هل سيفرض عمال كوريا مطالبهم على الحكومة؟
محمد الفراتي محمد الفراتي

هل سيفرض عمال كوريا مطالبهم على الحكومة؟

المعركة الطبقية في كوريا الجنوبية مرشحة للتصاعد خلال العام الحالي 2022 استناداً إلى الخط البياني الصاعد للحركة العمالية في كوريا الجنوبية منذ نيسان 2021، ومن ناحية أخرى استناداً إلى درجة جيدة من الوعي العمالي المتشكل بسبب خصائص الظرف الكوري.

مطالب النقابات الكورية

خاضت أكبر الاتحادات العمالية الكورية سلسلة من الإضرابات منذ نيسان 2021 من أجل أجور أعلى وحياة أفضل. وطالبت النقابات العمالية أيضاً بإلغاء العمل غير المنظم مثل العمل بدوام جزئي أو العمل المؤقت أو التعاقد بمكاسب قليلة. بالإضافة إلى توسيع نطاق حماية العمال ليشمل جميع العمال.
من ناحية أخرى تصر المنظمات العمالية على منح العمال حق إصدار القرارات الاقتصادية في أوقات الأزمات، وتأميم الصناعات الرئيسية وإضفاء الطابع الاجتماعي على الخدمات الأساسية مثل السكن والتعليم والصحة.

ذاكرة الإضراب الكبير

في كانون الأول 1996 وكانون الثاني 1997، افتتح عمال الصناعات الثقيلة الإضراب العام، وشارك فيه 34 ألف عامل في شركة هيونداي موتور للسيارات و18 ألف عامل في شركة كيا للسيارات و21 ألف عامل في شركة هيونداي لصناعة السفن الثقيلة احتجاجاً على قانون يسهل التسريح التعسفي للعمال والموظفين، ويقلص حقوق التنظيم النقابي في الشركات. وكان أكبر إضراب عمالي منظم في تاريخ كوريا الجنوبية.
أعلنت الحكومة أن جميع الإضرابات غير قانونية ونسقت الأعمال مع كاسري الإضراب وهددت النقابيين بالسجون وخاضت معركة مع العمال في الشوارع. ولكن الحركة تصاعدت بانضمام نقابات الطلاب إلى العمال الذي منعوا الشرطة من الوصول إلى قادة النقابات. فهددتهم الحكومة بقانون الأمن القومي بتهمة التواصل مع كوريا الشمالية. ولكن الإضراب تواصل واتسع حتى بلغ عدد المشاركين 600 ألف ثم 700 ألف. وأيد 75 % من العمال بأجر هذا الإضراب وحصلت حركة تضامن واسعة مع الكوريين في العالم.
انتصرت الطبقة العاملة في هذا الإضراب الذي هو الإضراب الأول الناجح منذ الحرب الكورية، وفرض العمال مطالبهم وتعديلاتهم القانونية على الحكومة. وما زالت الذاكرة النقابية الكورية تحيي ذكرى هذا الإضراب كل عام لتذكير العمال بالانتصار وتحضيرهم للانتصارات القادمة. وكانت الحكومة تعتبر اتحاد النقابات منظمة إرهابية حتى عام 1999.

كيف سارت الحركة الحالية؟

في نيسان 2021 أضرب 80 ألفاً من العمال بدعوة من النقابات ضد التعديلات الأخيرة لقانون الحد الأدنى للأجور وقانون العمل غير المنظم والأعمال غير المستقرة. وتواصلت الإضرابات الصغيرة والمتوسطة حتى الخريف حيث رفع العمال مختلف المطالب المذكورة أعلاه. وفي 20 تشرين الأول قادت النقابات إضراباً عاماً شارك فيه أكثر من 500 ألف من عمال البناء والخدمات والنقل في المدن والعمال الزراعيين في الأرياف من أجل فرض ظروف عمل أفضل للعمال غير النظاميين ورفع الحد الأدنى للأجور.
وشهدت كوريا الجنوبية حركة واسعة لعمال المدن والأرياف، وفي الإضراب الذي جرى في تشرين الثاني، شارك ما لا يقل عن 800 ألف من العمال في الإضراب من أجل الضغط على الحكومة. وفي كانون الأول أحيا العمال ذكرى الانتصار الكبير عام 1997 وأكدوا على مطالبهم مرة أخرى. وصادفت هذه الفترة إجراء الانتخابات النقابية التي كانت مناسبة أخرى للمضي إلى الأمام. وفي 17 كانون الأول دعت النقابات إلى عقد المؤتمر الوطني للعمال. وبتاريخ 18 كانون الأول أحيت النقابات اليوم العالمي للمهاجرين دفاعاً عن هذه الفئة من العمال.
وفي السياق نفسه، فإن اتحاد النقابات الكوري الذي قاد الإضرابات العامة والمظاهرات المحلية يضم 1,1 مليون عامل في صفوفه، وهو أكبر الاتحادات العمالية في كوريا الجنوبية. وكانت هذه المحطات تحضيراً للحركة الأكبر والتعبئة الوطنية التي دعت إليها النقابات لجميع الناس في المدن والأرياف في نهاية كانون الثاني 2022 للتأكيد على المطالب والضغط على الحكومة في هذا المجال.

الآفاق السياسية لنضال العمال

ماذا يعني انتصار الطبقة العاملة الكورية الجنوبية في هذا الوقت بالضبط؟ يعني ذلك ازدياد وزن الطبقة العاملة السياسي في البلاد، ولم يعد الموضوع يقتصر على بعض المطالب العمالية المعتادة مثل الأجور وقانون العمل ومنع التسريح التعسفي، فإصرار النقابات على حق العمال في إصدار القرارات الاقتصادية زمن الأزمات يعني بشكل ما المطالبة بحق العمال في السلطة وكان مطلباً جزئياً مرحلياً كما هو مطروح حالياً.
من ناحية أخرى، سيعني انتصار كهذا بدء العدّ التنازلي لطرد القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية قياساً لما يجري في العالم وفي الولايات المتحدة نفسها. كما سيعطي العمال شهادة وفاة أولية لنظام الحكم الذي تشكل على يد الأمريكيين في كوريا الجنوبية بعد الحرب الكورية في الخمسينات من القرن الماضي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1051
آخر تعديل على الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 23:12