بصراحة: ماذا ستقول النقابات للعمال المسرحين؟
في الآونة الأخيرة كثرت البيانات والأخبار التي تنشرها الصحف المحلية حول أعداد متزايدة من العمال والموظفين الصادر بحقهم فرمانات التسريح من العمل تحت دعوى «مكافحة الفساد الإداري والمالي، وسوء الأداء في العمل» ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل جاء شيء شبيه به،
ولكن هذه المرة بشكل موارب ومتخف خلف الأزمة، وهو تسريح برسم الإجراء المؤقت لحين الانتهاء من إعادة إعمار ما دمره الإرهابيون من منشآت ومصانع وشركات، بعدها يعاد العمال إلى أماكن عملهم التي جرى إيقافهم عن العمل بها وهذا الإجراء «المؤقت»هو في إطار تخفيف العبء المالي عن الحكومة التي تقدم للعمال أجورهم، وهم لا يقومون بأداء أي من الأعمال المطلوبة منهم بالحالة الاعتيادية قبل الأزمة الحالية، وقبل التدمير والتخريب الذي أصاب منشآتهم؛ فإن العمال لابد لهم من الاقتناع بإجراء كهذا حرصاً على مستقبلهم المهني؛ الحريصة عليه أكثر منهم وزارة الصناعة صاحبة الفرمانات الأخيرة بالتسريح للعمال الموسميين في محالج القطن، وعمال معمل إطارات حماة، بالإضافة لعمال آخرين مسؤولة عنهم جهات ثانية، ولكنها أخذت بذات الأسباب مثل عمال النظافة، وعمال المشاريع المائية في الحسكة، وغيرهم آخرين في مناطق متفرقة.
إن الحكومة من خلال وزاراتها تريد إيصال رسالة محددة لعموم العمال في سورية مفادها: أن الدولة ليست ملزمة أمام أحد في التشغيل الدائم وضمان الاستمرار في العمل كما جرت العادة، وعلى العمال المسرحين والذين سيُسرحون لاحقاً تدبير شؤونهم، والبحث عن فرص في سوق العمل الذي لا عمل فيه الآن، مع أن معظم العمال الذين طالتهم القرارات يعملون بعقود مؤقتة وموسمية لسنوات بهذه الصفة «المخترعة» من جهابذة القانون والمشرعين الليبراليين الناظرين إلى تسريح العمال كخشبة خلاص لأزمة الحكومة في دفع أجور العمال التي لا تساوي إلاَ نسبة ضئيلة مقارنةً بحجم أموال الفساد الكبير، والتهرب الضريبي المقدرين بمئات الملايين من الليرات السورية سنوياً.
تلك كانت رسالة الحكومة للعمال، ولكن ما هو موقف الحركة النقابية مما يجري للعمال؟ وما هي رسالتها التي ستوجهها للحكومة حول مجمل أدائها الاقتصادي - الاجتماعي تجاه الطبقة العاملة السورية التي كان موقفها وسلوكها خلال الأزمة وطنياً بامتياز؛ وقدمت التضحيات الجسام كي تستمر عجلة الإنتاج بالدوران وفقاً للواقع المتاح لها وأكثر من ذلك، لتكافئ على موقفها بأن تحارب في لقمة عيشها.