بصراحة : العمالة المهاجرة..والاستثمار السياسي؟
في الآونة الأخيرة تناقلت وكالات الأنباء خبراً مفاده أن العشرات من العمال السوريين، والأتراك لقوا حتفهم في منجم سوما التركي، وهذا الخبر المفجع يؤكد وحشية الرأسمالية من جهة عدم اكتراثها بالمخاطر التي تهدد حياة العمال أثناء قيامهم بالعمل، خاصةً بالمواقع التي فيها مخاطر عالية كالمناجم، حيث يتطلب العمل داخلها احتياطات استثنائية في مجال الأمن الصناعي والصحة والسلامة المهنية التي لا تُراعى كما تنص على ذلك اتفاقيات العمل الدولية، مما يجعل الخسائر فادحة في صفوف العمال العاملين في الأعمال الشاقة والخطرة.
لقد دفعت الأزمة السورية الملايين من السوريين للهجرة داخلياً وإلى الخارج بحثاً عن مكان، يجنبهم الموت العبثي الذي يحصد الكثيرين يومياً من أبناء شعبنا، ويوفر لهم أيضاً إيجاد فرصة عمل يستطيعون من خلالها سد الرمق وتأمين جزء ولو بسيطاً من حاجاتهم الضرورية كي تستمر حياتهم بغض النظر عن الظروف وشروط العمل التي تفرض عليهم، هذه هي حال السوريين ليس في تركيا وحدها بل في جميع البلدان التي هُجروا إليها يتعرضون فيها لشتى أنواع الاستغلال في سوق العمل ليتحولوا إلى منافسين، وأصحاب أجور منخفضة تحقق ربحاً إضافياً لمشغليهم، وتجعل التناقض واسعاً بينهم وبين العمال الآخرين مما يولد صراعاً حقيقاً بين العمال، الذين يتقاضون جميعاً أجوراً أقل بسبب التنافس القائم بين العمال في سوق العمل.
حادثة العمال السوريين اللذين قضوا في منجم سوما، والملابسات التي أحاطت بعملية إنقاذهم، وإخفاء جثامينهم ومنع الإعلام من توثيق الحادثة، يوضح إلى أي حد جرىتسييسها واستثمارها في مجرى الصراع الدائر من قبل الأطراف المختلفة، وهذا يرتب على الحكومة السورية من خلال وزارة الخارجية، والاتحاد العام لنقابات العمال التحرك عبر المنظمات الدولية المختلفة واتحاد النقابات العالمي، حيث سورية عضواً مؤسساً فيه، بالإضافة لأصدقاء سورية الحقيقيين من أجل تأمين حقوق العمال السورين، ليس في تركيا وحسب بل في المناطق الآخرى«لبنان-الأردن».
إن الكشف عن ملابسات وفاة العمال قضية لا تقبل التأجيل، ولكن بعيداً عن أي أستثمار سياسي قد تستخدمه أطراف عدة لجعل وفاة العمال مادة للهجوم والتحريض السياسي، كما تفعل الآن المعارضة الخارجية عبر مواقعها الالكترونية مدافعةً عن موقف الحكومة التركية باعتبارها«صديقة»للشعب السوري «تدافع» عن قضاياه.