بصراحة : بين الإمكانية والضرورة في العمل العمالي
يدور جدل واسع حول النضال العمالي بين النقابيين وبين العمال كل على حدة، ولدى كل طرف وجهة نظرتعبر عن الرؤية والمصالح الخاصة بكل منهما والسلوك العملي للكوادر النقابية في مواقع العمل، هذا التباين في الموقف هو تباين موضوعي من حيث الشكل والمضمون.
فالعمال تكونت لديهم تجربة ملموسة خلال العقود السابقة حيث سادت السياسة الليبرالية، وتم الهجوم على مصالح الطبقة العاملة وخصوصاً عمال القطاع الخاص المنتج و تعززت هذه التجربة في ظروف الازمة حيث تعرضت المواقع الانتاجية لعملية تخريب واسعة، وتشرد العمال وفقدوا فرص عملهم دون أية رعاية أو حماية لهم، بل الأنكى من ذلك أن الحكومة أخذت تحابي أرباب العمل وتغدق عليهم من مراسيمها وتشريعاتها التي تعفيهم من الاستحقاقات الضريبية والتأمينات الاجتماعية وغيرها من القضايا الحمائية الأخرى، بينما العمال تركوا لمصيرهم المجهول.
على هذه الأرضية تتكون التباينات في المواقف حول الدور المفترض أن تقوم به الحركة النقابية في مثل هذه الظروف الصعبة، التي تتطلب عملاً استثنائياً على غير المعتاد قبل الأزمة حيث تقتضي الضرورة، وليس الإمكانيات فقط التي لا يمكن الانطلاق منها في رسم المهمات الاستثنائية المنوط بالحركة النقابية إنجازها أو التصدي لها، وهي مهام مركبة ومتداخلة مثال ذلك تشغيل المعامل التي يمكن تشغيلها وهي كثيرة وتعرقلها الإدارات التي لها مصلحة في استمرار الوضع على ما هو طالما حصصها من أموال الفساد مؤمنة ولا ينقص منها شيء بينما حقوق العمال مهدورة ولا يعني دفع أجور العمال أنها صدقة أو حسنه تقدمها الحكومة للعمال ليصار إلى القول إن الحكومة تدفع الأجور بالرغم من نقص الموارد لديها، وهذا القول غير مقنع لأن الحكومة تستطيع تأمين الموارد من جيوب الذين نهبوا الأموال ومازالوا على فعلتهم سائرين عوضاً عن التوجه إلى جيوب العمال والفقراء.
إن هذا الواقع إذا ما استمر يعني إعادة إنتاج مكونات الأزمة ولكن بأشكال أخرى أشد وأقسى، بما يعني ضرورة أن تبادر الكوادر النقابية النظيفة إلى الحراك من داخل الحركة النقابية من أجل تغييرات حقيقية في الخط النقابي يؤمن استقلالية الحركة النقابية التي هي ضرورة في الدفاع عن الاقتصاد الوطني وحقوق الطبقة العاملة.