بصراحة ... الطبقة العاملة نهب مستمر لقوة عملها بسبب القوانين
أي قانون، أو تشريع يصدر يكون خاضعاً لمحصلة القوى الفاعلة على الأرض، وقدرة كل قوى في التعبير عن مصالحها التي يتضمنها القانون المراد إصداره، والعمل وفقه، حيث تُخضع الطبقة المهيمنة اقتصادياً، وسياسياً الطبقات الأخرى لقانونها، وإن كان يتناقض، ويتعارض مع مصالح هذه الطبقات الأساسية، وينعكس ضرراً على حقوقها فهذا الضرر الذي يحدثه القانون بمصالح الطبقات، يحرمها أيضاً من إمكانية الدفاع عنها، ويجعل المجتمع ينقسم وفقاً للمصالح المتناقضة التي يعبر عنها القانون، والتي لم يعبر عنها، أي يصبح الصراع بين الطبقات في جوهره صراعاً طبقياً حتى وإن أخذ مظاهر أخرى لا تبدو أنها واضحة لبعض أصحاب المصالح المختلفة.
الطبقة العاملة السورية قد عانت كثيراً من جملة واسعة من القوانين، والتشريعات التي صدرت منذ الاحتلال العثماني، وقانونه سيئ الصيت المسمى قانون الأشغال العثماني مروراً بالقوانين التي أصدرها المستعمر الفرنسي مستنداً إلى قانون الشغل العثماني في استمرار تحكمه، وسيطرته على الطبقة العاملة السورية الوليدة، ومنع قواها من التطور والنمو.
الطبقة العاملة السورية، التي قاومت القوانين الجائرة التي كان معمولاً بها سابقاً تواجه قوانين عمل جديده تزيد في استغلالها وشقائها حيث إن العمال قد خرجوا «من تحت الدلف إلى تحت المزراب»، بإعادة إنتاج القوانين المعبرة عن مصلحة البرجوازية المستندة إلى خبرة الرأسمالية في صياغة القوانين الناظمة للعلاقة بين أرباب العمل والعمال، والتي في جوهرها ترسيخ لنهب قوة العمل، وتحقيق أقصى ربح يمكن تحقيقه بغض النظر عن النتائج المحتملة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية التي تنشأ من عمليات النهب والاستغلال الذي يتم تكريسه في قوانين العمل.
التجربة السابقة للحركة النقابية لعبت دوراً مهماً في تنظيم العمال في حركة نقابية واحدة موحدة جعلت منها قوة أساسية لا يمكن القفز عنها، وتجاوز مصالحها، وهذا ما لم يتم لحظه في قوانين العمل اللاحقة التي صدرت في عهد الوحدة، وما بعدها، ليكتشف العمال مع مرور الوقت أنهم يخسرون حقوقهم، ومكتسباتهم تباعاً، خاصةً مع تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، وتطبيق السياسات الليبرالية، وتعليمات المؤسسات المالية الرأسمالية، ولم تستطع الحركة النقابية إلى حد بعيد مواجهة هذه السياسات ونتائجها الكارثية على الطبقة العاملة، والاقتصاد الوطني برمته.
إن التغييرات السياسية القادمة المترافقة مع موقف شعبي مقتنع بضرورة التغيير، يجعل الإمكانية أكبر أمام الطبقة العاملة، وحركتها النقابية، لأخذ زمام المبادرة من أجل انتزاع استقلاليتها التامة في اتخاذ قراراتها وصياغة برامجها المعبرة عن مصالح من تمثلهم، وفي مقدمة ذلك تغيير قوانين العمل التي أضرت بحقوق العمال، وصياغة قانون انتخابي عمالي يؤمن وصول المناضلين العماليين بعيداً عن التدخلات من أية جهة كانت.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1112