صلب العمل النقابي

صلب العمل النقابي

تمر النقابات العمالية بحالة من الوهن الذي ترزح تحته، مما يضعف دورها ويحد من قوة تأثيرها، من أجل تحقيق مصالح العمال وحصولهم على حقوقهم المشروعة في الدستور والشرائع الدولية العمالية، وبالأخص منه الأجر العادل ومن أهم ما تعانيه ضعف العضوية المتمثلة بقلة الانتساب إليها وخاصة عمال القطاع الخاص، وضعف مستوى أداء الكادر النقابي على كل المستويات في الهرم النقابي

، ويعود ذلك إلى العديد من العوامل والأسباب التي كنا قد أشرنا إليها منذ أكثر من دورة النقابية سابقة، والتي تحتاج وقفة حقيقية، من أجل العمل على علاجها، وهنا لا بد من الإشارة إلى ضعف الوعى العام بأهمية التنظيم النقابي وفقدان التوجيه والتحفيز لدفع العمال إلى الانتساب للنقابات في كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية، لكي يضمنوا حقوقهم، ولاحظنا ذلك من خلال عدم قدرة القيادات على صناعة القرار النقابي وتقرير مصيرهم بمشاركة وفاعلية أكبر، بسبب هيمنة السلطات التنفيذية على النقابات في معظم المواقع النقابية، وفقدانها ذلك الكادر النقابي الجريء الذي يمتلك أدوات وسلاح العمل النقابي، وهذا ساهم بشكل أو بآخر في تفريغ فكرة التنظيم النقابي من مضمونها وأضعف العمل النقابي بالمجمل، الذي أضاع جهود وعمل الحركة النقابية السابق في تعزيز وعي المشاركة النقابية بين صفوف العمال وتمثيلهم بالنقابات وقيادتها لهم، وخلق حالة من الكفاح والنضال لخدمة العمال والحركة العمالية والنهوض بها، ونتمنى ألّا يفهم هذا بأنه اتهام أو تشكيك بالكوادر النقابية المنتخبة، بل الهدف منه زيادة التفاعل في العمل النقابي ومشاركته في تحمل مسؤولياته اتجاه الطبقة العاملة والمجتمع. وهذا ما تمت ملاحظته من خلال المؤتمرات النقابية السنوية التي جرت في هذه الدورة النقابية. والسؤال دوماً برسم النقابات، كيف لنقابات بدون أدوات وأسلحة نضالية، أن تلعب هذا الدور النضالي، حيث لم يعُد خافياً على العمال تخلي النقابات عن مهامها ودورها وعن مسؤوليتها الكفاحية.
العمل النقابي حق كفله الدستور والقانون والشرائع الدولية لجميع العمال، والمؤتمرات السنوية محطة نضالية، لا يمكن القفز عنها في نضال الحركة النقابية، وهي تحتاج دوماً لتقييم بهدف تحسين الأداء وتطوير العمل، وليس الهدف أن نشكك بهذه المؤتمرات ونهاجم قيادتها، ولكن إذا أردتم التغيير بالعمل النقابي اهتموا بالنقابات وديمقراطيتها، ولتكون الكلمة لأعضاء المؤتمرات في اختيار أدواتهم بإرادتهم لتحسين واقعهم بعيداً عن أسلوب وطرق المذكرات والتوجيهات.
فهل تنتظر النقابات العمالية من العمال خوض معاركها الطبقية من خارج غطاء التنظيم النقابي الحالي؟ إن هذا لأمر خطير على النقابات بغض النظر عن مآلات ذلك، فأيٌّ عمل نقابي بدون خلفية طبقية تنبع من مصالح الجماهير الشعبية وعموم الكادحين وخاصة الطبقة العاملة ولا ينشد التغيير الجذري لواقع الطبقة العاملة، سوف يضيع لا محالة، لأنه سوف يصب في نهاية المطاف بمصلحة قوى النهب والفساد.
نعتقد أن هناك مسؤوليات ومهام ملقاة على عاتق كل النقابيين والقوى المؤمنة بحقوق الطبقة العاملة وأهمية دورها في بناء الوطن وإخراجه من الأزمة الوطنية، التي تعصف فيه، وهي مهام على المستوى النظري والعملي. فلا يمكن الاستمرار في نضال ضيق الأفق، المحدد ببعض الحوافز والتعويضات أو اللباس أو وجبة غذائية على الرغم من أهميتها، بل تعميم الفهم الكفاحي وامتلاك تلك الأدوات والأساليب المشروعة في داخل الحركة النقابية الذي يمكّن من ارتباط النقابات بكافة الجماهير الشعبية الكادحة والمهمشة. وفي خوض المعارك نضالية المختلفة، التي تدخل في صلب عمل واهتمامات العمل النقابي ومنها على سبيل المثال لا الحصر النضال من أجل الحصول على الحق في العيش الكريم. فالنضال النقابي ينبغي أن يعزز ويقوي التعاضد بين الجماهير العمالية الكادحة، وهو الذي سيفشل الحصار. أمامنا الواقع والتاريخ...

معلومات إضافية

العدد رقم:
1112