافسة الاقتصادية، فالشركات الأمريكية متعددة الجنسيات هي من تقوم بإدارة الأزمة لصالحها، وبالتالي تفاقمها.
يزيد دافع الدولة الرأسمالية لإضفاء الصبغة السياسية على أزماتها خطر الحروب الدولية. أخرجت الحروب تاريخياً النظام الرأسمالي من الأزمات، وخدمت في ذات الوقت كأداة تشتيت عن التوترات السياسية ومشاكل الشرعية. عندما بدأت الدعاية للعسكرة أثناء الحرب الباردة تخبو منذ 1991 على إثر سقوط الاتحاد السوفييتي، عادت ونشطت بين ليلة وضحاها في أيلول 2001 مع انطلاق «الحرب على الإرهاب» كذريعة جديدة للعسكرة والقومية الرجعيّة. حقق الرؤساء الأمريكيون الذين أطلقوا الحروب أكبر نسب التأييد: حقق جورج بوش الابن 90% من التأييد في 2001 عندما أطلقت إدارته الحرب في أفغانستان. بينما حقق والده نسبة 89% من التأييد في 1991 عندما أعلنت الولايات المتحدة الحرب الأولى على العراق و«تحرير الكويت».

ضرورة الانقلاب لأجل عالم جديد

نشهد حالياً إعادة هيكلة جذرية وتحولاً للرأسمالية العالمية بناء على رقمنة أكثر تطوراً لكامل المجتمع والاقتصاد العالميين. هذه العمليّة مدفوعة بما يسمّى «تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة». الأزمة الحالية ليست اقتصادية وسياسية وحسب، بل وجودية أيضاً بسبب ما نواجهه من تهديد بالانهيار البيئي والحروب النووية، بالإضافة لخطر الأوبئة المستقبلية التي قد تشمل ميكروبات أكثر فتكاً من فيروس كورونا. كانت عمليات الإغلاق الوبائي بمثابة عمليات تجريبية لكيفية تمكين الرقمنة للمجموعات المهيمنة بتكثيف إعادة هيكلة الزمان والمكان، وممارسة سيطرة أكبر على الطبقة العاملة العالمية. يدفع النظام الآن نحو التوسع من خلال العسكرة والحروب والصراعات، من خلال جولة جديدة من نزع الملكية العنيف، وعبر المزيد من نهب الدولة.
ساعدت هذه الظروف كتلة جديدة من رأس المال العابر للحدود، بقيادة شركات التكنولوجيا العملاقة ذات العلاقات المتشابكة مع التمويل والمنتجات الصيدلانية والمجمع الصناعي العسكري، على حشد قوّة أكبر من أي وقت مضى وتعزيز سيطرتها على الاقتصاد العالمي. مع استمرار إعادة الهيكلة، يتزايد تركيز رأس المال في جميع أنحاء العالم، وتزيد عدم المساواة الاجتماعية، وبالتالي تزيد حدّة التوترات الدولية ومخاطر اندلاع الحرب العسكرية.
في 2018 كان هناك 17 تجمّع مالي عالمي فقط يدير 41,1 ترليون دولار– أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لكامل الكوكب. بينما 50% من الناس حول العالم يعيشون على أقل 2,50 دولار يومياً و80% منهم يعيشون على أقلّ من 10 دولارات يومياً. يعاني واحد من كلّ 3 أشخاص على ظهر الكوكب من سوء التغذية. تبلغ أعداد ضحايا اللاجئين والتغير المناخي والقمع السياسي مئات الملايين، وحرب باردة جديدة لن تفعل أكثر من زيادة معاناة هؤلاء البشر.
لكن علينا ألّا ننسى أنّ الأزمات الرأسمالية هي أوقات الصراعات الاجتماعية والطبقية الشديدة. منذ عام 2008 كان هناك استقطاب سياسي حادّ ومتسارع في المجتمع العالمي. شارك العمّال والفلاحون والفقراء في موجات من الإضرابات والاحتجاجات في جميع أنحاء العالم. المشكلة أنّ الأزمة تحفز أيضاً قوى اليمين المتطرف والفاشية الجديدة التي سعت إلى الاستفادة سياسياً من الأزمة وتداعياتها.
لكنّ الحرب من أجل عالم جديد مستمرة، والكشف عن الحرب الباردة الجديدة بوصفها خدعة من قبل الجماعات المهيمنة لصرف انتباهنا عن الأزمة المتصاعدة للرأسمالية العالمية، ومبرراً للمزيد من العسكرة والقمع، وإحباطها، هي معركة هامّة ضمن هذه الحرب، قد يكون للفوز فيها تداعيات إيجابية مباشرة.

بتصرّف عن: What are the real reasons behind the New Cold War?

معلومات إضافية

العدد رقم:
1018