الأجور تسبب شللاً حكومياً
تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي خبر إغلاق مشفى السلمية أبوابه بسبب رفض الأطباء العمل لشح الأجور وانعدام الدواء وصعوبة في تأمين مستلزمات المشفى مع تعتيم إعلامي حكومي كامل على الخبر وكأن الحدث في بلد آخر.
ما يثير الانتباه بالخبر أكثر هو رفض الأطباء العمل بسبب شح الأجور ومن المعروف أن مرفق الصحة من المرافق الحكومية الهامة والضرورية والتي يجب المحافظة عليها ودعمها باستمرار نظراً لوظيفتها الهامة في المجتمع خاصة المشافي والمراكز الحكومية التي باتت ملجأ للكثيرين بسبب ارتفاع تكاليف العلاج في المشافي الخاصة.
رفضُ الأطباءِ العمل بسبب شح الأجور هو إضراب واحتجاج واضح على سياسة الأجور الحالية، وإذا استمرت هذه السياسة التطفيشية للعمال والكوادر في المرافق الحكومية كالصحة والتعليم سيؤدي ذلك إلى توقف جهاز الدولة عن تقديم خدماته، وسيؤدي إلى توقف كامل في البلد وشلل عام، خاصة وأن كافة عمال القطاع العام وفي شتى المرافق أجورهم متدنية جداً لا تسد سوى 2% من مستوى المعيشة.
التوقف أو الشلل ليس نتيجة لممارسة العاملين بأجر حقهم الدستوري بالإضراب، بل التوقف والشلل هو نتيجة متوقعة وطبيعية للسياسات الاقتصادية الحكومية الليبرالية، والتي تعتمد على تجميد الأجور ورفع الدعم وتحرير الأسعار، فكما أصيبت الأسواق بالسكتة وتكدست البضائع وأغلقت أغلب المنشآت التجارية نتيجة قلة الاستهلاك الذي وصل إلى أدنى مستوياته بسبب ضعف الأجور والرواتب، ها هي السكتة تصل إلى المرافق العامة وتصيبها بالشلل.
والمؤسسات الحكومية تعاني من نقص كبير بالعمالة نتيجة لعزوف المواطنين وخاصة الشباب عن التقدم للمسابقات الحكومية بسبب هزالة الأجور والرواتب.
ومع ذلك ما زالت الحكومة لا ترى مشكلة في المستوى المتدني جداً للأجور والرواتب وتحاول دائماً التعمية على هذه القضية المركزية والهامة وكأن المجتمع في وئام تام والحالة المعيشية للمواطن السوري لم تتراجع وعلاقات العمل بين طرفي العلاقة الإنتاجية (العامل ورب العمل) علاقة إنسانية وأبوية لا يشوبها أي صراع كما تحبذ الحكومة تسميتها، كيف لا ونقابات العمال غارقة في شهر عسل دائم مع الحكومة لا ينتهي، ومع كل المطالبات بضرورة زيادة الأجور لم ترَ الحكومة داعياً لهذه الزيادة، بل اعتمدت على إصدار قرارات لتطبيق نظام حوافز نموذجي من خلال زيادة متممات الأجور وكأن الحوافز ستنشل العاملين بأجر من الفقر وهم بحاجة ضرورية وسريعة إلى زيادة عشرة أضعاف على أجورهم الحقيقية على الأقل ولكن ودائماً يصطدم العمال بالحجج الحكومية الجاهزة لعدم زيادة الأجور بمقولة عدم توافر الموارد، والمؤامرة كونية علينا وعليكم الصبر والتحمل والتحلي بالروح الوطنية، وكأن العمال ليس لهم حق في الثروة التي ينتجونها والتي تراكم أرباحاً هائلة في الضفة الأخرى.
على ما يبدو إن من يخطط ويصرّ على المضي قدماً في سياسة الأجور الحالية يريد إيصالنا إلى هذه النقطة، لحظة شلل وتوقف المرافق العامة وعجز جهاز الدولة عن أداء دوره، ومن خلال ملاحظة القرارات الاقتصادية التي اتخذت خلال الفترة القصيرة الماضية يبدو أن السياسات الليبرالية ستتسارع أكثر فأكثر وكأن من يقرها يسابق الوقت قبل الحل السياسي للأزمة السورية والتي بدأت ترتسم ملامحه.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1085