التأمين الصحي لا بدّ من تطويره
عرفت سورية التأمين الصحي منذ صدور القانون رقم /92/ عام 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية، وحسب هذا القانون تم تعريف مؤسسة التأمينات الاجتماعية والمؤمَّن عليه وإصابة العمل والمصاب. وعرّفت المريض بأنه: «من أصيب بمرض أو حادث غير إصابة العمل». وبهذا يتم اقتطاع نسبة من أجر العاملين المؤمَّن عليهم، ومن ربّ العمل سواء قطاع خاص أو قطاع دولة، كي يستفيد العامل منها في تأمين المرض وإصابات العمل وراتب الشيخوخة.
التأمين الصحي يعتبر مِن أهمّ أنواع التأمين لأنّه يشمل المراحل العمرية كافة، حيث الغاية منه رفعُ مستوى الرعاية الصحّية في المجتمع وتحقيق نوعٍ من العدالة الاجتماعية عبر تلبية الاحتياجات الطبّية لأكبر الشرائح الاجتماعية. نصَّ الدستور في المادة /22/ :1- تكفل الدولة كلَّ مواطن وأسرتَه في حالات الطوارئ والمرض والعجز واليتم والشيخوخة. 2- تحمي الدولة صحة المواطنين وتوفر لهم وسائل الوقاية والمعالجة والتداوي. وأيضاً نصّت الفقرة الثالثة من المادة /40/ من الدستور: تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعمال. وكان قد صدر القانون رقم واحد لعام 1979 أحدثت بموجبه هيئة الضمان الصحي. وأُتبِعَت لها بعض المشافي، ومن ثمّ ألغي القانون عام 2010 بعد أن تم تجميدها عام 1986.
منذ صدور المرسوم التشريعي 43 لعام 2005 القاضي بالترخيص لشركات التأمين في القطاع الخاص، والترخيص لشركات إدارة النفقات الصحية، وبداية تطبيق التأمين الصحي على العاملين في القطاع الدولة، بدأت معاناة العمال المؤمَّن عليهم لدى هذه الشركات نظراً لعدم تغطية الكثير من الأمراض، واعتبار المؤمَّن عليهم مرضى من درجة متدنّية من قبل الكثير من الأطباء والصيادلة والمشافي أيضاً. هذا عدا عن اضطرار المؤمَّن عليهم للانتظار فترات طويلة في العيادات والصيدليات، ريثما يتم الاتصال مع الشركة المؤمَّن لديها وأخذ الموافقة. ومِن أهمّ المشاكل التي تحدث بين الطبيب والمؤمَّن عليه الفروقُ بين التعرفة التأمينيّة والتعرفة الطبّية ممّا انعكس على تقديم الخدمة للمؤمَّن عليه بالتأمين الصحّي. وكذلك هناك العديد من الأمراض المزمنة وغيرها مستثناةٌ من بوليصة التأمين الصحي بحسب كل عقد، ومحدودية التغطية ضمن بوليصة التأمين الصحي للمؤمَّن عليه. وقد بُحَّ صوتُ العمّال من خلال مؤتمراتهم النقابية وهم يشكون ويعبّرون عن سوء خدمات شركات التأمين الصحي ويطالبون بتحسين أدائها وحتى المطالبة بإلغائها إذا لم تُحسّن من أدائها.
من المعروف أنّ تأمين الرعاية الصحية في العديد من دول العالم تواجه بعض الصعوبات، والأبرز فيها ارتفاع تكاليف العلاج المختلفة، وبالتالي تعمل معظم هذه الدول على تمويل الخدمات الصحية والمحافظة على جودتها وتسعى دائماً لتطويرها وتحسين جودتها لأن التأمين الصحي يعتبر الخيار الأصح، وهو يعتبر أحد أشكال التكافل الاجتماعي بين الأفراد والدولة بحيث يؤمِّن جزءاً من العدالة الاجتماعية بين المواطنين من خلال تأمين الاحتياجات الطبية لأكبر شريحة في المجتمع، حيث يتميّز بانخفاض أسعار بوليصة التأمين بما يتناسب مع المستوى المتوسط للمعيشة هناك، وشموله لكل الخدمات الصحية الأساسية. وفي بعض الدول يشمل العمال الوافدين، كما يمكن لأصحاب الإقامات الاستفادة من هذا النظام.
يعاني التأمين الصحي في بلادنا ما يعنيه لاعتباره استثماراً الغاية منه الربح والربح فقط، ولو كان ذلك على حساب صحة المؤمَّن عليهم. وقد ساهم في ذلك تشتّت الأنظمة التأمينية في سورية وغياب الرؤية الشاملة، ودخول شركات التأمين الخاصة، ووجود أشكال مختلفة من نماذج الضمان الصحّي المقدَّمة للعاملين في الدولة أو القطاع الخاص. إنّ التأمين الصحي يجب تطويره من حيث توفير المستلزمات الطبّية وتحديد أجور وأسعار الأطباء وتوفير الأدوية اللازمة بأسعار مقبولة، من خلال تشريع واضح يتولّى مسألة التأمين الصحّي، والعمل على تأمين المتقاعدين والأسرة بما يحدّ من سوء استخدام بطاقة التأمين، وإعادة الثقة المفقودة حتى لا يبقى الجميع موضع اتّهامٍ مِن حامل البطاقة التأمينية ومقدِّم الخدمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1185