محمد عادل اللحام
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
يبدو أن المدير العام لمؤسسة السكك الحديدية أدار ظهره لواقع العمال في المؤسسة، فلا يرد على مراسلات اللجان النقابية، ولا يلتزم بأي موعد مع التنظيم النقابي، مما يؤدي إلى تراكم المشكلات في المؤسسة، ويبقي العمال تحت رحمة المدراء المركزيين، لأن أي موضوع يتطلب حلاً يكون بيد المدير العام حصراً، والمدير العام كما أسلفنا، لا يرد على أحد! ونذكر من هذه المشكلات على سبيل المثال لا الحصر:
الاجتماع النقابي الذي انعقد مؤخراً تحضيراً لانعقاد المؤتمرات النقابية السنوية، طرح عدة قضايا لها أهميتها في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها كل من الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية بسبب السياسات الليبرالية التي تعتمدها الحكومة في تنفيذ خططها الاقتصادية والاجتماعية، والتي أدت لنتائج كارثية باعتراف جميع القوى الوطنية والشعبية، بما فيها النقابات.
يعتمد القطاع الخاص في معظمه على تشغيل الأطفال دون سن الثامنة عشرة، وعلى العنصر النسائي خاصة في المشاغل الصغيرة المنتشرة بكثرة في الأرياف وأطراف المدن الرئيسية. واعتمادهم على هذا النوع من العمالة له أسبابه من وجه نظر أرباب العمل التي مقياسها الأساسي تحقيق أعلى نسبة من الأرباح بأقل كلفة، وحتى يتحقق ذلك لابد من أن تكون الأجور المدفوعة للعمال أقل من الحد الأدنى للأجور، ولا يلتزِم أرباب العمل بتسجيل العمال بالتأمينات الاجتماعية، أي أن هؤلاء العمال عير خاضعين لقوانين العمل
يدور جدل واسع حول النضال العمالي بين النقابيين وبين العمال كل على حدة، ولدى كل طرف وجهة نظرتعبر عن الرؤية والمصالح الخاصة بكل منهما والسلوك العملي للكوادر النقابية في مواقع العمل، هذا التباين في الموقف هو تباين موضوعي من حيث الشكل والمضمون.
في الآونة الأخيرة كثرت البيانات والأخبار التي تنشرها الصحف المحلية حول أعداد متزايدة من العمال والموظفين الصادر بحقهم فرمانات التسريح من العمل تحت دعوى «مكافحة الفساد الإداري والمالي، وسوء الأداء في العمل» ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جاء شيء شبيه به،
منذ تبني اقتصاد السوق الاجتماعي رسمياً، أرتسم خط ناظم لعمل جميع الحكومات التي تعاقبت تجاه الطبقة العاملة السورية بشقيها العام والخاص، وهذا الخط جرى التعبير عنه بأشكال مختلفة من الممارسة والسلوك ابتداءًمن طرح مشاريع الإصلاح الاقتصادي للقطاع العام، التي تبخرت مع تقدم وسيادة النهج الليبرالي في الاقتصاد الوطني وليس انتهاءًبحرية التجارة، وفتح الأسواق، وتقليص دور الدولة«الاقتصادي الاجتماعي»، وتقييد قوة العمل بقوانين عمل «مرنة» حسب تبني صندوق النقد والبنك الدوليين لهذا المبدأ الذي تم النصح به لكل الدول التي تبنت الليبرالية الجديدة في الاقتصاد!!.
رغم الكوارث التي تعرضت لها الطبقة العاملة السورية، والتي أصابت لقمتها وكرامتها جراء التهجير والنزوح وفقدان مكان العمل الذي هو مصدر رزقها الوحيد الذي يؤمن لها كفاف العيش، يضاف إليها سبب آخر مكمل للأسباب السابقة وهو ارتفاع الأسعار الجنوني غير المبرر في معظم جوانبه، ولكن الحكومة دائماً تسعى لإيجاد ما يبرر ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة الذي تعزيه الحكومة للحصار الجائر المضروب على سورية،
في الآونة الأخيرة تناقلت وكالات الأنباء خبراً مفاده أن العشرات من العمال السوريين، والأتراك لقوا حتفهم في منجم سوما التركي، وهذا الخبر المفجع يؤكد وحشية الرأسمالية من جهة عدم اكتراثها بالمخاطر التي تهدد حياة العمال أثناء قيامهم بالعمل، خاصةً بالمواقع التي فيها مخاطر عالية كالمناجم، حيث يتطلب العمل داخلها احتياطات استثنائية في مجال الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية التي لا تُراعى كما تنص على ذلك اتفاقيات العمل الدولية، مما يجعل الخسائر فادحة في صفوف العمال العاملين في الأعمال الشاقة والخطرة.
في سياق الهجوم على الطبقة العاملة السورية الجاري منذ تبني نهج اقتصاد السوق، والذي ارتفع كثيراً في السنوات ما قبل الأزمة الحالية، يُستكمل اليوم من خلال ما يُطرح حول إنتاجية العامل السوري، ودوره في تخسير القطاع العام بسبب وجود أعداد كبيرة من العمال لا عمل لهم
ساهمت المساعدات النفطية التي قدمت بعد حرب عام 1973 في توسع وتضخم جهاز الدولة إلى حدودٍ غير مسبوقة قياساً بالمراحل السابقة للحرب، وهذا التوسع شمل البنية التحتية من كهرباء وطرقات وجسور ومعامل واستصلاح الأراضي الزراعية، وهذا يعني بالضرورة زيادة كبيرة في تشغيل اليد العاملة بحيث أصبح القطاع العام هو القائد الفعلي للاقتصاد الوطني مع وجود قطاع خاص هامشي ضعيف ينمو ببطء في بعض الصناعات التقليدية المتكونة تاريخياً مثل النسيج والزجاج وخلافه.